حقوق الإنسان
في أساس الأمر، من الضروري تقديم مدخل إلى حقوق الإنسان لتمكين المتدربين من تقدير حقوق الإنسان ومتضمناتها في مجال التنمية، وكذا لتوعيتهم بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بمجال عملهم.

يحاول الكثير من أدلة التدريب على حمل ممارسي العمل التنموي على تبنى قضية حقوق الإنسان، ليس فقط بفهمها، بل أيضا بتبنى وتضفير مبادئ حقوق الإنسان، كالمشاركة والمساواة والكرامة، في طرق عملهم التنموي.

وقد قامت بعض المنظمات العاملة في مجالات محددة بتطوير دورات تدريبية بهدف تقريب المتدربين من مواثيق محددة لحقوق الإنسان، مثل اتفاقية حقوق الطفل، أو اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة. وفي تلك الحالات، يقدم الدليل التدريبي شرحا أكثر لمبادئ محددة تنطبق في ظروف محددة، أو لمجموعة محددة من المعايير المنصوص عليها في الاتفاقية أو الوثيقة، أو طرق الاستخدام مواثيق حقوق الإنسان لوقف انتهاكات تلك الحقوق.
تنمية من منظور حقوقي
بالإضافة إلى المناهج التقليدية في العلوم السياسية والاقتصادية والأنثروبولوجية وغيرها من العلوم الاجتماعية، يوجد عدد من الأدوات لمساعدة المنظمات على إجراء تحليل لمجال اهتمامهم المركزي من منظور حقوقي على أساس مزيج من حقوق الإنسان والممارسات التنموية الجيدة. وربما تشتمل تلك الأدوات على مختلف أنواع التحليلات، سواء من منظور الألتزامات والمسئولية، تحليل الخسائر، تحليل نقاط القوى (أى الجندر والعلاقات بين البلوغ والطفولة)، وتحديد القدرات والقيود من أجل إدراك الحقوق. وهناك أيضا أدوات للمساعدة في رسم خريطة لانتهاكات الحقوق.

وتهدف أدوات وتكنيكات أخرى إلى إحداث تغيير في عملية إدراك الحقوق، ويمكن استخدام بعضها كأدوات تنمية أو كأدوات مناصرة حقوق الإنسان، وأخيرا هناك أدوات  يمكن استخدامها لمراقبة الإنجازات المحرزة في سياق إطار عمل من منظور الحقوق، سواء من حيث العملية التي تحقق الإنجاز من خلالها، أو من حيث قياس درجة إدراك حق ما.

كيف تضع برنامج من منظور حقوقى؟
يتعلق وضع برنامج من منظور حقوقي بقدر ضئيل بوضع قواعد، وبقدر كبير بإدخال مجموعة من الممارسات التي، ليس فقط، تتطور مع الخبرة بها وتجريبها، بل أيضا من الضروري تعديلها لتتلائم مع مختلف السياقات.
ويؤكد الخبراء من الممارسين والمحللين أن "مقاس واحد لا يناسب الجميع".

بها كـ "ممارسات ضرورية ومحددة وفريدة من أجل مقاربة من منظور حقوق الإنسان":

•        اعمل على تحديد المطالب الحقوقية لدى حاملي الحقوق rights- holders، والتزامات حقوق الإنسان ذات الصلة الواقعة على الملتزمين بالواجبات duty- holders، وكذلك أسباب عدم إدراك تلك الحقوق.
•        اعمل على تقييم قدرة حاملي الحقوق على المطالبة بحقوقهم، وكذلك قدرة الملتزمين بالواجبات على الوفاء بالتزاماتهم؛ ثم قم بوضع الاستراتيجيات لبناء تلك القدرات.
•        اعمل على ملاحظة وتقييم كل من المخرجات والعمليات وذلك بتوجيه من معايير ومبادئ حقوق الإنسان.
•        تأكد أثناء تكوين البرنامج من الأخذ في الاعتبار توصيات اللجان والآليات الدولية لحقوق الإنسان.
وبهذه الطريقة لا تضحى المقاربة الحقوقية مجرد غاية لإدراك وسيلة، بل بالأحرى تكون عملية تطبيق تلك الحقوق تجسيدا لإدراك حق الشخص كذلك.
وعلى نحو أكثر عملية، ها هو مثال من هيئة إنقاذ الطفولة على كيفية تطبيق وضع برنامج من منظور حقوقي، وتتعلق حالة المثال بالعمل مع الأطفال. ومع هذا، يمكن تطبيق دورة وضع البرنامج في الكثير من مختلف أنواع السياقات، وذلك بالطبع مع إجراء بعض التعديلات. ويمكن لأدلة أخرى عرض خطوات مشابهة على نحو كبير.

