هل يفسد الفعل ويبطل أو لا يفسد إذا فعل الإنسان فعلا ً واشتمل على صفة ٍ محرمة ؟
 هذا سيأتي الكلام عنه إن شاء الله تعالى في أقسام الحرام فإن كان محرما ً لذاته ارتكب فعلا ً محرما ً لذاته فهذا باطل فيجعل كأنه لم يكن مثل الإشراك بالله عز وجل فإنه يبطل الأعمال ويحبط الثواب ولهذا قال العلماء لا تثبت حرمة المصاهرة بالزنا لأن الزنا حرام محض فلم يصلح سببا ً لحكم شرعي والعلماء متفقون على ذلك إلا أن الحنفية أثبتوا حرمة المصاهرة بالزنا لحقيقة الوطء وقالوا إنما أثبتناه بسبب الولد ضرورة ً أما لو كان الحرمة ُ في الفعل لأمر خارج ٍ عنه كما في أنواع الحرام لغيره فإنها لا تبطل العمل عند الجمهور خلافا ً للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فإنه يبطل العمل في هذه الحالة ومثلوا لهذا بمسألة الصلاة في الأرض أو الدار المغصوبة فإن الصلاة َ فيها صحيحة ٌ مجزئةٌ عند الجمهور وفاسدة ٌ باطلة ٌ عند الإمام أحمد مع اتفاق الطرفين على ملازمة الإثم فيها بسبب الغصب .
وسيأتي الكلام إن شاء الله تعالى على هذه المسألة وهي مسألة الصلاة في الدار المغصوبة وتفصيل الكلام فيها وهنا ننبه إلى أن بعض العلماء ادعى الإجماع على إجزاء الصلاة في الأرض المغصوبة حتى قال الغزالي (خلاف أحمد لا يقدح الإجماع بل الإجماع السالف حجة ٌ عليه لأن العلماء لم يأمروا بقضاء الصلوات مع كثرة وقوعها ولو أمروا به لانتشر هذا الأمر( .
ابن قدامة رد على الغزالي في هذا ردا ً شديدا ً فقال : (وقد غلط من زعم أن في هذه المسألة وهي إجزاء الصلاة في الأرض المغصوبة إجماعا ً لأن السلف لم يكونوا يأمرون من تاب من الظلمةِ ِبقضاء الصلاة في أماكن الغصب إذ هذا جهل بحقيقة الإجماع فإن حقيقته الاتفاق من علماء أهل العصر وعدم النقل عنهم ليس بنقل للاتفاق ولو نقل عنهم أنهم سكتوا فيحتاج إلى أنه اشتهر بينهم كلهم القول بنفي وجوب القضاء فلم ينكروه فيكون حينئذ ٍ فيه اختلاف ٌ هل هو حجة ٌ أم لا هذا إذا كان من قبيل الإجماع السكوتي ) .

الحقيقة عندما نتأمل الكلام في هذه المسألة نجد أن الحق هو انعدام الإجماع في هذه المسألة فليس هناك إجماع في هذه المسألة في واقعه وما يفهم عن الإمام أحمد رحمه الله المخالف فقط في هذه المسألة ليس صحيحا ً على إطلاقه فقد ذكر الزركشي عددا من العلماء قالوا بما قال به الإمام أحمد بقوله بعدم إجزاء الصلاة في الدار المغصوبة  وعدم صحة الصلاة في الأرض المغصوبة ونحو ذلك منهم مثلا ً بعض الحنفية وبعض المالكية وحكي عن بعض الشافعية وبعض المعتزلة .

Previous Post Next Post