النظام الراسمالي والنظام الاسلامي

الفرق بين النظام الراسمالي و الاسلامي

النظام الاسلامي الاقتصادي

النظم الاقتصادية المقارنة

الفرق بين الاقتصاد الاسلامي والاقتصاد الوضعي

جدول مقارنة بين النظام الراسمالي و

الفرق بين النظام الاقتصادي الاسلامي والانظمه الوضعيه

مساوئ النظام

الفرق بين الرأسمالية


 واجه الإسلام- منذ مولده- حرباً عنيفة لا تكف لحظة واحدة عن  العدوان00
        حرب فى العقيدة0 حرب فى الكيان السياسى والاقتصادى والاجتماعى0 حرب فى الأخلاق0 حرب فى الأفكار0 ((طابور خامس)) فى وسط الصفوف لخلخلة الصفوف0 فتنة بالتعذيب وبالتجويع وبالعزل السياسى والاقتصادى والاجتماعى عن بقية المجتمع00
        ذلك كله فى منشأ العقيدة00
        ثم لما صارت دولة- فى المدينة- صارت الحرب أوضح وأعنف00
        إمداد((المنافقين)) بالأموال والرجال والعتاد00 إثارة الفتن والاضطرابات00 الحرب الاقتصادية00 مصادرة الأقوات00
        فلما صارت الدولة هى الجزيرة العربية كلها، وتمكن الإسلام فى موطنه الأصلى، وفاتت الفرص الأولى لخنق الدعوة الجديدة، عنفت الحرب أكثر، وأصبحت أكثر ضراوة!
        الإمبراطورية الرومانية تكيد للإسلام وتتحفز للهجوم00 والإمبراطورية الفارسية تقف بالمرصاد0
        ثم يقع الاصطدام بالفعل0 وتقع الحرب أشد ما تكون الحرب0 ويدخل الإسلام المعركة المقدسة- المقدسة حقيقة لأنها فى سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله- فكيف يكون سلوك الحكومة فى داخل العالم الإسلامى؟
        عمر00؟ الذى وقعت فى حياته معظم هذه الحروب الضارية مع الإمبراطوريتين الشامختين، اللتين تكيدان كل كيدهما الظاهر والخفى لتحطيم الإسلام00؟
        كيف كان عمر فى حكومته للمسلمين؟
        أليس هو عمر هذا الذى قام على المنبر يقول: اسمعوا وأطيعوا، فينتبذ له رجل من المسلمين- سلمان الفارسى- الفارسى لا العربى! يقول له: لا سمع لك علينا ولا طاعة00 حتى تبين لنا لم فعلت كذا وكذا([1])! فلا يغضب عمر ولا يثور! ولا يقول: كيف تناقشنى وتعارضنى وأنا فى حرب مقدسة مع الأعداء الذين يتربصون بنا ويعملون على تحطيم الدولة والنظام! بل بين له الأمر فى هدوء حتى اتضح00 فقال سلمان: الآن مر00 نسمع ونطع!
        أليس هو عمر الذى قام يخطب الناس فى الصلاة فوقفت امرأة تعارضه فيما يذهب إليه00 فيقول: أخطأ عمر وأصابت امرأة!
        أليس هو عمر الذى رأى رأياً- لصالح المسلمين- فى مسألة الفئ، وتوزيعه أو عدم توزيعه على الفاتحين من المسلمين(وهو يرى عدم توزيعه، محافظة على مستقبل الأجيال) فيعارضه بلال- العبد الحبشى- معارضة عنيفة قوية، ويجمع المعارضين معه، فلا يجد من سبيل أمام معارضته- وهو مقتنع بصواب رأيه الذاتى، وبأنه يعمل مخلصاً لصالح المسلمين- إلا أن يدعو ربه: اللهم اكفنى بلالاً وأصحابه!!
        ذلك منهج الله مطبقاً فى واقع الأرض00 يكشف النقاب عن حكم الطاغوت فى الجاهليات!
        إنها ليست الحرب((المقدسة!))00 وما هى بحجة لفرض الدكتاتوريات!
        إنما هى الحرب غير مقدسة، ولا النظيفة، ولا الشريفة00 حرب الطاغوت للمحافظة على ما فى يده من السلطان!
        إن دكتاتورية رأس المال لا يمكن أن تكون غير ذلك0 ودكتاتورية البروليتاريا لا يمكن أن تكون غير ذلك! وكل دكتاتورية تكون على حاكمية الإنسان للإنسان لا يمكن أن تكون غير ذلك!
        فمادام الناس لا يحكمون بمنهج الله00 فلا شئ غير حكم الطاغوت!
