العلاقة الإيجابية مع الغير
الصداقة مع الغير  

ما الذي يجعل الأنا يرتبط برباط الصداقة مع الغير ؟ و على أي أساس تقوم علاقة الصداقة بين الأنا و الغير القريب ؟ 

موقف أفلاطون Platon : 

يرى أفلاطون أن الصداقة هي علاقة محبة بين الأنا و الغير، و أساس هذه العلاقة هو أن الإنسان يعيش في حالة وجودية وسط بين الكمال المطلق (الخير) و النقص المطلق ( الشر). و ما دام أن من يتصف بالكمال المطلق هو في عير حاجة إلى الغير لأنه يكتفي بذاته، ومن يتصف بالنقص المطلق لا يرغب في أي نوع من الكمال، فإن من يوجد في حالة الوسط هو وحده الذي يبحث عن كماله لدى الغير عبر ربط علاقات الصداقة. و بهذا المعنى، يرى أفلاطون أن الصداقة لا تنشأ بين الشبيه و شبيهه و لا بين النقيض و نقيضه، بل تنشأ بين طرفين مختلفين لكنهما ليسا متناقضين بل متكاملين، و بالمثل فلا تنشأ الصداقة بين العارف و المعرفة و لا بينها و بين الجاهل، بل وحده الذي لا يعرف تماما و لا يجهل تماما من يكون صديق المعرفة أي فيلسوفا. و إذا كان أفلاطون يرى أن أساس الصداقة هو التكامل، فإن أرسطو يرى أن أساس الصداقة الحقيقية هو الفضيلة. 


موقف أرسطوAristote : 

يميز أرسطو بين ثلاثة أنواع من الصداقة : صداقة المنفعة، صداقة المتعة و صداقة الفضيلة. و إذا كان النوعان الأولان لا يعتبران صداقة حقيقية لكونهما يرتبطان بالمنفعة بوجه من الوجوه، فإن صداقة الفضيلة، والتي تتحقق فيها المنافع و المتع بوصفها وسائل و ليس غايات، هي الصداقة الحقيقية التي نادرا ما تقوم بين الناس، و لو أن الناس دخلوا في علاقة صداقة من أجل الفضيلة، لما احتاجوا إلى عدالة و قوانين ما دام أن العدالة نفسها لا تهدف إلا لتحقيق الفضيلة،  ولكن بما أن الواقع هو دائما واقع حروب و صراعات، فإن أرسطو ما يلبث أن يقول : " أيها الأصدقاء.. ليس ثمة أصدقاء " ! 

وقريبا من نفس هذا الموقف، سيؤسس كانط تصورا للعلاقة الأخلاقية مع الغير، يعتبر، بموجبه، الآخرون متساوين في القيمة مع الذات، و مالكين جميعا لنفس جوهر الإنسانية، و خاضعين جميعا لأمر أخلاقي صادر عن العقل العملي مفاده أن على كل إنسان احترام الإنسانية الجاثمة في غيره مثلما يحترم الإنسانية الجاثمة في نفسه. فلو أن الناس جميعا عملوا بهذا الأمر، لكانوا جميعا أصدقاء، و لزال العداء و الحروب بينهم و عم مجتمع السلام الدائم. 

أحدث أقدم