بين موقف المسلم من التوراة والانجيل
موقف المسلم من الكتب السماوية السابقة:
وإذا تأملنا نصوص القرآن والسنة كي نقف على ركائز الموقف الصحيح الذي يجب أن يعتقده المسلم تجاه الكتب السماوية السابقة على نزول القرآن الكريم – ونعني بذلك في المقام الأول التوراة والإنجيل لأنهما الكتابان الموجودان حتى يومنا هذا على ما أصابهما من التحريف والتبديل - فيمكننا أن نخلص بالأمور التالية:
1- يجب على المؤمن أن يصدق تصديقا جازما بهذين الكتابين وبسائر ما أنزل الله على رسله من كتب ورسالات، معتقدا أنها – بصورتها الصحيحة قبل أن تلحقها أيدي المحرفين والمبدلين - وحي الله وكلامه، وأنها نزلت نورا وهدى للناس كي تـخرجهم من الظلمات إلى النور، وأنها تضمنت المعتقد الصحيح عن الله ورسله واليوم الآخر وغير ذلك من أصول الاعتقاد وإخلاص العبادة الله وحده وتنزيهه عن النقائص والمعائب وكل ما يخل بكماله وجلاله.
2- ويؤمن المسلم أيضا بأن كتب الله ورسالاته – في صورتها الصحيحة قبل التحريف والتبديل – يصدق بعضها بعضا ولا تـختلف أو تتعارض في أي أصل من أصول الاعتقاد ومكارم الأخلاق وكليات الدين وجانب الإخبار عن الحوادث السابقة أو اللاحقة.
وقد وصف الله القرآن بأنه نزل مصدقا لما بين يديه من الكتب السابقة وجعل ذلك حجة على من كفر من أهل الكتاب بالقرآن إذ كيف يكفرون بكتاب نزل مصدقا لما عندهم من الحق،
3- وقد أمر الله سبحانه الأقوام الذين أرسلت إليهم الكتب السماوية السابقة بطاعة رسلهم، والحكم بما أنزل الله عليهم في تلك الكتب من أوامر وتشريعات وتكرر أمر الرسل لأقوامهم بعبادة الله وتقواه وطاعة الرسل
4- لكن من المهم أن نعلم أن وجوب اتباع كل كتاب من الكتاب السابقة والعمل بما تضمنه من أحكام يظل مستمرا حتى يأتي كتاب آخر ينسخ الكتاب السابق جملة أو ينسخ بعض ما فيه من أحكام، وبنزول كتاب الله الخاتم ورسالته الأخيرة إلى أهل الأرض - القرآن الكريم - نسخت الكتب والشرائع السابقة كلها، وجاء هذا الكتاب مهيمنا على كل ما تقدمه من الكتب
وبذلك تعين على كل من بلغه القرآن وسمع بدعوة المصطفى ^أن يتبع القرآن ويعمل بما فيه وإلا فالنار عاقبته وهو من الخاسرين وقال النبي ^: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ــ أي أمة الدعوة وهم البشرية كلها ــ يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار»([115]) وثبت أن عمر بن الخطاب أتى النبي ^ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه النبي ^ فغضب فقال: «أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى ^ كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني»([116]).
أما من آمن بنبيه الذي أرسل إليه ثم آمن بالنبي ^ حينما سمع بدعوته فله أجران كما قال ^ في خطابه لهرقل عظيم الروم: «أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين»([117]) وقال أيضا: «ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد ^ والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران» ثم قال عامر أعطيناكها بغير شيء قد كان يركب فيما دونها إلى المدينة([118]).
5- وأخيرا فإن على المسلم أن يجزم بأن القرآن هو كتاب الله الوحيد المحفوظ حفظا تاما والموجود بين أيدينا الآن أما سائر الكتب السماوية الأخرى فإما أنها فقدت بالكلية ولم يصلنا منها شيء – باستثناء ما ذكره القرآن عنها – كصحف إبراهيم وإما أنها وصلت إلينا لكن أيدي التحريف والتزوير والتبديل قد امتدت إليها بحيث صارت مختلفة تماما عن الصورة الأولى التي كانت عليها.
وهناك الكثير من الدراسات التي كتبها باحثون مسلمون وغير مسلمين - حتى من اليهود والنصارى أنفسهم – في إثبات تحريف التوراة والإنجيل بما يغنينا عن الإطالة في هذا الأمر وقد أخبر الله وأخبر رسوله ^ عن تحريف اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل سواء بكتمان البعض منها أو تحريفه عن مواضعه أو اختلاق كلام أو أحكام بشرية ونسبتها إلى الله تعالى.
وثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاءوا إلى رسول الله ^ فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله ^: «ما تجدون في التوراة في شأن الرجم» فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله ^ فرجما قال عبد الله فرأيت الرجل يجنأ ــ أي ينحني ليقيها ويحميها ــ على المرأة يقيها الحجارة»([119]).
كذلك يثبت النظر المنصف في متن التوراة والإنجيل الموجودين بين أيدينا الآن أنهما تعرضا لكثير من التحريف والتبديل حيث تضمنا نصوصا يقطع كل منصف استحالة صدورها عن الله سبحانه أو عن رسله الكرام صلوات الله وسلامه عليهم نظرا لما فيها من نسبة القبائح إلى الله أو إلى رسله صلوات الله وسلامه عليهم أو اشتمالها على الخرافات والأساطير التي أثبتت حقائق العلم التجريبي وأدلة العقل والبداهة بطلانها وكذبها وتناقضها أو إيرادها لأخطاء تاريخية تتناقض مع ما ذكرته تلك الكتب نفسها في مواضع أخرى أو تتعارض مع الحقائق التاريخية الثابتة.
وأخيرا يبقى سؤال مهم ربما تطرق إلى الأذهان بعد كل ما أسلفناه من أدلة على تطرق التحريف إلى التوراة والإنجيل، وهو: أنه إذا كان التحريف في التوراة والإنجيل ثابتا ثبوتا حقيقيا لا ريب فيه بنص القرآن من جهة، وبالأدلة الحسية من جهة أخرى، فما معنى أن القرآن جاء مصدقا لما تقدمه من الكتب الإلهية؟
والجواب هو أن معنى ذلك: «أن القرآن جاء مؤيدا للحق الذي ورد فيها من عبادة الله وحده، والإيمان برسله، والتصديق بالجزاء، ورعاية الحق والعدل والتـخلق بالأخلاق الصالحة، وهو في الوقت ذاته مهيمنا عليها ومبينا ما وقع فيها من أخطاء وأغلاط وتحريف وتصحيف وتغيير وتبديل، وإذا انتفت هذه الأخطاء التي أدخلها رجال الدين على الكتب السماوية وزوروها على الناس باسم الله ظهر الحق واستبان والتقى القرآن مع التوراة والإنجيل
موقف المسلم من الكتب السماوية السابقة:
وإذا تأملنا نصوص القرآن والسنة كي نقف على ركائز الموقف الصحيح الذي يجب أن يعتقده المسلم تجاه الكتب السماوية السابقة على نزول القرآن الكريم – ونعني بذلك في المقام الأول التوراة والإنجيل لأنهما الكتابان الموجودان حتى يومنا هذا على ما أصابهما من التحريف والتبديل - فيمكننا أن نخلص بالأمور التالية:
1- يجب على المؤمن أن يصدق تصديقا جازما بهذين الكتابين وبسائر ما أنزل الله على رسله من كتب ورسالات، معتقدا أنها – بصورتها الصحيحة قبل أن تلحقها أيدي المحرفين والمبدلين - وحي الله وكلامه، وأنها نزلت نورا وهدى للناس كي تـخرجهم من الظلمات إلى النور، وأنها تضمنت المعتقد الصحيح عن الله ورسله واليوم الآخر وغير ذلك من أصول الاعتقاد وإخلاص العبادة الله وحده وتنزيهه عن النقائص والمعائب وكل ما يخل بكماله وجلاله.
2- ويؤمن المسلم أيضا بأن كتب الله ورسالاته – في صورتها الصحيحة قبل التحريف والتبديل – يصدق بعضها بعضا ولا تـختلف أو تتعارض في أي أصل من أصول الاعتقاد ومكارم الأخلاق وكليات الدين وجانب الإخبار عن الحوادث السابقة أو اللاحقة.
