نظريات نشأة اللغة
نظريات اللغة
نشأة اللغة وتطورها
نظرية محاكاة أصوات الطبيعة
نظريات علم اللغه
كيف نشأت اللغة العربية
اصل اللغات في العالم
كيف نشأت اللغات وتعددت؟
اللغة: هي ما يعبرُ بها كُّلِ قومٍ عن أغراضهم،(1) ويرى ابن جني أن (حدّ اللغة أصوات يعبر بها كل قومٍ عن اغراضهم).
نظريات نشأة اللغة
شغل موضوع نشأة اللغة، أذهان الباحثينَ، على مدى الأزمان فكانت أراؤهم لاتعدو أن تكون متشابهة في كلّ عصر، و لم يحدّ هذه النظريات زمانٌ ولا مكانٌ فآراء الشرق والغرب، لو وضعت في موازين المقارنة لكانَ الامرُ متفقاً وإن لم يُتفق عليه، فالأراء إمّا أن تنحو منحىً اعتقاديٍ وهذا ما قاله أهل التوقيف، أو اصطلاح وكانَ له النصيب الاوفر من البحث والاستقراء ،وللنظريات الحديثة ركيزة اعتمدت البحث الميداني الذي بُنيَ على رؤية تجريبية وكان له نمطٌ لم يغفل آراء القدامى وعزّز بعضه بأدلة واعية وقد انقسمت النظريات الى ما يأتي
1- التوقيف وتذهب هذه النظرية أنَّ اللغة الهامٌ الهي الهمه للانسان وهذا الرأي أطلق قديماً و ممن ذهب اليه هير قليدس المتوفى 480 ق.م قائلاً (الاسماء تدلُّ على مسمياتها بالطبيعة لا بالتواطؤ والاصطلاح وانّ هذهِ الاسماء قد اعطيت من لدن قوة الهبة لتكونَ اسماءً لمسمياتها) 2 وقد تبنى هذا الرأي مجموعة من علماء اللغه على رأسهم ابن فارس وابن جنّى الذي يذكرُ أنّ (الله سبحانه وتعالى علمّ آدم اسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات) 3 ودليلهم على ذلك قوله تعالى (وعلّم آدم الاسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملائكة فقال أنبؤني بأسماء هؤلاءِ ان كنتم صادقين)4 وقد حدثّ جرّاء هذا صراعٌ فكري لغوي، فقيل أن الاسماء اريد بها اسماء عاقلين وقد رُدّ على هذا بقوله تعالى (منهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع)5 (وروي عن ابن عباس انه قال عرضَ الخلق وعن مجاهد قال عرض اصحاب الاسماء وعلى هذا فيكون معناه عرضَ المسميات على الملائكه وفهم من يعقل وفهم من لا يعقَل فقال عرضهم غلّبَ العقلاء)
ومن الادله الواضحة على توقيفية اللغة قوله تعالى (ومن آياته خلقُ السماواتِ والارض واختلاف السنتكم والوانكم) 7 فكما هو ظاهرٌ في الآيه الكريمة ان السماوات والارض خلقٌ من خلقه واختلاف الالسنه بمعنى اللغات من اياته فهذا تعزيزٌ لمن أقرّ بتوقيفية اللغة .
2- المواضعة والاصطلاح
يرى القائلون بهذه النظرية أن اللغه استحدثها الناس بالتواضع أي بالاتَفاق ولايخلو هذا الرايّ من نضوجٍ ولكن هذه النظرية لا ادلة عليها، وانما هي في باب التصورات فهذا ابن جني يقول ((ان اصل اللغة لا بدّ فيه من المواضعة، وذلك بان يجتمع حكيمان او ثلاثة فصاعداً فيحتاجون الى الإبانة عن الاشياء فيضعوا لكل منها سمه ولفظاً يدلّ عليه ويعني من احضارهِ امام البشر))8
فاذا رجعنا الى قول ابن جني في الخصائص (نراه حائراً مرداً لا يكاد يستقرُّ على امر) 9 فمرة تراهُ يؤمن بالاصطلاح واخرى بالتوقيف كما مرّ. وكان معظم من يرى بالاصلاح هم (من المعتزلة الذين استمدّوا أدلتهم من المنطق العقلي، وفسروا ما ورد من النصوص بحيث يلائم اتجاههم وتنسجم مع منطقهم)10
لا يخفى على المتتبع والدارس للنظريتين المذكورتين آنفا أنهما قد شغلتا اذهان الباحثين والمفكرين وقد يكون الجمع بين النظريتين المتقدمتين ما يوحي لفكر ناهض هذا ما نراه عند الشيخ المظفر حيث يرى انه قد (قيل-وهو الاقرب الى الصواب – ان الطبيعة البشرية حسب القوة المودعة من الله تعالى فيها تقتضي إفادةِ مقاصد الانسان بالالفاظ فيخترع من عند نفسه
_________________________________________________________
7-الروم 22 8- الخصائص 1/44
9-دلالة الالفاظ
10-دلالة الالفاظ 18
