· العادات و التقاليد الشيشانية
يتصف الشيشان بأن نسبة كبيرة منهم قي غاية الجمال و الرشاقة ، حيث الشعر الأشقر و الطول المعتدل و العيون الزرق حتى لقبهم الروس بفرنساوي القوقاز ، غير الصفة الغالبة على الجنس القوقازي عموما ً هو بياض البشرة و سواد الشعر و العيون العسلية .
كما يمتاز الشيشان بالشجاعة و الإستقامة في المعاملة و سرعة الخاطر و القناعة و الطاعة و إكرام الضيف و الوفاء بالوعد و نصرة المظلوم .
و للشيشان كما لغيرهم من الشعوب عاداتهم و تقاليدهم الخاصة بهم ، و التي تميزهم عن غيرهم من الشعوب ، سواء في العادات اليومية أو اللباس و المسكن أو في غيرها من مجالات الحياة .
1- علاقات إجتماعية متبادلة ما بين الرجل و المرأة :
- من العادات و التقاليد الشيشانية أن المرأة لا يجوز لها الدخول و الخروج من الباب طالما هناك رجل يريد الدخول و الخورج ، بل عليها الوقوف و الانتظار ريثما ينصرف الرجل ، و هذا يدل على حياء المرأة و خجلها من جهة ، و على احترامها للرجل و تقديرها من جهة .
- كما تفرض التقاليد على المتشاجرين إذا مرت من قربهم إمرأة و قامت بإلقاء غطاء رأسها بينهم أن يتوقفوا عن الشجار فورا ً ، و من لا يفعل يعاب إلى ولد الولد .
- و إذا مرّ الفارس على امرأة في الطريق فعليه أن يترجل عن فرسه و أن يسير على قدميه ، و في المقابل على المرأة أن تشكره و تطلب منه متابعة سيره ، و هذا دليل على مكانة المرأة في نفوس الرجال و مقدار إجلالهم و تقديرهم لها .
2- الإحترام و الطاعة لكبير العائلة :
- كبير العائلة عند الشيشان هو رئيسها ، و لكل عائلة كبير يسأل و يجيب عن كل أمر من أمور العائلة ، و كلمته هي الفصل فيما يتعلق بالخلافات مع العائلات الأخرى ، أو داخل العائلة نفسها ، وهو كذلك صاحب القرار الأخير في قضايا الزواج و الطلاق و الإرث .
- و من العادات المتعلقة بإحترام الكبير أن على الصغير الوقوف إذا دخل الكبير حتى يجلس و كذلك إذا غادر المكان وجب على الصغير الوقوف احتراما ً .
- كما لا يجوز للصغير أن يدخن بوجود الكبير حتى لو كان أكبر منه بعام واحد .
- كما لا يجوز للصغير أو للمرأة أن تقطع الطريق أو قبل الكبير .
- إذا تحدث الكبير في أمر من الأمور و لم يرق كلامه لمن هو أصغر منه سنا ً فلا يجوز الإعتراض بشكل مباشر و في نفس الجلسة .
- كما لا يجوز للإبن الإحتجاج على قرار اتخذه والده إلا عن طريق أمه فقط التي تقوم بتوصيل وجهة نظر الإبن للوالد ، فإن اقتنع بخطأ قراره طلب من الإبن أن يفعل ما يراه مناسبا ً .
3- مقاطعة المنحرفين :
يحرص الشيشان على التمسك بالعادات التي تصون الأخلاق و تحميها من العبث ، فمن يمارس الخيانة الزوجية أو يقوم بعمل غير شريف كالسرقة أو الإعتداء على امرأة ، فإن كبار السن في العائلة يلعنوه و تلصق به اللعنة حتى مماته ، فلا يصاهر و لا يعامل و لا تقام معه الصداقات و هذا الأسلوب يأخذ به الإسلام وهو التعزير و المقاطعة من قبل أفراد المجتمع كأسلوب رادع للعصاه و المنحرفين .
