ملاحظات على المرابحة الداخلية كما يجريها البنك الإسلامي الأردني



أهم الصعوبات التي تواجه البنك الإسلامي
أولاً: ملاحظات على المرابحة الداخلية كما يجريها البنك الإسلامي الأردني
من خلال متابعة عمليات المرابحة الداخلية ميدانياً، كانت هناك عدة ملاحظات، يمكن البنك الإسلامي الأردني أخذها بعين الاعتبار حتى تكون عملياته في الميدان متمشية مع الشريعة الإسلامية،وأهم هذه الملاحظات:
1: مخالفة البنك الإسلامي الأردني لشروط المرابحة([i]) وبخاصة البند (8) :
حيث إن المرابحة بيع بالثمن مع زيادة في الربح، والبنك الإسلامي الأردني يأخذ عربوناً من العميل بنسبة معينة، حيث يدفع العميل مبلغاً من المال، والبنك يأخذ ربحه على أساس المبلغ المتبقي في ذمة العميل، والأصل في بيع المرابحة يكون الربح فيه على أساس إجمالي التكاليف بغض النظر عن دفع دفعة أولى .
  وهذا يُخرج المرابحة كما يجريها البنك الإسلامي الأردني  من دائرة المرابحة المعلومة في الفقه الإسلامي التي أباحها الشرع. ([ii])
وقد ذكر عبد اللطيف بن عبد الله في بيانه لبيع المرابحة :".... على أن لا يدفع مالاً مقدماً للمصرف لقاء شراء تلك السلعة، أو يدفع جزءاً من المبلغ،على أن يدفع إلى المصرف كامل قيمة شراء  السلعة بعد انتهاء المدة المحددة مضافاً إليه أجراً معيناً مقابل قيام المصرف بهذا العمل ...". ([iii])
وبهذا لا يجوز للبنك الإسلامي أخذ أي مبلغ مقدماً، إذا أراد أن يكون العقد عقداً شرعياً .
2: عدم تحمل البنك الإسلامي الأردني المسؤولية الكاملة تجاه البضاعة في كثير من الأحيان .
إن البنك  الإسلامي الأردني لا يتحمل أية مسؤولية تجاه البضاعة التي يشتريها على حساب الآمر بالشراء،في كثير من الأحيان، ويظهر ذلك جلياً من خلال دراسة عقد المرابحة، فقد جاء فيه ما نصه( العقد القديم ) : ( يقر الفريق الثاني ـ الآمر بالشراء، أنه قد كلف الفريق الأول ـ البنك ـ أن يشتري لـه، ولحسابه، وعلى مسؤوليته البضاعة المبينة أدناه ….)    ورغم تعديل هذه الفقرة  في العقد الجديد إلى: 0 يقر الفريق الثاني أنه قد طلب من الفريق الأول أن يشتري البضاعة المبينة أدناه ليبيعها لـه بالمرابحة  بعد تملك الفريق الأول لها ) ولكن الأمر صوري فقط .ـ ومع الأسف الشديد إن بعض موظفي البنك الإسلامي الأردني يتكتمون عن إظهار عقوده، حتى للباحثين، إلا بشق الأنفس إن حصل ذلك  ـ حيث إن البنك لا يتملك البضاعة تملكاً فعلياً قبل توقيع  العقد الأول، وربما يُحمِّل البنك المشتري تكاليف يجب أن يتحملها البنك قبل العقد الأول،لأن البنك لا يدفع من حقيبته شيئاً  ، إلا ثمن البضاعة ؛ومن ذلك أن البنك يتبع أسلوباً في بيع السيارات حيث يُحمِّل المشتري تكاليف نقل الملكية مرتين عند الشراء من المالك الأصلي وعند نقل الملكية للمشتري،فهذه العملية تعطي الباحث شبهة حول بيع المرابحة، وحقيقة التملك  .
فهذا الأمر مخالف للقاعدة الشرعية التي تنص على أن " الخراج بالضمان " "والغرم بالغنم" ([iv])، حيث إن مسؤولية البنك تنحصر فقط في إتمام إجراءات العقد بكل شروطه وضماناته، بغض النظر عن حالة البضاعة المشتراة، حتى أنه لو تبين مستقبلاً، ولو بعد مدة وجيزة عيب في البضاعة المشتراة من قبل البنك ـ كعيب في سيارة اشتراها البنك لعميلٍ، مرابحة ـ فإن البنك لا يتحمل أية مسؤولية، ولو أراد المشتري إرجاع السيارة بسبب العيب لرفض البنك ذلك، ولأجبره على إتمام العقد، مع كامل المبالغ المطلوبة منه، لأنه يعتمد على تقرير من مختص أو مختصين، وربما يكون ذلك مخالفاً للواقع، وهذا ما حدث مع بعض العملاء المعروفين من خلال الاستقصاء الميداني ([v]) .
إن عمل البنك الإسلامي الأردني مناف أيضاً لما جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الخامس في الكويت عام 1988 م، حيث جاء في البند التالي:
أولا : ( أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعاً، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعه الرد الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه )([vi]) .
وتظهر عدم مسؤولية البنك تجاه العميل في حالة عدم قيام المالك الأصلي بتنفيذ تسليم البضاعة، أو السيارة، قبل توقيع العقد معه، وبعد توقيع العقد مع العميل، لما استطاع البنك إتمام العملية ودون أية مسؤولية .فيجب على البنك تحمل المسؤولية كاملة، تجاه البضاعة وتجاه توفيرها للعميل.
ورغم ذلك فالبنك يعمل بكل وسائله ليضمن حقه، من ذلك ما جاء في عقد المرابحة للآمر بالشراء،(7- يدفع الفريق الثاني للفريق الأول مقدماً وعند تكليفه بشراء البضاعة وفتح الاعتماد مبلغاً بنسبة (-) بالمائة ليكون بمثابة تأمين نقدي ولضمان إتمام الصفقة في الموعد المحدد، ومن حق الفريق الأول (البنك) أن يقتطع من هذا التأمين ما يتحقق لـه تجاه الفريق الثاني (الآمر بالشراء) من مطالب ناشئة عن شروط هذا العقد، وذلك دون حاجة إلى إنذار أو تنبيه أو مراجعة قضائية )([vii]) .وأكرر هذا مخالف للبند (8) من شروط بيع المرابحة .
وهذا يؤكد أن عملية البيع ليست عمليتين منفصلتين بل هما عملية واحدة، وواقع عقد بيع المرابحة في البنك الإسلامي الأردني يؤكد ذلك لاعتماده على عقد للمواعدة والمرابحة بشكل صوري، ولترتب الشراء على قيام الوعد الملزم وبالضمانات الكافية، والمعجزة - أحيانا - للعملاء، ومن ذلك وجود كفلاء لهم رواتب محولة للبنك، وهذا يعني أن العملية مضمونة الربح، ودون أية مسؤولية .
ولحفظ حقوقه قد أحدث البنك الإسلامي الأردني عام 1994م ما يسمى صندوق التأمين التبادلي لمديني البنك، وفي الحقيقة هو تأمين  لحقه،حيث إن البنك يقتطع أقساطه بعد حلولها من رواتب الكفلاء، ولا ينظر إلى حال المدين .إلا في حال الوفاة أو العجز الدائم، حيث بلغ مجموع عدد هذه الحالات لعام 1999م، 129 حالة وفاة و (5) حالات عجز جسدي دائم، بلغ مجموع التعويضات المدفوعة عنها 165209 دينار  أردني، وقد بلغ رصيد الصندوق (5022274) أي أكثر من خمسة ملايين دينار أردني في نهاية عام 1999م .( [viii] )
في حين بلغ مجموع حالات التعويض عام 2002م (61) حالة بلغ مجموع التعويضات المدفوعة عنها 134.300دينار أردني، أما إجمالي عدد حالات التعويض منذ تأسيس الصندوق حتى نهاية عام 2002 م (1423 هـ) فقد بلغت (451) حاله، وبلغت التعويضات المدفوعة عنها حوالي (872) ألف دينار. وقد ارتفع رصيد الصندوق إلى 8،5 مليون ديناراً أردنياً .([ix])
سؤال يطرح نفسه لصالح مَنْ هذا الرصيد ؟ وإذا استثمر لصالح مَنْ الأرباح ؟ الجواب الصريح: لصالح البنك الإسلامي الأردني، لتأمين أمواله أولاًَ وآخراً.والواجب أن تستثمر الأموال لصالح العملاء،وأن لا يتمادى البنك في زيادة هذه الأرصدة المثيرة للشبهات،وأن تعاد نسبة من الأموال التي تؤخذ من كل عميل حال الانتهاء من تسديد أقساطه،بحسب ما بقي بعد التعويضات المدفوعة.هذه هي البنوك، إسلامية كانت أم غير إسلامية.

[i]) ارجع لشروط المرابحة في البحث .
[ii]) عيد،51 ـ 52.
[iii])  العبد اللطيف ،128.
[iv])  الندوي ، 369 ، 374.
[v])  يمكن العميل مقاضاة البائع والرد بخيار العيب ، إذا لم يكن على علم بالعيب وقت عقد العقد.
[vi])  مقررات محمع الفقه الإسلامي (جده) في مؤتمره الخامس بالكويت الذي عقد من 1 ـ 6/5/1409هـ الموافق من 10 ـ 15/ 12/ 1988م ، قرار رقم 2،3.
[vii])  راجع عقد المرابحة المعمول به في البنك الإسلامي الأردني ، ص 2.
[viii])  البنك الإسلامي الأردني، التقرير السنوي الحادي والعشرون ، 1420هـ  ـ 1999م ،
ص 28 ، 78.
[ix]) البنك الإسلامي الأردني، التقرير السنوي الرابع والعشرون 1423هـ / 2002م ، ص 23 .

أحدث أقدم