        ورأس المال لا يمكن- مادام هو الحاكم والمسيطر- فى جاهليته التى لا تحكم بما أنزل الله- لا يمكن أن يتنازل عن سلطانه0 لا يمكن أن يتيح الفرصة((للطبقة)) المواجهة له أن تسلبه سلطانه0 لا يمكن أن يدع الطبقة المواجهة له تتقوى- عن طريق الحرية و((الديمقراطية!))- فتشرع تشريعات تحد من سلطته وتتعرض((لمصالحه))00                                                         
        لا يمكن! لأن هذه نتيجة((حتمية)) لقيام سلطان رأس المال!
        وهى ليست- كما يفسرها التفسير المادى للتاريخ- حتمية لأن رأس المال هكذا، بصرف النظر عن((النفوس)) وعن الإنسان! وإنما تستمد حتميتها من سنة الله التى تقول: إنه مادام الناس لا يحكمون بما أنزل الله، فلابد أن يحكمهم الطاغوت! وتفسير ذلك فى حالة الرأسمالية، أن الناس- منذ البدء- أبوا أن يحكموا منهج الله الذى يحرم الربا والاحتكار- دعامتى الرأسمالية وسنادتيها- ويحرم تداول المال فى يد فئة قليلة من الأعنياء00 فاستشرى الطاغوت، وأصبح هو الذى يملك ويحكم، وأصبح الناس مستبعدين له لا يملكون من ((حتميته)) الفكاك!
        ولن يكف هذا الطاغوت عن استعباد الناس قط0 إلا بأحد شيئين: إما أن يرجع الناس إلى منهج الله فيسقط طاغوت رأس المال00 أو يتلقف الناس طاغوت آخر تخدمه الظروف القائمة فيملك توجيه ضربة قاضية لرأس المال00
        والذى حدث فى الجاهلية الحديثة هو الأمر الآخر بكل تأكيد! لأنها جاهلية!
        قفز طاغوت آخر فتملك رقاب الناس00
        ولا يمكن لهذا الطاغوت الجديد- مادام هو الحاكم والمسيطر فى جاهلية لا تحكم بما أنزل الله- لا يمكن أن يتنازل عن سلطانه0 وأن يتيح الفرصة للطبقة المواجهة له أن تسلبه ذلك السلطان0 لا يمكن أن يتيح- بالحرية والديمقراطية- فرصة لأعدائه أن يشرعوا ضد((مصلحته)) أو يسلبوه سلطة التشريع0
        كلا! لن يحدث ذلك قط!
        ومن ثم فالدكتاتورية- سواء اسمها رأس المال أو اسمها البرويتاريا- أو اسمها أى عنوان آخر- ليست أمراً عارضاً يزول0 ولن تمطر سماء الجاهلية على الناس حريات وديمقراطيات، فى ظل هذا الطاغوت أو ذاك؟
* * *
        والمشكلة- بلغة التفسير الجاهلى للتاريخ- هى مشكلة((الملكية)) وما يترتب عليها من نتائج سياسية0
        فدكتاتورية رأس المال قد أباحت الملكية الفردية بغير حد وبكل صورة00 ومادامت هكذا- بغير حد وبكل صورة- فنتائجها((الحتمية)) أن يتجمع فى يدها- رويداً رويداً- السلطان0 ثم أن تعمل على المحافظة على هذا السلطان0 وهو سلطان متزايد- بطبيعته- فالربا- الذى تقوم عليه الدكتاتورية الرأسمالية- يجعل الثروة تتضاعف((أضعافاً مضاعفة)) بحساب الربح المركب ثم يؤدى فى النهاية إلى الاحتكار([2]) كما هو حادث اليوم فى العالم الرأسمالى. ومن ثم تتركز السلطات فى يد فئة قليلة من الناس. تعلم جيداً فيما بينها وبين نفسها أنها تغتال الناس وهم أحياء .. وتعلم جداً فيما بينها وبين نفسها أنه لو خلى بينها وبين الناس لا نقضوا عليها، يستردون ما سلب منهم من أموال وجهد وعرق ودماء. فلابد أن يحصنوا أنفسهم بالتشريع الذى يكفل صيانة مصالحهم. ولابد لهم أن يملكوا فى أيديهم القوة التنفيذية التى يقيمون بها هذه الصيانة. عن طريق أجهزة الدولة تارة، فإن لم تكف فعن طريق العصابات – لا مانع! – وعن طريق تلهية الناس ببعض المنافع، والعدالة الجزئية.. و((المسرات))!
        ما أكثر المسرات فى ظل الرأسمالية !
        حفلات ورقص وإباحية وتحلل 00 اصنع ما تشاء ! تلك ((حريتك)) الشخصية! لا تحريج لأحد عليك ولا سلطان. البس كما ترغب . وتعر كما ترغب! صغ علاقاتك الجنسية على هواك.. أنت تعيش فى ظل ((الحرية))!!
        وبهذه الوسائل وتلك.. وبكل الوسائل .. يسيطر رأس المال ، ويقيم طاغوته على رقاب الناس!
