الوظيفية (المذهب الوظيفي):       E. functionalism
        F. fonctionnalisme
        G. Funktionalismus
        الوظيفية هي النظرية التي تقوم بوجوب دراسة الظواهر (الثقافية) من حيث الوظيفة التي تؤديها. ومن التعريفات الأخرى «تعريف مالينوفسكي الذي يقول إن الوظيفة «هي نظرية ماهية الطبيعة البشرية، وكيفية عمل المؤسسات الإنسانية، وما تفعله الثقافة من أجل الإنسان في جميع مراحل التطور». ويعرف هالوويل Hallowell الوظيفية فيقول: «إن جوهر الوظيفية كما أراه – هو النظر إلى أية ظاهرة أولاً على أساس ارتباطاتها ذات الأهمية داخل سياق معين أو كل بنائي».
        ويرد تعريف آخر لمالينوفسكي فيما يتبع. قارن أيضًا مادة: فولكلور وظيفي.
        ويمكن القول من وجهة النظر العامة إن الوظيفية كانت موجودة باستمرار في الإثنولوجيا، وخاصة  في الإثنولوجيا الوصفية، أو الإثنوجرافيا، وذلك لأن أي وصف موسع وشامل لثقافة ما أو لعادة ما يكون وظيفيًا. ولقد صدق لوى Lowie حين دعا «بواس» رائدًا مبكرًا للوظيفية لأنه كان – ببساطة – باحثًا ميدانيًا ممتازًا. ويصدق هذا أيضًا إلى حد ما على مالينوفسكي( ).
        ويصرح فيرث Firth بأن «ما يعطى الأنثروبولوجيا الاجتماعية الوظيفية قواعدها المنهجية هو ذلك الكيان النظري الكبير الذي نما بنمو العمل الميداني المركز الملازم له». (قارن مادة أنثروبولوجيا اجتماعية). وهو يؤكد أيضًا أن نظريات الوظيفية قد نشأت أول الأمر في الأنثروبولوجيا (الإثنولوجيا). وتمثل تلك النظريات رد فعل ضد «التاريخ التخميني» والشطحات الخيالية المكتبية، والبحث الميداني التقنيني.
        ومع ذلك فقد كانت هناك سوابق في علوم أخرى. فيلاحظ كالين Kallen أن مصطلح الوظيفية ذاته قد برز في المناقشات الفلسفية في نهاية القرن التاسع عشر. ثم دخل المصطلح فيما بعد إلى ميادين علم النفس والعلوم الاجتماعية. وأخيرًا إلى ميدان العمارة أيضًا حيث اكتسب شيوعًا كبيرًا. ومن المحتمل أن يكون أول الوظيفيين في الإثنولوجيا – الذين كانوا واعين بأنهم كذلك، وهم: مالينوفسكي وراد كليف براون وثور نفالد - قد تأثروا بعلماء النفس الوظيفيين (ديوى Dewey وكذلك فونت Wundt إلى حد ما) وبعض علماء الاجتماع (مثل شيلار Scheler ومنهايم Manheim ودور كايم Durkheim). فلقد درس ديوى الخبرات النفسية في علاقتها بالسياق التي تكون جزءًا منه، وصاغ فونت «مبدأ العلاقات الرابطة Prinzip der beziehenden Relationen»، وعرف دور كايم الوظيفية بأنها علاقة التوافق بين الأنشطة واحتياجات الكائن العضوي الاجتماعي.
        ومن المحتمل جدًا أن يكون مالينوفسكي قد أخذ مفاهيمه عن الوظيفة والاحتياجات عن دور كايم، وذلك على الرغم من أنه هو نفسه قد أشار إلى فريزر Frazer الذي ربط في دراسته عن Psyche's Task» (1904م) بين المؤسسات والاحتياجات البشرية( ).
        ازدهرت الوظيفية في الإثنولوجيا والأنثروبولوجيا الاجتماعية في فرنسا وإنجلترا بصفة خاصة، وكذلك في ألمانيا ولكن بدرجة أقل. ولقد فضل ممثلو هذا المذهب الفرنسيين – خاصة موس Mauss وليفي شتراوس – استخدام مصطلح وظيفة على نحو مشابه لاستخدامه في الرياضيات، أي على أنه «علاقات مستمرة بين بعض الظواهر، حيث يوجد تفسيرها». وقد شرح موس مفهوم الوظيفة عندما صاغ نظريته عن «الظواهر الاجتماعية الكلية» حيث يقول إن كل شيء في المجتمع هو – بالدرجة الأولى – وظيفة، ويؤدي وظيفة؛ وكذلك عندما أكد أنه ليست هناك اجتماعية لا تكون جزءًا لا يتجزأ من الكل الاجتماعي.
