هل كل تكليف لايعلمه المكلف يسقط عنه ؟
الكلام هنا محل تفصيل وهنا ياتي موضوع التكليف بحال الجهل فهل الجاهل مكلف ؟ الحقيقه ان موضوع الجهل محل تفصيل فعندنا التكاليف التي يحصل الجهل بها على اربعة انواع :
اولها : الجهل بالله عزوجل وإنكار وجوده أوقدرته أو صفاته الثابتة بالنصوص القطعية وما يجب له من العبادة فهذا لايعذر به الإنسان بعد علمه بإرسال الرسل إلى الخلق وإنما قبله يعذر لدليل وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا وقوله تعالى ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا  الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا )
وايضا قوله تعالى (فذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم ) فهذه الآيات تدل على أن ظنهم السيء لن يعفهم من العقوبة وأن الله قد أرسل الرسل إلى الخلق قل تعالى: ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير)
وقد غرس الله الايمان بوجود الخالق في فطرة الانسان والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (كل مولود يولد على الفطرة ) وبدلالة قوله تعالى ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )

وقد اعطى الله لكل إنسان عقل يتفكر فيه في خلق الله فيستدل به عليه فإذا سمع عن الإسلام ومايأمر به وماينهى عنه وجب علية أن ينظر فيه فإذا نظر في دين الإسلام بعقل متجرد عن الهوى اهتدى إلى أنه الدين الحق وقد قال عليه صلاة والسلام والذي نفس محمد بيده لايسمع بي احد من هذه الأمة ولايهوديا ولانصرانيا ثم لايؤمن بي الا أدخله الله النار ) فإذا تفكر عرف أنه الحق وإن أعرض كان مقصرا ملوما مستحقا للعقاب على تقصيره فلا نقول هنا أن الجهل عذر .

النوع الثاني :الجهل بماهو معلوم من الدين بالضروره مثل الجهل بوجوب الصلاة والزكاة وحرمة الربا والزنا فهذا لايعذر به أحدا ممن عاش بين المسلمين لأن إما جهله يكون ناشئا عن تقصير وتفريط أو أن يكون ناشئا عن دعوى كاذبه فيدعي الجهل  وهويعلم فلا يكون الجهل عذرا لشخص نشأ بين المسلمين ، أما حديث العهد بالإسلام فسيأتي الكلام عنه في القسم الرابع .
النوع الثالث :الجهل في مواضع الإجتهاد والإشتباه مثل حرمة بعض أنواع البيوع وبعض الأحوال العارضه للإنسان في صلاته أو حجه فهذا النوع يسٍقط عن الجاهل اللوم والذم والعقاب ولكنه يلزمه إستدراك مافعله على غير الصفة الصحيحه إذا امكن ذلك من غير مشقة خارجه عن المعتاد .

النوع الرابع :الجهل بالحديث العهد في الاسلام اومن عاش حياته في بلاد غير الاسلام فهذا جهله يعد عذرا مسقط له عن المآخده الاخرويه ولكنه يلزمه في هذه الحالة استدراك مافاته إذا امكن استدراكه كالجاهل بالغسل من الجنابة وحرمة الاخت من الرضاعة فهذا يعد الجهل به عذر مسقط له عن التكليف ولكنه بعد علمه يلزمه الاستدراك وماهوعليه من الجهل هذه احوال الجهل بالتكاليف الشرعية فهذا النوع الذي قلنا انه عاش في بلاد غير الاسلام أو عاش في الاسلام ولكنه عنده مسائل في الاسلام دقيقه لم تتضح له فمثل هذا يعذر بجهله ولايلحقه اثم ولكن يجب عليه استدراك مافاته إذا علم بحكم الله عز وجل ومن العلماء من يرى ان الجاهل إذا فاته شي لايلزمه استدراك مافاته الااذا كان ذلك في حقوق الادميين لأنه لايسقط حق الغير كما ذكر العلماء قاعدة في هذا المقام ( أن الإضطرار لا يبطل حق الغير )مثلا من وجد حطبا مجموع في برية فاحرقة ثم تبين له ان له مالك وطالبه به فيلزمه ضمان قيمته 
اذاَ الجهل يسقط الأمور التي سبق أن قام بها بحال الجهل به ويجب أن يستدرك ماقام به في حال الجهل من المأمورات وهذا الذي نرجح في هذا المقام إلا إذا كان الإستدراك يترتب عليه مشقة مثلا شخص صلى اكثر عمره وهويمسح على خف لا يلبسه على طهاره وهوجاهل فهل يعيد بهذه الحال ؟ هذه مشقه عظيمه عليه فتسقط عنه المطالبة في الدنيا وأمره إلى الله تعالى في الآخرة .
أحدث أقدم