4- العونة :
من أجمل العادات الشيشانية المنقرضة ، فإذا أراد أحد أبناء القرية القيام بعمل ما ، كبناء منزل جديد ، فإن الشباب و الشابات يتوجهون إلى الموقع ، و كل في مجال تخصصه ، فالبعض يصنع الشبابيك و الأبواب ، و البعض يبني الجدران و البعض يحضر التراب و الحجارة ، و قسم يحضر الماء و التبن لعمل الطين ، فلا يأتي المساء إلا و يكون البيت و منافعه قم تم إنجازه ، و بعد يومين أو ثلاثة تبدأ عمليه طلاءه حيث يكون المنزل قد جف بصورة جيدة ، و عندها يصبح منزلا ً صالحا ً للإستعمال و جاهزا ً للسكن .
كذلك تتم العونة في مجال الزراعة عند حرث الأرض و زرعها و حصد المحصول .
5- عادات خاصة بالمرأة الشيشانية :
المرأة الشيشانية حريصة على طاعة زوجها و محبته ، فلا تطلب من الرجل شراء حاجاتهما من السوق إذ كان بمقدورها عمله في البيت، فهي تحيك له و لها و لأطفالهما الألبسة من الصوف و الحرير و القطن ، و تصنع للبيت ما يلزمه من فرش و مساند و ووسائد و أغطية و لباد و بسط و سجاد ، و تصنع من الجلد و الفرو الخولخز كوي (( القبعة – غطاء الرأس )) و نعال الفرسان و هي تعمل السمن و الجبن و اللحم المقدد و تتقن جميع أمور بيتها ، و هي التي تبني الموقد بغرفتها لتستفيد منه بأمور كثيرة كالتدفئة و الخبر و الطهي .
و قبل ذلك فهي التي تربي الأولاد و تلقنهم مبادئ الأخلاق و طاعة الوالدين و الأقارب ، و احترام من هم أكبر سنا ً .
إن هذه الخلال و الصفات هي التي مكنت للفتاة الشيشانية كل هذا الإجلال و الإحترام عند الرجال ، فهي التي يتزاحم الفتيان في سن الشباب على كسب محبتها و الفوز بها . و هي التي ينظر إليها الرجال كسيدة لها مطلق الحرية بإدارة شؤون بيتها ، و هي التي تكن لها الحماة - التي عرفت عند كل الشعوب و على مر العصور بأنها العدوة اللدود لها – كل الحب و المودة ، حتى قيل لإحدى الحموات من أغلى من بنتك ، قالت التي تنجب لي ولد الولد – أي الكنة .
6- عادات شيشانية في اللباس و السلاح :
اللباس الشيشاني مريح و مناسب للفارس ، وهو أقدم لباس مدني في العالم لم بطرأ عليه أي تبديل أو تغيير ، و تعمل الألبسة الداخلية القطن أو الكتان و الخارجية من الصوف أو الفرو ، و تتكون الألبسة الداخلية من قميص طويل له كم طويل مزرر و قبّة عالية مزررة حتى يمنع تسرب الغبار إلى الجسم و من سروال طويل له رباط ( دكة ) عند الخصر و زر عند الكاحل ، أما اللباس الخارجي فيتكون من بنطال واسع بثنيات عند الخصر و ساقاه دقيقان يمتدان من الفخذ إلى الكاحل ، فهو عريض من فوق ، دقيق من الأسفل ، ثم يخيط عند القدم بسريدة من نوع القماش يدخل فيها مشط القدم كي لا ينثني ولا يرتفع البنطال إذا ركب الجواد .
و حذاء الشيشاني ( محسيش ) في التشاء تكون طويلة للركبة حيث لبسها يمنع بلل البنطال ، و في الصيف يستعيضون عن الجزمة بحذاء خفيف من الجلد الطري .