يمكنك تحميل الوثيقة الكاملة من هنا: وضع برنامج حقوق طفل: كيف تعتمد مقاربة حقوقية في وضع البرنامج. أو أذهب إلى الصفحات الخاصة بموضوع دورة وضع البرنامج The Programme Cycle

ولا شك أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن لكل مؤسسة أن تستخدم مقاربة مختلفة، كما أنه حتى داخل المنظمة الواحدة تستخدم البرامج المختلفة استراتيجيات مختلفة (أنظر: مناهج مختلفة في وضع برامج من منظور حقوقي). بالإضافة إلى واقع صعود كافة منظمات المنظور الحقوقي في المنحنى البياني لتعلمهم.
ولذلك يفضل أن يتحلي الممارسين بالمرونة، والتجريب، وتقييم التأثير، والتعلم من التجربة والخطأ، إلى غير ذلك. وأخيرا من الضروري إلا نتجاهل تنمية المهارات الأساسية الجيدة لوضع البرامج (أنظر أسئلة وأجوبة Questions and Answers) كنتيجة من نتائج وضع البرامج من منظور حقوقي.

خلق إطارعمل دولي في حقوق إنسان
يمكن تعريف حقوق الإنسان بكونها تلك المعايير الأساسية التي بدونها لا يتسنى للناس العيش بكرامة كبشر.

ما أن تم تأسيس الحق قانوناً، أضحى نفس الحق هو الأداة القانونية التي يمكن لحاملي الحقوق استخدامها للمطالبة أمام حاملي الواجبات الآخرين في حالات الحرمان من هذا الحق أو انتهاكه، وبهذا يمكن محاسبة أولئك الذين يتحملوت الالتزامات والمسوليات (حاملي الواجبات).

تتبعا للأفكار والمفاهيم التي تحدد الحقوق على مدار الألفيتين. في القرون الأخيرة، تزايدت حركة تقنين حقوق الإنسان في الدساتير والقوانين الوطنية والميثاقات والأنظمة القانونية، إلا أنه، وفقط بعد الانتهاكات الجسيمة التي أدى إليها إندلاع الحرب العالمية الثانية، توفرت الإرادة السياسية اللازمة لتأسيس إطار دولي للحقوق.

ومع إعلان منظمة الأمم المتحدة جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 كإطار عمل نموذجي من المعايير الموضوعة بغرض تحديد الأسس لبناء مستقبل سلمي ومتسامح. ومن ثم جرى البناء على حجر الأساس (الإعلان) بثبات، بدايةً من تعزيز إعلان الحقوق المبدئي، ووصولا إلى اتفاقات ملزمة، ومؤخرا بتطوير المواثيق الدولية المتخصصة في تناول تحديات طارئة معينة.

إلا أنه ومع ذلك، لم يكن تأسيس إطار عمل من معايير حقوق الإنسان العالمية نتيجة لجهد عادي أو سلساً، فمثلا نظم الإعلان الأصلي مجموعة متنوعة من الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والجماعية والسياسية، إلا أن الأيديولوجيات المغايرة التي نشأت عقب الحرب العالمية الثانية إدت إلى تأخر الاتفاق على التطبيق المفصل لهذا النوع من الإطار العملي الشامل.

وقد شهدت العقود الأخيرة خطوات تقدم ذات مغزى في الاعتراف بكونية لحقوق الإنسان، وكذلك ساهمت إزاحة بعض القيود الأيديولوجية للحرب الباردة في إحداث هذا التحول. ولكن يعود الأمر في جزء منه إلى المعرفة الناجمة من وضع برامج التنمية الدولية التي حولت المقاربة من منظور الحاجات إلى مقاربة تركز على الأشخاص كحاملي حقوق طبيعيين. وحديثا جدا اكتسب هذا الدمج بين التنمية وحقوق الإنسان مكانة واعتراف من خلال وضع برامج العمل من منظور حقوق الإنسان.

ما هى المقاربة الحقوقية في وضع البرامج A Human Rights- Based Approach to Programming؟

إن الوعى بالأشخاص كحاملى حقوق طبيعيين – واستيعاب مفاهيم الالتزام، والمسئولية والمحاسبية- أمر محوري للمجال الناشئ المسمي المقاربات التنموية من منظور حقوق الإنسان.