        ودكتاتورية البروليتاريا تمنع الملكية الفردية البتة! وما دامت هكذا فنتيجتها ((الحتمية)) أن يتجمع السلطان كله فى يد السلطة الحاكمة وينتزع من الناس ! إنه مادام لا يوجد شخص يملك شيئاً لنفسه 00 ما دامت لقمة الخبز تأتى عن طريق الدولة 0 ولا تأتى إلا عن طريقها، فالنتيجة الحتمية أن يكون الفرد مستذلاً للدولة من أجل لقمة الخبز ! لا يملك أن يعارضها لأن قوته فى يدها. ولا يملك أن يحد من سلطانها لأنه سيتعرض للجوع. ويستوى أن يكون الحاكم فى ظل دكتاتورية البروليتاريا طيباً جداً وتقيا وورعاً (!!) كما تقول صحف البروليتاريا عن كل حاكم فى أثناء امتلاكه للسلطة، أو وحشاً سفاحاً مجرماً خائناً كما تقول عنه الصحف بعد أن يموت أو يزول عنه السلطان.. يستوى أن يكون هذا وذلك .. فالدكتاتورية ليست كامنة فى ((شخص)) الحاكم، وإنما فى أساس النظام ذاته. فى قيام الدولة – وحدها – بحيازة الملكية كلها، وحرمان الناس من كل طريق للقوت إلا عن طريقها 00 فتستذل رقابهم بلقمة الخبز !
        لقد زعمت دكتاتورية البروليتاريا – ولا شك – أنها ((حررت)) الناس.. القطيع.. من المذلة للإقطاع ورأس المال من أجل لقمة الخبز . نعم ! ولكنها عادت ففرضت المذلة ذاتها.. المذلة من أجل لقمة الخبز .. على ذات القطيع الذى ((حررته)) من الإقطاع والرأسمالية . فلم يتغير فى حقيقة الأمر إلى السيد المستذل: لم يتغير إلا شكل الطاغوت.. وبقى الناس – كما هم فى الجاهلية أبداً – عبيداً للطاغوت !
        ولتلهية الناس .. تقدم لهم بعض المنافع، والعدالة الجزئية .. والمسرات!
        نفس المسرات التى تقدمها دكتاتورية رأس المال!
        حفلات ورقص وإباحية وتحلل00 فى ذلك اصنع ما تشاء! إنها((حريتك)) الشخصية!
        وهكذا يقع فى يد الناس- فى ظل هذه الدكتاتورية وتلك- شئ من النفع الحقيقى الذى لا شك فيه، وشئ من العدالة الجزئية0 وشئ من((الانبساط))!
        وبهذا الفتات الذى يتساقط فى أيدى الناس، تقوم هذه الدكتاتورية وتلك بتلهية الناس عن أعنف طاغوت شهدته البشرية! بينما أصحاب الطاغوت- الفئة القليلة التى تملك السلطان- تتمتع إلى درجة الفجور0
        فى طاغوت الرأسمالية يملك نفر من الناس- يعدون أحياناً على الأصابع – من المال والسلطة ومباهج الحياة وترفها – الفاجر – ما تعجز عن عده الأرقام وعن تصوره الأفهام. أولئك هم ((ملوك)) الصناعة. ويصل سلطانهم – الفاجر – أن يقتلوا رئيس الدولة ويعملوا على أن تمر القضية بلا ضجيج!  
        وفى الطاغوت الذى يقوم باسم البروليتاريا، تتمتع الفئة القليلة التى تملك السلطان – وهى أعضاء ((الحزب)) الشيوعى – بأقصى نعيم متاح فى الأرض .. بينما ((الفقر)) يوزع بالسوية على الجماهير !
        ثم تقوم وسائل الإعلام – فى هذه الدكتاتورية وتلك – بتسليط الأضواء التى تبهر العيون، على الفتات المتساقط فى يد القطيع .. وفى الوقت ذاته تقوم بإخفاء معالم الجريمة البشعة التى ترتكب فى حق ذلك القطيع .. جريمة تحويلهم إلى سائمة مستباحة، وحرمانهم من ((حقوق الإنسان)) ومن كرامة الإنسان!
        ويكون هذا وذاك هو ((التطور)) الحتمى، كما يقرر التفسير الجاهلى للتاريخ !
* * *

[1] وزعت على المسلمين أبراد(أقمشة) يمانية، فنال عمر برد كبقية المسلمين، ولما كان رجلاً طوالاً لا يكفيه برد واحد، فقد قام سلمان الفارسى يستجوبه: من أين لك البرد الذى ائتزرت به وأنت رجل طوال لا يكفيك البرد الذى نالك كبقية المسلمين؟! فنادى عمر ابنه عبد الله بن عمر، فشهد عبد الله أنه تنازل لأبيه عن برده الخاص ليستطيع أن يجد الكسوة اللازمة له!  
[2] نتحدث عن الربا والاحتكار فى الفساد الاقتصادى فيما بعد، ولكنا هنا مضطرون للحديث عنهما سريعاً لبيان آثارهما فى السياسة فحسب0

Previous Post Next Post