هل إذا كان الشخص جاهلا بهذا الأمر يكون الجهل عذرا مانع للتكليف عنه ؟
نقول الجهل فيه تفصيل في هذا المقام ولذلك فإن حقيقة الذي يترجح في جانب النسيان أيضاً يترجح في جانب الجهل فنحن قلنا في جانب النسيان أن النسيان يعد عذرا مسقطا للمنهيات إذا إرتكب الشخص شئ منهيا عنه نسيانا فإنه يكون معذور لأن النسيان يجعل الموجود معدوما ولكنه لايجعل المعدوم موجود وكذلك الجهل يجعل الموجود معدوما بمعنى لو إرتكب شخص منهيا عنه كان موجودا ولكن الجهل جعلة معدوما ويلزم
عليه الاستدراك إلا إذا ترتب عليه مشقه عظيمة

الجهل لايخلو من حالتين :
الحالة الاولى :
جهل بالاعيان التي يرتبط بها الأمر الشرعي: فهذه لوجهلها المكلف وفعلها  فإنه يجعله بحكم المعدو م لأن
الله تعالى إذا أمرنا بأمر كان ذلك الأمر مشروط بالقدرة عليها لدليل قوله صلى الله علي وسلم ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مااستطعتم ) فما عجزنا عن معرفته وجهلناه فإنه يسقط عنا ويكون بحكم المعدوم ومثال ذلك:
أن الملتقط إذا جهل صاحب اللقطه فإنه يجوز له أن يتملكها بعد تعريفها حولا كاملا أي سنة كاملة وما لا يتملك منها يتصدق به
وصاحب اللقطه هنا وإن كان موجودا إلا أننا نعده معدوما لأننا نجهله فإذا قلنا أننا نبحث عنه ففي ذلك مشقه عظيمه وكذلك من الأمثلة لو مات شخص وجهل وارثه فإن مال هذا الشخص يصرف في مصالح المسلمين لأن وارثه معدوما والجهل يجعل الشئ الموجود معدوما بهذا الجانب.
الحاله الثانية :
الجهل بالتصرف المنهي عنه والوقوع فيه بناءا على هذا الجهل: فإن في هذه الحالة يأتي 
الكلام السابق إذا كان منهي عنه فإن الجهل يجعل الموجود كالمعدوم وإن كان مأمور به فإن الجهل لايجعله معدوما بل إننا نطالب هذا الشخص بإيجاد هذا المأمور به وإستدراكه إلا إذا ترتب على ذلك مشقه عظيمه ،
40


36


وماترجح لدينا في النسيان في جانب المنهيات يترجح لدينا في الجهل بجانب المنهيات بأن نقيد الجهل بأن يكون الوقوع في فعل المنهي عنه
مما يمكن تلافيه بالإلتفاف عنه بحيث لايكون هذالفعل إتلافا أو متضمنا معنى الإتلاف وأن لا يكون الجهل بالشئ حاصلا مع التمكن من العلم به أي مع إمكان دفع الجهل وأن لايكون المنهي عنه جهلا متعلقا بإتلاف حق من حقوق العباد فإن الجهل حينئذغير مؤثر في هذا المقام بل يجب على الشخص ضمان ما حصل من إتلاف فحصل من ذلك أن الجهل مؤثر مثل النسيان تماما في جانب التصرفات يؤثر في جعل الشئ الموجودالمقصود من المنهيات كالمعدوم أي كأن لم يكن والشخص في هذه الحالة غير مكلف بهذا المنهي عنه وغير مستحق للإثم 
وأما المأمورات فلايؤثر الجهل بجعل المعدوم موجود فنقول أن الجهل هنا لايؤثر وعلى الشخص الجاهل أن يأتي بالمأمور به و يستدركه غير آثم بهذا الحالة ولا يستحق الإثم بجهله ولكن عليه أن يستدركه إلا إذا ترتب عليه مشقة عظيمه فلا يلزم استدراكه .
هذا مايتعلق بالشرط التاسع والأخير وبه نختم شروط المكلف وهو العلم بالتكليف والكلام سيأتي في الحلقة القادمه عن شروط الفعل المكلف به

وبهذه الحلقة نختم الكلام على موضوع التكليف وقد تكلمنا في حلقات سابقة عن شروط التكليف المتعلقة بالمكلف وفي هذه الحلقة سيكون كلامنا عن شروط التكليف المتعلقة بالفعل المكلف به
أحدث أقدم