أُقرت مبادئ حقوق الإنسان على المستوى الدولي منذ 50 عاما كجزء من رسالة وتعهد منظمة الأمم المتحدة، إلا أن اعتبار الأشخاص كحاملي حقوق طبيعين يعود إلى ما قبل ذلك بوقت طويل، وله جذوره في الكثير من الحركات الاجتماعية من جميع أنحاء العالم.

واكتسب مفهوم المقاربات الحقوقية اعترافا عام 1997، حين دعا كوفي عنان إلى إدماج حقوق الإنسان في العمل التنموي للأمم المتحدة. ومنذ هذا الحين، تزايد عدد المنظمات التنموية التي تطبق المقاربات الحقوقية rights-based approaches RBA في برامج عملها.

واعتمدت اليونيسيف المقاربة الحقوقية رسميا في أبريل 1998. وفي عام 2002 أعتمد نظام الأمم المتحدة "فهما مشتركا لعملية وضع البرامج من منظور الحقوق". وبدأت العديد من المنظمات غير الحكومية، مثل آكشن آيد Action Aid، وكير CARE، وأوكسفام Oxfam، وإنقاذ الطفولة Save the Children، في إدماج مكونات المنظور الحقوقي في برامج عملهم.

ويري الكثيرون أن المقاربة الحقوقية هى التطور الطبيعي لعملية وضع البرامج التنموية- تطور يدرج مبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان في الممارسات الجيدة الحالية. وبهذه الطريقة يتسنى إضافة تلك القيمة للأنشطة التنموية من خلال تغيير أسلوب تنفيذهم وكذلك القضايا التي يتناولونها.

تعريف موحد للمقاربة الحقوقية RBA
"هى مقاربة حقوقية للتنمية، تعزز العدالة والمساواة والحرية، وتتناول قضايا القوى التي توجد في القلب من جذور الفقر والاستغلال. ومن أجل تحقيق هذا، تفيد المقاربة الحقوقية من معايير ومبادئ وأساليب حقوق الإنسان، والحراك الاجتماعية والتنمية"
(وضع برامج من منظور حقوقي- مقاربة ناشئة، جواكويم ثيس، هيئة إنقاذ الطفولة.)

والعناصر الأساسية المتفق عليها في المقاربة الحقوقية هى أنها:

تُقر بالالتزام والمسئولية والمحاسبية كعناصر للتنمية البشرية

تُلزم حامل الواجبات (أولئك الذين يتحملون الالتزام والمسئولية) بتلبية المطالبات المبررة التي يتوجه بها إليهم حاملو الحقوق.

تؤكد على أهمية عملية التنمية بقدر ما تؤكد على أثرها.

تؤسس لشرعية الفهم الدولي.

ونظرا لتنوع نشطاء ومؤسسات التنمية- وتفاوت تأثيراتهم-، لا يوجد "مقاربة" واحدة لدمج الحقوق في عملية وضع البرامج، وذلك رغم توفر كافة المبادئ المذكورة أعلاه في المقاربات جميعها. وحتى في داخل المنظمة الواحدة، يوجد دوما تنوع في المقاربات وفقا للسياق.
أنظر مقاربات مختلفة لوضع البرامج من منظور حقوقي.

الإقرار بالحقوق كجزء من التنمية البشرية
يعود تاريخ الفكر الفلسفي والمعنوي والأخلاقي لماهية حقوق الإنسان إلى الحضارات الأولية، وقد أثر النضال من أجل الحريات الأساسية في إحداث تغيير جذري في علاقات البشر ببعضهم البعض، وكذلك أثر على العلاقة بين الفرد والدولة، وتوقعات العدالة الاجتماعية، والمعايير العالمية المعترف بها والنظام العالمي.

وعلى مدار الخمسين عاما الماضية، جرى تقنين وترسيخ حقوق الإنسان على المستوى الدولي، بدءاً بإيجاد منظمة الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية. ومع هذا، وخلال البضعة عقود التالية، لم يكن لحقوق الإنسان دورا مركزيا في ممارسات التنمية. بل عملت المنظمات المناضلة من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان بالتوازي مع منظمات التنمية.

ولم يندمج الاثنان معا إلا منذ أواخر التسعينات فقط. فبالنسبة للبعض، أدى تحسين ممارسات التنمية إلى تعزيز المبادئ الفعالة التي كانت تتقارب من مبادئ حقوق الإنسان. وبالنسبة لآخرين، وخاصة أولئك المناضلون من أجل الحقوق المدنية والسياسية للفئات المهمشة، فقد قاموا بتوسيع نطاق رسالتهم للسعي من أجل تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. وأيا كانت الدوافع وراء ذلك، فقد أضحت حقوق الإنسان الآن نقطة تركيز هامة للمجتمع الدولي للتنمية.

