نشأة الدولة البونيقية
كان الفينيقيون في القرن التاسع قبل الميلاد قد بلغوا في الحضارة ولغنى الذري
الرفيعة، فانغمسوا كل الانغماس في النعيم، وأطلقوا العنان لشهواتهم، فأصابتهم
أمراض الحضارة والانغماس في الملذات، فانحلت أخلاقهم، وسلطت عليهم الأنانية
والحسد، واستولى عليهم حب المادة فصار كل امرئ في الدولة –سيما الطبقات
الارستقراطية- يعمل لنفسه لا يبالي بالمصلحة العامة، وبسلامة الدولة، فكثرت الفتن
الداخلية في فينيقيا، وتناحر الناس وتقاتلوا على الرئاسة والأموال. فانعم الصفاء،
وشاع الظلم والعدوان وسادت سياسة الغاب فيها، فصار القوي يأكل الضعيف والمحروم
يحسد المحظوظ، والمرؤوس يعمل للثورة على الرئيس.
وكانت فينيقيا إلى هذه الفتن الداخلية آلت تنهكها، وتصنع لا زوالها، قد أصيبت
بأعداء أقوياء من الخارج يهاجمونها، ويقضون مضجعها بعدوانهم وحروبهم العارمة
التي لا تخبو. وكان من أولئك الأعداء الذين يقلقون راحة فينيقيا في هذه العهود
الآشوريون في العراق.
وكانت طبقة الشباب المتثقف في فينيقيا سيما في العاصمة )صور( تحب الهدوء
والاستقرار. ان عملهم هو التجارة والصناعة وإنماء الأموال، فرغبتهم الشديدة، وأملهم
الكبير ان يعم السلام ربوعهم، وتهدأ الأيام؛ ولكن فينيقيا مريضة بفساد النفوس. انها
قد دخلت في هرمها فلا يمكن شفاؤها من الهرم . لابد من مكان آخر بعيد عن فينيقيا
يجدون فيه الهدوء، ويليق لبناء الدولة التي يريدون. أنهم يعرفون المغرب وجماله، سيما
افريقية وخصبها وبهاءها، ويعرفون البربر وكرم نفوسهم، وحسن عشرتهم، وترحيبهم
بالفينيقيين، فصار المغرب متجه أنظارهم. بودهم لو انتقلوا إليه جماعات كبرى
فاستقروا فيه، وأنشأوا فيه الدولة الفينيقية التي تسعدهم وتتسع لطموحهم. وظل
هذا الأمل يراود كثيرا من شباب فينيقيا الطموح، ويجيش في صدور كثير من خاصتها
وذوي الرأي والتدبير فيها. حتى انتقلت عليسة ديدون إلى المغرب فانتقل ذلك الشباب
الصالح الطموح معها، وتلاحق بها كثير من خاصة فينيقيا وذوي المواهب ولكفاءة
والثروة فيها فاستوطنوا المغرب، فنشأت فيه دولتهم. فما هي الأسباب التي جعلت
عليسة ديدون تفر إلى المغرب وتستقر فيه؟ ان السبب الأول والأصيل هو القلاقل في
فينيقيا، وهرم فينيقيا، ومرضها بأمراض الحضارة والانغماس في الملاذ. فرات عليسة
بثاقب نظرها ان المغرب أحسن لها. ومجاورة البربر الذين لا زالوا على الفطرة اسعد لها
من مجاورة هؤلاء الماديين المتحاسدين من قومها. ذا هو السبب الأصيل في انتقالها إلى
المغرب. ومع هذا السبب الأصيل سبب آخر مباشر جعلها تحزم الحقائب، وتمتطي غوارب
الأمواج، وتسرع إلى المغرب الهادئ الجميل. فما هو السبب المباشر لنفور الغزالة من
كناسها، وإيثارها المغرب وطنا لها، والأمازيغ أهلا لها، وجيرانا يسعدونها؟
كان الفينيقيون في القرن التاسع قبل الميلاد قد بلغوا في الحضارة ولغنى الذري
الرفيعة، فانغمسوا كل الانغماس في النعيم، وأطلقوا العنان لشهواتهم، فأصابتهم
أمراض الحضارة والانغماس في الملذات، فانحلت أخلاقهم، وسلطت عليهم الأنانية
والحسد، واستولى عليهم حب المادة فصار كل امرئ في الدولة –سيما الطبقات
الارستقراطية- يعمل لنفسه لا يبالي بالمصلحة العامة، وبسلامة الدولة، فكثرت الفتن
الداخلية في فينيقيا، وتناحر الناس وتقاتلوا على الرئاسة والأموال. فانعم الصفاء،
وشاع الظلم والعدوان وسادت سياسة الغاب فيها، فصار القوي يأكل الضعيف والمحروم
يحسد المحظوظ، والمرؤوس يعمل للثورة على الرئيس.