وقد وصف الله القرآن بأنه نزل مصدقا لما بين يديه من الكتب السابقة وجعل ذلك حجة على من كفر من أهل الكتاب بالقرآن إذ كيف يكفرون بكتاب نزل مصدقا لما عندهم من الحق،
3- وقد أمر الله سبحانه الأقوام الذين أرسلت إليهم الكتب السماوية السابقة بطاعة رسلهم، والحكم بما أنزل الله عليهم في تلك الكتب من أوامر وتشريعات وتكرر أمر الرسل لأقوامهم بعبادة الله وتقواه وطاعة الرسل
4- لكن من المهم أن نعلم أن وجوب اتباع كل كتاب من الكتاب السابقة والعمل بما تضمنه من أحكام يظل مستمرا حتى يأتي كتاب آخر ينسخ الكتاب السابق جملة أو ينسخ بعض ما فيه من أحكام، وبنزول كتاب الله الخاتم ورسالته الأخيرة إلى أهل الأرض - القرآن الكريم - نسخت الكتب والشرائع السابقة كلها، وجاء هذا الكتاب مهيمنا على كل ما تقدمه من الكتب
وبذلك تعين على كل من بلغه القرآن وسمع بدعوة المصطفى ^أن يتبع القرآن ويعمل بما فيه وإلا فالنار عاقبته وهو من الخاسرين وقال النبي ^: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ــ أي أمة الدعوة وهم البشرية كلها ــ يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار»([115]) وثبت أن عمر بن الخطاب أتى النبي ^ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه النبي ^ فغضب فقال: «أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى ^ كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني»([116]).
أما من آمن بنبيه الذي أرسل إليه ثم آمن بالنبي ^ حينما سمع بدعوته فله أجران كما قال ^ في خطابه لهرقل عظيم الروم: «أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين»([117]) وقال أيضا: «ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد ^ والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران» ثم قال عامر أعطيناكها بغير شيء قد كان يركب فيما دونها إلى المدينة([118]).
5- وأخيرا فإن على المسلم أن يجزم بأن القرآن هو كتاب الله الوحيد المحفوظ حفظا تاما والموجود بين أيدينا الآن أما سائر الكتب السماوية الأخرى فإما أنها فقدت بالكلية ولم يصلنا منها شيء – باستثناء ما ذكره القرآن عنها – كصحف إبراهيم وإما أنها وصلت إلينا لكن أيدي التحريف والتزوير والتبديل قد امتدت إليها بحيث صارت مختلفة تماما عن الصورة الأولى التي كانت عليها.
وهناك الكثير من الدراسات التي كتبها باحثون مسلمون وغير مسلمين - حتى من اليهود والنصارى أنفسهم – في إثبات تحريف التوراة والإنجيل بما يغنينا عن الإطالة في هذا الأمر وقد أخبر الله وأخبر رسوله ^ عن تحريف اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل سواء بكتمان البعض منها أو تحريفه عن مواضعه أو اختلاق كلام أو أحكام بشرية ونسبتها إلى الله تعالى.
وثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاءوا إلى رسول الله ^ فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله ^: «ما تجدون في التوراة في شأن الرجم» فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله ^ فرجما قال عبد الله فرأيت الرجل يجنأ ــ أي ينحني ليقيها ويحميها ــ على المرأة يقيها الحجارة»([119]).
كذلك يثبت النظر المنصف في متن التوراة والإنجيل الموجودين بين أيدينا الآن أنهما تعرضا لكثير من التحريف والتبديل حيث تضمنا نصوصا يقطع كل منصف استحالة صدورها عن الله سبحانه أو عن رسله الكرام صلوات الله وسلامه عليهم نظرا لما فيها من نسبة القبائح إلى الله أو إلى رسله صلوات الله وسلامه عليهم أو اشتمالها على الخرافات والأساطير التي أثبتت حقائق العلم التجريبي وأدلة العقل والبداهة بطلانها وكذبها وتناقضها أو إيرادها لأخطاء تاريخية تتناقض مع ما ذكرته تلك الكتب نفسها في مواضع أخرى أو تتعارض مع الحقائق التاريخية الثابتة.
وأخيرا يبقى سؤال مهم ربما تطرق إلى الأذهان بعد كل ما أسلفناه من أدلة على تطرق التحريف إلى التوراة والإنجيل، وهو: أنه إذا كان التحريف في التوراة والإنجيل ثابتا ثبوتا حقيقيا لا ريب فيه بنص القرآن من جهة، وبالأدلة الحسية من جهة أخرى، فما معنى أن القرآن جاء مصدقا لما تقدمه من الكتب الإلهية؟
والجواب هو أن معنى ذلك: «أن القرآن جاء مؤيدا للحق الذي ورد فيها من عبادة الله وحده، والإيمان برسله، والتصديق بالجزاء، ورعاية الحق والعدل والتـخلق بالأخلاق الصالحة، وهو في الوقت ذاته مهيمنا عليها ومبينا ما وقع فيها من أخطاء وأغلاط وتحريف وتصحيف وتغيير وتبديل، وإذا انتفت هذه الأخطاء التي أدخلها رجال الدين على الكتب السماوية وزوروها على الناس باسم الله ظهر الحق واستبان والتقى القرآن مع التوراة والإنجيل