وظائف الملائكة
استفاضت النصوص الشرعية في بيان الوظائف التي يقوم بها الملائكة عليهم السلام بأمر الله سبحانه، وهي من التنوع والكثرة، والتعلق بعالم الروح وعالم المادة، والكون والإنسان، حتى ليمكن القول بأن: «ما يشاهد من تدبير العالم العلوي والسفلي ومالا يشاهد إنما هو على أيدي الملائكة، فالرب تعالى يدبر بهم أمر العالم، وقد وكل بكل عمل من الأعمال طائفة منهم، فوكل بالشمس والقمر والنجوم والأفلاك طائفة منهم، ووكل بالقطر والسحاب طائفة، ووكل بالنبات طائفة، ووكل بالأجنة والحيوان طائفة، ووكل بالموت طائفة، وبحفظ بني آدم طائفة، وبإحصاء أعمالهم وكتابتها طائفة، وبالوحي طائفة، وبالجبال طائفة وبكل شأن من شئون العالم طائفة»
ولا يفهم من هذا الكلام نفي ما أثبته العلم وأقرت به العقول والحواس من وجود قوانين وأسباب يرتبط بعضها ببعض: «لأن هذه القوانين والأسباب إنما هي مخلوقات لله، والملائكة موكلة بها أيضا وموكلة برعايتها كما ترعى المخلوقات الأخرى، ولولا إرادة الله في حفظ هذه الأسباب والقوانين، ولولا قدره في تسخير الملائكة للحفاظ عليها، فإن العقل لا يستلزم أبدا بقاءها على هذه الآماد الطويلة في انتظامها وتناسقها».
وقد تكرر الإقسام بعمل الملائكة وما يقومون به من وظائف في صدر أكثر من سورة من سور القرآنية، كما سميت تلك السور بواحد من هذه الأعمال ومنها سورة الصافات وسورة المرسلات وسورة النازعات، وسوف نكتفي بالإشارة إلى نماذج من تلك الأعمال، مع ملاحظة أن الله سبحانه وكل كل طائفة من الملائكة بعمل معين.
1- وأعظم وظائف الملائكة وأجلها شأنا السفارة بين الله ورسله، والنزول بالوحي ورسالة الله إلى أهل الأرض، والملك الموكل بهذه المهمة هو أفضل الملائكة وأمين الوحي جبريل عليه السلام والذي وصف بالكثير من الأوصاف العظيمة وإضافة لنزول جبريل u بالقرآن فقد كان ينزل على النبي ^ في مواقف عدة منها تعليمه الصلاة، ومنها مدارسته القرآن، ومنها رقيته لما اشتكى، ومنها قتاله المشركين إلى جانب المصطفى ^.
2- ومن أصناف الملائكة حملة العرش، وهم ثمانية وحملة العرش دائمو التسبيح بحمد ربهم والاستغفار للمؤمنين والدعاء لهم بدخول الجنة والنجاة من النار
3- خزنة جهنم وهم الملائكة الذين وكلهم الله تعالى بحراسة جهنم والقيام عليها وتعذيب الكافرين حينما يدخلونها، وقد أخبر الله تعالى أن هؤلاء الخزنة يوبخون الكافرين على استمرارهم في الكفر بعد مجيء الرسل، ويأمرونهم بدخول جهنم التي يستحقونها لأنهم استكبروا عن الإيمان بربهم، وفي آية أخرى يخبر سبحانه أن أهل النار يطلبون من الخزنة أن يسألوا الله تـخفيف العذاب عنهم فلا يظفرون من وراء ذلك بطائل،
كذلك أخبر سبحانه أن خزنة النار غلاظ شداد ممتثلون لأمر ربهم ولا يعصونه سبحانه في أي شيء مما يأمرهم به] وأما عدد خزنة النار فهم تسعة عشر، وقد جعل الله هذا العدد فتنة للاختبار والامتحان، إذ ربما ظن الكافرون أو المنافقون ضآلة هذا العدد وقلته، مع أن الملك الواحد من القوة بحيث يكفي لإهلاك العالم بأسره،
4- خزنة الجنة وهم القائمون على أمرها واستقبال الموحدين فيها وتحيتهم بأحسن تحية
5- ملك الموت ومن معه من الملائكة الموكلين بقبض الأرواح، وقد ذكر في القرآن ملك الموت وحده تارة، وذكرت الملائكة بصيغة الجمع تارة أخرى ويجمع بين الأمرين بأن ملك الموت له أعوان يقبضون معه أرواح العباد، أو يتلقفونها منه إذا استل الروح من الجسد.
6 – الملك الموكل بالنفخ في الصور وهو إسرافيل u، وقد جاء في القرآن أن هناك نفختين في الصور، يصعق الخلق على إثر النفخة الأولى ثم يبعثون على إثر الثانيةوسمى النبي ^ إسرافيل بصاحب القرن فقال: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدْ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَاسْتَمَعَ الْإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ ^ فَقَالَ لَهُمْ قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا»([110]).
7- الملائكة الموكلون بالظواهر الكونية المختلفة مثل تدبير أمر المطر والرياح والسحاب والنبات والجبال وسائر أمور الكون، وقد تكرر ذكرهم في القرآن على سبيل الإجمال في مطلع سورة الصافات والمرسلات والنازعات.