        ومن المشكوك فيه ما إذا كان من الممكن اعتبار أي من مالينوفسكي أو راد كليف براون الوظيفي الأول في بريطانيا. فراد كليف براون يدعى أنه استخدم مفهوم الوظيفة قبل أن يبدأ مالينوفسكي دراسة الأنثروبولوجيا الاجتماعية. ونلاحظ من ناحية أخرى – أن مالينوفسكي كان أول من أكد هذا المفهوم وقام بتعريفه. ولقد استنكر راد كليف براون أن يطلق عليه اسم «عالم وظيفي»: «إنني أرفضه كلية وأعتبره عديم الفائدة وسيئًا. وربما جاز أن يطلق عليّ اسم «مضاد للوظيفية» باعتباري معارضًا دائمًا للاتجاه الوظيفي عند مالينوفسكي». وهناك شك في قيمة هذا التصريح، إذ أن مفاهيم الوظيفة، والبناء والعملية تسيطر على مصطلحات راد كليف براون. فلقد كان باحثًا وظيفيًا وبنائيًا، عرف الوظيفة في علاقتها بالبناء، والبناء هنا هو لزيم correlate الوظيفة. قارن مادة بناء اجتماعي.
        وإذا أمكن فهم راد كليف براون في ضوء مفهوم البناء، فإنه يجب تفهم مالينوفسكي في ضوء الاحتياجات. ويرى مالينوفسكي أن «الطبيعة الدينامية – أساسًا – للعناصر الثقافية، وعلاقاتها توحي بأن أهم واجبات الأنثروبولوجيا يتمثل في دراسة الوظيفة الثقافية. وعلاقاتها توحي بأن أهم واجبات الأنثروبولوجيا يتمثل في دراسة الوظيفة الثقافية. وهكذا ينصب الاهتمام الرئيسي للأنثروبولوجيا الوظيفية على وظيفة المؤسسات والعادات وأدوات العمل والأفكار.. وما يهم دارس الثقافة هو تنوع الوظيفة وليست ذاتية الشكل».. ولكي يتمكن مالينوفسكي من التشبث بهذا المفهوم عن الوظيفة نجده يلجأ إلى مفهوم الاحتياجات. فيقول: «تعنى الوظيفة.. دائمًا إشباع إحتياج معين». وامتثالاً لهذه الفكرة قام بإعادة صياغة تعريفه للوظيفية فيقول: «الوظيفية في جوهرها، هي نظرية تحول الاحتياجات العضوية – أي الفردية - إلى ضرورات وحوافز ثقافية مصنوعة». ويعلق بيدني Bidney – بحق – على هذا التعريف بأنه ينطوي على تخفيض الظواهر الثقافية إلى ظواهر نفسية، وهو رأي راد كليف براون أيضًا في هذا التعريف... وعلاوة على ذلك فمفهومه عن الاحتياجات غامض لأنه مزدوج يشير إلى الاحتياجات الفردية والاحتياجات الاجتماعية معًا.. والحقيقة أن هذا يعني – كما أوضح نادِلْ Nadel – مجموعتين من الوظائف، لا تنتميان – منطقيًا – إلى نفس النوع.
        وهناك اختلافات أخرى بين مالينوفسكي وراد كليف براون، منها على سبيل المثال إصرار مالينوفسكي على الوظائف الإيجابية لجميع العناصر الثقافية. إلا أن كل نوع من الحضارة وكل عادة، وكل شيء مادي، وكل فكرة ومعتقد تحقق بعض الوظائف الحيوية، وعليها أن تنجز مهمة من نوع ما وتمثل جزءًا لا غنى عنه داخل كلٍ فعال»). وعلاوة على ذلك يتحدث راد كليف براون عن الوظائف الاجتماعية، على حين يتحدث مالينوفسكي عن الوظائف الثقافية (ويرى جيسنج Gjessing) أن كليهما على صواب، إذ أن مفهومه عن الكيان الثقافي الاجتماعي يسلم بوجود نوعين من الديناميت: أحدهما اجتماعي والآخر ثقافي). ومن ناحية أخرى يؤكد كل منهما النظرة العلمية في مقابل النظرة التاريخية للثقافة والمجتمع (الأمر الذي جعلها ضد الاتجاه التاريخي إلى حد ما في موقفهما العام). ويستهدف كل منهما الوصول إلى تعميمات وإلى استخلاص القوانين التي تحكم العلاقات الوظيفية التي يدرسونها. وقد نجد عند كلي المؤلفين أيضًا نوعًا من النفور من إجراء المقارنات (ويظهر هذا بوضوح أكثر في الوظيفية البريطانية المتأخرة، كما هو الحال، عند إيفانز بريتشارد مثلاً).