وقد كانت نقطة تحول هامة للكثير من منظمات التنمية عام 1997، حين دعا الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة إلى إدماج حقوق الإنسان في مجمل نظام الأمم المتحدة. ومنذ هذا الحين، اكتسبت عملية إدماج حقوق الإنسان في وضع برامج التنمية، والتي نطلق عليها المقاربة الحقوقية، اهتماما متزايدا من قبل الممارسين والمناصرين، سواء العاملين في أجهزة ووكالات الأمم المتحدة (كاليونيسيف والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، أو المنظمات غير الحكومية (الوطنية والدولية)، أو جهات التمويل الحكومية (مثل الوكالة الدولية السويدية للتعاون والتنمية SIDA وإدارة التنمية الدولية بالمملكة المتحدة DFID).

ويدعي الكثيرين أن الدمج بين حقوق الإنسان والتنمية سيؤدي إلى إيجاد نوع جديد من مناخ التنمية، يصير فيه تقدير المساواة والاحترام والكرامة عناصر أساسية في عملية القضاء والاختصاص. وبالفعل، قامت الكثير من المنظمات، بقيادة آمارتيا سين، أستاذة الاقتصاد، باعتماد المذهب القائل بأن إدراك حقوق الإنسان هو الهدف الأساسي من التنمية. 

ولا يقتنع البعض بأن إعلاء شأن الحقوق يمثل ابتعادا ملحوظا لممارسات التنمية الموجودة، ذلك لأن الحقوق تمثل دوما جزء أساسي من عملهم، ومع هذا، من الواضح التطلع المتزايد لوكالات التنمية نحو إدماج دور حقوق الإنسان في عملهم على نحو رسمي.

مقاربات مختلفة لوضع البرامج من منظور حقوقي
على الرغم من الاتفاق العام على المبادئ الأساسية للمقاربة الحقوقية، إلا أن تفسيرها وتطبيقها يتنوع.

يؤثر عدد من العوامل على طبيعة وضع البرامج الحقوقية التي تعتمدها منظمة ما. ويعتمد هذا في معناه الأشمل على ما إذا كانت تلك منظمة حقوقية تسعى جاهدة لإدماج عوامل التنمية، أم أنها منظمة تنمية تحاول احتضان حقوق الإنسان.
والأكثر من هذا، أن المنظمة ربما تعتبر إدراك حقوق الإنسان جزء من تحقيق أهداف المنظمة، أو هدف من أهدافها في حد ذاته.
وللأجهزة التي تدير المنظمة نفسها أهمية أيضا، تفاوتا ما بين مجموعات المجتمعات المحلية، والمنظمات غير الحكومية المتحولة، والمؤسسات المالية الدولية ووكالات الأمم المتحدة. وينطبق نفس الشئ على القطاعات التي تعمل بها المنظمة- الطفل، المرأة، العمل، الإعاقة، المهمشين، المجتمعات، الماء، الغذاء، التجارة، أو البيئة- والتي يمكن إلى حد ما أن تحدد كيفية وضع وتنفيذ برامجهم الحقوقية الخاصة. وما هى مضامين هذا؟

يعتمد وضع البرامج بشكل كبير على نوع العمل الذي تقوم به المنظمة. وفيما يلي عدة أمثلة:

إذا كانت المنظمة تعمل مع أصحاب الحقوق (حاملي الحقوق) للدفاع عن حقوقهم، أو مع (حاملي الواجبات) المسئولين عن إدراك الحقوق للوفاء بالتزاماتهم والقيام بمسئولياتهم.. أو كليهما.

إذا كانت المنظمة تهدف إلى التأثير في صنع السياسات، أوتطبيق الممارسات، أوخلق الوعى، أوحشد القوى من أجل التغيير، أو خلق التوازن بين تلك القوى.

إذا كانت المنظمة تعمل في المجال القانوني (مثال: العمل على تحسين مواثيق حقوق الإنسان)، أو العمل على تنفيذ تلك المواثيق.

وعلى الرغم من تلك الاختلافات الواضحة، لابد أن نتذكر أن المنظمات تعمل دوما على تحقيق نتائج متشابهة، وهم يتجهون بشكل متزايد صوب أهداف مُقرة حاليا في مواثيق حقوق الإنسان الدولية.

