محكمة المائة الفينيقيون
ومن أجهزة لحكم في الدولة البونيقية محكمة المائة وأعضاؤها في الحقيقة مئة
وأربعة.  تنتخبهم الهيآت الخماسية التي تتركب من ابرز أعضاء مجلس الشيوخ، وأكثرهم
كفاءة، وأحسنهم ماضيا في المجلس. وهذه الهيآت الخماسية لا ينتخبها لمجلس ولكن
ترشحها الطبيعة. فهم زبدة المجلس وخياره، يتطوعون بأنفسهم لعضوية هذه الهيآت،
ويقومون بعملهم بدون اجر، وهم إلى هذا يستمرون أعضاء في مجلس الشيوخ. «ويمكن
اعتبار هذه الهيآت الخماسية التي حدثنا عنها )ارسطاطليس( كلجان تتكون في مجلس
الشيوخ، وتتفرع عنه للاختصاص ببعض الأصناف من المسائل كالأمور الخارجية، والجيش، والبحرية، والمالية، والأمور لدينية، وغير ذلك. وهي التي تنتخب أعضاء مجلس المائة 41.»
41 - مدينة المغرب العربي ج 1 ص 108 الطبعة الأولى بتونس.
وعمل محكمة المائة هو مراقبة السبطين،وهما رئيسا الدولة، وقواد الجيوش، وجميع
الحكام والموظفين الكبار في الدولة، ومحاكمتهم عند الاقتضاء، ومحاسبتهم على كل
تقصير يكون منهم في شئون الدولة.
وكان إنشاء هذا الجهاز الحكيم في الدولة، في منتصف القرن الخامس ق.م.وكانت
ثورة داخلية قد نشيت في قرطاجنة،  انتهت بسقوط آل ماقون )الذين كانوا يتولون
الحكم( وبإنشاء مجلس يتركب من مائة حاكم أو قاض يقع اختيارهم من بين الشيوخ.
وتسمى هذه المحكمة العليا ديوان المائة. وبعد إنهاء كل حرب كان يقف لقواد أمم هذه
المحكمة لتناقشهم. في أعمالهم، وتحاسبهم على تصرفاتهم، وتطالبهم بعرض جميع
التفاصيل المتعلقة بنشاطهم. كل ذلك لحمل هؤلاء القواد على الانقياد والخضوع،
ولحماية لجمهورية من )استبدادهم( ومحاولتهم قلب نظام الحكم، أو الاعتداء على
سلطة الدولة 42 » هذه هي الهيآت الحاكمة التي تباشر مهام الدولة، وبيدها الحل ولعقد.
وهي التي أدارت الأمور في أول الأمر في حزم ودهاء وإخلاص، فازدهرت الدولة، وصارت أحسن دولة في العالم.

Post a Comment

Previous Post Next Post