وكانت فينيقيا إلى هذه الفتن الداخلية آلت تنهكها، وتصنع لا زوالها، قد أصيبت
بأعداء أقوياء من الخارج يهاجمونها، ويقضون مضجعها بعدوانهم وحروبهم العارمة
التي لا تخبو. وكان من أولئك الأعداء الذين يقلقون راحة فينيقيا في هذه العهود
الآشوريون في العراق.
وكانت طبقة الشباب المتثقف في فينيقيا سيما في العاصمة )صور( تحب الهدوء
والاستقرار. ان عملهم هو التجارة والصناعة وإنماء الأموال، فرغبتهم الشديدة، وأملهم
الكبير ان يعم السلام ربوعهم، وتهدأ الأيام؛ ولكن فينيقيا مريضة بفساد النفوس. انها
قد دخلت في هرمها فلا يمكن شفاؤها من الهرم . لابد من مكان آخر بعيد عن فينيقيا
يجدون فيه الهدوء، ويليق لبناء الدولة التي يريدون. أنهم يعرفون المغرب وجماله، سيما
افريقية وخصبها وبهاءها، ويعرفون البربر وكرم نفوسهم، وحسن عشرتهم، وترحيبهم
بالفينيقيين، فصار المغرب متجه أنظارهم. بودهم لو انتقلوا إليه جماعات كبرى
فاستقروا فيه، وأنشأوا فيه الدولة الفينيقية التي تسعدهم وتتسع لطموحهم. وظل
هذا الأمل يراود كثيرا من شباب فينيقيا الطموح، ويجيش في صدور كثير من خاصتها
وذوي الرأي والتدبير فيها. حتى انتقلت عليسة ديدون إلى المغرب فانتقل ذلك الشباب
الصالح الطموح معها، وتلاحق بها كثير من خاصة فينيقيا وذوي المواهب ولكفاءة
والثروة فيها فاستوطنوا المغرب، فنشأت فيه دولتهم. فما هي الأسباب التي جعلت
عليسة ديدون تفر إلى المغرب وتستقر فيه؟ ان السبب الأول والأصيل هو القلاقل في
فينيقيا، وهرم فينيقيا، ومرضها بأمراض الحضارة والانغماس في الملاذ. فرات عليسة
بثاقب نظرها ان المغرب أحسن لها. ومجاورة البربر الذين لا زالوا على الفطرة اسعد لها
من مجاورة هؤلاء الماديين المتحاسدين من قومها. ذا هو السبب الأصيل في انتقالها إلى
المغرب. ومع هذا السبب الأصيل سبب آخر مباشر جعلها تحزم الحقائب، وتمتطي غوارب
الأمواج، وتسرع إلى المغرب الهادئ الجميل. فما هو السبب المباشر لنفور الغزالة من
كناسها، وإيثارها المغرب وطنا لها، والأمازيغ أهلا لها، وجيرانا يسعدونها؟
Post a Comment