و يتكون اللباس الخارجي من جاكيت طويل إلى ما تحت الركبة (( تشوء )) ذو أكمام طويلة يثنى حسب ما يتطلبه الجو ، يحتوي على جيوب داخلية لحفظ الأشياء الضرورية و على الخصر حزام من الجلد لشد الخصر و تعليق الأدوات الضرورية مثل المسدس و الخنجر الطويل دو الحدين (( شالت )) ، أما الذخيرة فلها مكان على صدر التشوء على هيئة جيوب مستطيلة و في كل جيب أصبع بارود كامل .
و لباس الرأس (( خولخز )) المعروف بشكله الجميل المصنوع من فرو الخروف الأسود و له عدة استعمالات ، و في الشتاء القارص يلبسون فوق الخولخز الكوفية (( بشلق )) المصنوعة من الصوف الأبيض لكي يغطي الرأس و الأذنين و الرقبة .
كذلك العباءة (( ويرت )) التي تصنع من اللباد السميك و تكون على شكل هرمي ضيق من الأعلى ممتدة إلى القدمين التي تقيهم من البرد القارص و تمنع دخول المطر و الثلج للملابس و تستعمل كخيمة و غطاء و بساط و فراش ، و هي بذلك لا مثيل لها عند جميع شعوب العالم .
أما ملابس الفتاة فتكون من جزئين ، داخلي مصنوع من الحرير و الخارجي (( غابلي )) مصنوعة من الكتان أو القماش المخمل أو قطن حيث يكون فضفاضا ً من الأعلى و الأسفل و الزي يحتوي على تطاريز جميلة و يشد الخصر حزام المصنوع من الفضة المطرد ، كذلك أكمامه مفتوحة لغاية الكوع بحيث لا يبتل أثناء الأعمال المنزلية و إحضار الماء من النبع ، و غطاء للرأس مصنوع من الحرير الخفيف المطرز من أطرافه و يشبه إلى حد كبير الشال .
7- هيئة كبار السن :
قلما نجد عند الشيشان حادثة أو مشكلة يستعصي حلّها بالطرق السلمية ، و الفضل في ذلك يرجع إلى هيئة الكبار في السن ، فالكل يحترم قرارها و يرضخ لأحكامها ، فلا يجوز لأحد الإنفراد برأيه مهما بلغ نفوذه و مركزه ، فالجميع يخضع لرأي كبار السن و يقتنع بعدالة حكمهم ، لذلك لا يبقى للحقد أثر في نفوسهم ، بل أن الحقد مناف ِ لطبائعهم و أخلاقهم و رجولتهم ، فمن أعيب الأمور عندهم أن يخاصم أحد الآخر لمدة طويلة ، إذ الواجب يقضي اعتراف المذنب بخطأه و يطلب السماح من صاحب الحق علنا ً ولو كان المذنب أميرا ً ، و عندها فإن الرجولة تقضي بقبول عذره مهما كان الذنب ، فالحق لا يصير عند الشيشان باطلا ً ، و الباطل لا يصير حقا ً ولولا هذا لما استطاعوا المحافظة على اخلاقهم و قوتهم و قهر أعدائهم الذين يفوقونهم بالعدة و العدد . و من أعيب الأمور في التقاليد الشيشانية أن ينتقم أحدهم من البريء ولو كان أخا ً للمذنب ، و لا يمكن بأي حال أن ينتقم قوي من ضعيف حتى لا يقال استضعفه ، والويل كل الويل للذين ينتقمون من رجل محترم بواسطة أحد الجهال ، فهذا ذنب لا يغتفر ، لأن الجاهل يهين نفسه و يهين جماعته إذا هان محترما ً ، و المحترم لا يرد على من دونه من الجهّال إذ أن المجتمع يلومه إذا أجابه .
وغيرها الكثير من العادات و التقاليد الشيشانية التي يفتخرون بها ، و تعكس عنهم ثقافتهم و حضارتهم .
إرسال تعليق