        أما في ألمانيا فيعد تورنفالد Thurnwald أبرز ممثلي الوظيفية، حيث سبقت أبحاثه الميدانية الوظيفية أبحاث كل من مالينوفسكي وراد كليف براون. ويتضمن الاتجاه الوظيفي عند ثورنفالد اتجاهًا تاريخيًا، ونجد الوظيفية الألمانية المحدثة تتميز إلى حد كبير بهذا المزج بين الوظيفية والتاريخية. ويعد ريشارد فايس R. Weiss من أبرز الوظيفيين في الفولكسكنده (الفولكلور) الألمانية. وتقترب آراؤه اقترابًا وثيقًا من آراء زميله السويدي زيجورد إريكسون. وكان هلموت موللر H. Möller قد نشر مؤخرًا تعليقًا يقرظ فيه المبادئ الوظيفية عند إريكسون على أنها أكثر اعتدالاً من نظائرها في الأبحاث الوظيفية المعاصرة الأخرى.
        قارن: مواد: توازن، وعنصر (ثقافي) معزول وأنثروبولوجيا اجتماعية.
مراجع:       Bidney 1953 b; Durkheim 1895; Firth 1955; Gjessing 1056; Gregg & Williams 1948; Hallowell 1947; Kallen 1947; Lévi-Strauss 1950; Lowie 1937; Malinowski 1926 a, 1930, 1938, 1939, 1944, 1947; Mauss 1950; Möller 1954, 1956; Nadel 1951; Radcliffe-Browne 1949, 1952; Thrunwald 1931-35; Weiss 1946.

وهم الثقافة:  E. Clturalistic Fallacy
        F. Perreur "culturologiste"
        E. der "kulturologische" Irrtum
        هو في رأي «بيدني Bidney الميل إلى فهم الثقافة كقوة مستقلة ذاتية الحركة: «الوهم الأنطولوجي الذي يعد الثقافة كيانًا مستقلاً» (انظر مادة: علم الثقافة). ويرجع هذا التعريف إلى عام 1944م، وكان قد سبقه تعريف آخر قدمه «نورثروب» Northrop الذي صك هذا المصطلح. وكان «نورثروب» قد أشار إلى وهم القيمة axiological الذي يحاول استخلاص «ما ينبغي أن يكون» مما هو كائن فعلاً في عالم الثقافة( ).
        ويتهم بيدني «الثقافيين» Culturalists - كما يسميهم هو – بأنهم ينسبون إلى الثقافة دورًا يقلل أو يتجاهل الطبيعة كعنصر – تمامًا كما يتجاهل «وهم الطبيعة» الإنجازات الثقافية في الحياة البشرية.
        قارن: مادة «وهم الطبيعة».
مراجع:       Bidney 1944, 1947, 1953 b.

وهم الطبيعة: E. Naturalistic Fallacy
        F. Perreur naturaliste
        G. der naturalistische Irrtum
        وهم الطبيعة عند بيدني Bidney هو:«محاولة تخفيض الظواهر الثقافية إلى مستوى الظواهر العضوية والسيكولوجية». ويميل الطبيعيون إلى «أن يعزوا للطبيعة البشرية الولادية – الفردية والجماعية على السواء – بعض أساليب التفكير والسلوك التي تعد في الحقيقة منتجات وإنجازات ثقافية». ويذكر بيدني – كمثال لوهم الطبيعة – نظرية لا مارك Lamarck في وراثة الخصائص المكتسبة – كما تتضح مثلاً في نظرية فرويد عن الحشد الأولى وعقدة أوديب وفكرة لوبون Le Bon عن الشخصية القومية الولادية، ونظرية يونج Jung في الخرافة الروائية.
        ويعد مفهوم وهم الثقافة هو مقابل هذا المفهوم.
مراجع:       Bidney 1944, 1947, 1953 b.


Previous Post Next Post