ويعد التحدي المحوري أمام التحويل إلى العمل في التنمية البشرية من منظور الحقوق هى الحاجة إلى خلق أفضل أنواع الدمج، من حيث النتائج، فيما بين الفاعلين والمساهمين في عملية إدراك الحق. وغالبا ما سوف يكون الأمر كسلسلة من حاملي الواجبات الذين تقع على عاتقهم مسئوليات مختلفة، فيتفاعل هؤلاء الفاعلين المختلفين مع مساهمين مختلفين (أنظر المثال التالي)

مقاربة من منظور حقوق الإنسان للتعليم

لكل الأطفال الحق في الحصول على تعليم ذو جودة وصلاحية، مما يسهم في تحقيق أقصي إنماء لهم (وبالطبع لتنمية مجتمعهم أيضا)
ولتحقيق هذا يكون الوالدان مسئولان عن تأمين فرص التعليم لأطفالهم، دونما اعتبار للنوع أوالقدرة أو أى أساس تمييزي آخر.
ويكون المدرسين مسئولين، ليس فقط، عن توفير فرصة التعليم للأطفال في فصولهم بأقضى قدر ممكن، بل أيضا دعم ومساندة الوالدين في ذلك.

وعلى المجتمعات مسئولية دعم البيئة المدرسية (وربما أيضا التسجيل في المدارس بالنسبة لمتحدي الإعاقة)
وعلى الحكم المحلي مسئولية إدارة الموارد، وكذلك الإدارات الحكومية عليها أن تمد المدرسين بالتدريب والمواد التدريبية اللازمة.

وعلى الحكومة نفسها مسئولية ضمان الحصول على الموارد وتخصيصها حتى يحصل جميع الأطفال على فرص متكافئة وملاءمة، وهكذا دواليك.

وعلى المؤسسات المالية الدولية مسئولية ألا تفرض القيود على التحقيق الكامل لما هو مذكور أعلاه.

وحتى الأطفال تقع عليهم مسئوليات، وهى أن يفيدوا من الفرص المُوَفرة لهم، وألا يتدخلون في حقوق الأطفال الآخرين لاحقاً، مثلا بالبلطجة أو التحامل.

ويجوز أن تحتاج بعض المواقع في خريطة الالتزامات الموضحة تلك إلى دعم وتعزيز. إذ ربما لا تتوفر دوما للوالدين المهارات أو الموارد للوفاء بالتزاماهم، وربما واجه المساهمين الآخرين تحديا يفوق قدراتهم.  وربما تدخل المانحين المختلفين في بعض النقاط في إطار التزامهم أو مجال عملهم.

وأخيرا، وحتى إن تماثلت أهداف المنظمات ووسائلها لتحقيق تلك الأهداف بشكل كبير، ربما يتخذ التعبير عنهاأشكال مختلفة.
على سبيل المثال، تقول ماري روبنسون، المفوضة السامية السابقة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن "المقاربة الحقوقية... تعني ألا تصف الموقف من حيث الحاجات أو المناطق التي تحتاج إلى تنمية، بل من حيث الالتزام بإدراك حقوق الأفراد، مما يُمَكِّن الناس من المطالبة بالعدالة كحق وليس كصدقة. ويحقق تقنين تلك المطالب التوازن مع القوى الأخرى الأقل إيجابية. كما يتضمن مشاركة الناس المباشرة في صنع القرار المتعلق بتنميتهم أنفسهم." (جينيف، مايو 1999)
ومقارنة هذا باللغة التي استخدمتها منظمة "كير CARE": "تركز المقاربة الحقوقية، عمدا وبوضوح، على تحقيق الناس للحد الأدني من الحياة الكريمة (أى تحقيق حقوق الإنسان). وتقوم المقاربة الحقوقية بتحقيق هذا من خلال الكشف عن الأسباب الجذرية للتعرض للانتهاك، والتهميش وتوسيع نطاق الاستجابات." (ورشة عمل كير حول حقوق الإنسان والمقاربات الحقوقية في وضع البرامج" أغسطس 2000 في تعزيز الحقوق والمسئوليات، يونيو 2001)

بالكاد تجد كلمة مشتركة في المقولتين (سوى كلمة حقوق) ، ومع هذا فالمعني واحد بشكل ما أو بآخر. وعلى الأرجح أن أثبات هذا، إنما ليس في التعريف المستخدم، بل في أثر المقاربات الحقوقية التي يتم توظيفها على نحو عملي. وهنا يصير الفرق بين المجاز والواقع مرئياً.




Previous Post Next Post