لفظاً مخصوصاً عند ارادة معنى مخصوص- كما هو المشاهد من الصبيان عند أول امرهم- فيتفاهم مع الاخرينَ الذين يتصلون بك والاخرون كذلك يخترعون من انفسهم الفاظاً لمقاصدهم وتتألف على مرور الزمن من مجموع ذلك طائفة صغيرة من الالفاظ، حتى تكوّن لغة خاصة لها قواعدها يتفاهم بها قوم من البشر، وهذه اللغة قد تتشعب بين أقوام متباعدة تتطور عند كل قوم بما يحدث من التغيير والزيادة، حتى قد تنبثق منها لغات اخرى فيصبح لكل جماعة لغتهم الخاصّة) 14
3- نظريات المحدثين في نشأة اللغة
الباو واو نظرية المحاكاةBow wow أ-
ويرى القائلون بهذه النظرية أن اللغة نشات اعتماداً على تقليد اصوات (الطبيعة التي سمعها الانسان الأول واتخذ مها اسماءً لمصدر هذه الاصوات) 15
وهذه النظرية ليست جديدة فقد قال ابن جني (وذهب بعضهم الى ان اصل اللغات كلها، انما هو من الاصوات والمسموعات، كدوي الريح وحنين الرعد، وخرير الماء وشحيح الحمار، ونعيق الغراب وصهيل الفرس ونزيب الظبي ونحو ذلك، ثم ولدت اللغات على ذلك في ما بعد وهذا عندي وجهٌ صالح متقبل) 16. ولعل اقدم اشارة الى هذا الرأي ما ورد عن الخليل بن أحمد وسيبويه ، كما ذكر ابن جني في الخصائص، ولم يُشر الى هذه الأراء عند الغرب اذ يلزم الاشارة اليها فليس من الانصاف أن تطلق مثل هذه الاراء ولايشار الها من قريب أوبعيد. ولاقت هذه النظرية قبولا في القرن التاسع عشر وايدها علماء، مثل جسبرسن والدكتور ابراهيم انيس، ومنهم من سخر من هذه النظرية وعلى راسهم ماكس ميلر اذ وصفت النظرية بانها تقف بالفكر الانساني عند حدود حظائر الحيوانات، وتجعل اللغة الانسانية الراقية مقصورة النشأة الفطرية الغريزية
_____________________________________________
14-اصول الفقه للمظفر 1/22
15-دلالة الالفاظ 20
16-دلالة الالفاظ 20
نظرية بوه بوه أو التنفيس عن النفس Pooh poohب-
وهذه النظرية ترى لكل انسان انفعالات تعود الى غريزة الانسان، فيعبر عنها بحركات أو اصوات مثل البكاء والضحك والانقباض و الانبساط والخوف والحزن والسرور. (ولذلك ربط دارون) بين النشأة اللغوية للإنسان و تلك الاصوات الغريزيه والانفعال)17. فالشعور بالازدراء والغضب يصحبه النفخ بالفم بوه بوه ويقابله بالعربية اف، وهذا ما صرح به القران (( ولا تقل لهما افٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما))18.
والرد على هذه النظرية أنها تحصر اللغة بالاحساس، فتنشأ الاصوات، وتتجاهل الحاجة الى التفاهم او التخاطب و التعبير عن ما في النفس .
Ding dong ج-دنج دونج
وترى هذه النظرية ان فطرة الانسان، قد ولّدت عنده قدرةً لبناء الالفاظ وان الانسان، في طبعه يود التعبير عن ما في داخله، فالانسان يتأثر بالحوادث ويعبر عنها. (وان كل اثر خارجي يتأثر به الانسان يستلزم النطق ببعض الاصوات)19
وهذه النظرية تقف حائرة وتتساءل كيف امكن الانسان التزود بالالفاظ اللغوية؟ فالنظرية تحمل في طياتها الغموض واول من دعا الى هذه النظرية عالم اللغة (ماكس موللر) .
Yo-He-Ho د- يو هي هوه
وهذه النظرية نظرية العالم الالماني جيجر وترى هذه النظرية ان اللغة نشأت من اصوات جماعية، صدرت عن مجموعةٍ من الناس في اثناء قيامهم بعمل شاق يحتاج الى تعاون وهذا الصوت يشبه ما نسمعه اليوم بين بعض العمال، وهم يؤدون عملاً شاقاً فيرددون اصواتاً هي يو هو ويتكرر هذا العمل بهذه الكيفية
_____________________________________________
17-دلالة الالفاظ 23 18-سورة الاسراء 23 19-دلالة الالفاظ 25
من الاصوات فتنوعت الاصوات بحيث اصبحت رمزاً وهذه النظرية لا يمكن الاخذ بها اذ ان هذه الاصوات لا يمكن ان تشكل الفاظا فتبني لغة، فهي لا تكاد تعدو عن تكرير لاصوات تقف عند حد معين.
والامر الذي يمكن ان ننتفع منه في هذه النظرية، انها (عالجت النشأة اللغوية في ضوء المجتمع الانساني)1.