معنى الحقِّ في اللغة والاصطلاح .
الحقُّ في اللغة : الحاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إحكام الشيء وصحَّته، فالحقُّ نقيض الباطل، ثم يرجع كلُّ فرع إليه بجودة الاستخراج، وحسن التلفيق، وهو مصدر حقَّ الشيء، من باب ضَرَبَ وقَتَلَ ؛ إذا  وَجَبَ وثَبَت ؛ ولهذا يُقالُ  لمرافق الدار : حقوقها .
ومنه قولهم : فلان أحقُّ بكذا ؛ ويستعمل بمعنيين : أحدهما اختصاصه بذلك من غير مشاركٍ له ؛ نحو : زيدٌ أحقُّ بماله ؛ أي لا حقَّ لغيره فيه . والثاني : أن يكون أفعل التفضيل، فيقتضي اشتراكه مع غيره، وترجيحه على غيره ؛ كقولهم: زيدٌ أحسن وجهاً من فلان، ومعناه : ثبوت الحسن لهما معاً، وترجيحه لزيد، ويجمع الحقُّ على : حقوق، وحِقَاقٌ .
ويُطلق الحقُّ لُغَةً على : اسم من أسماء الله تعالى، والقرآن، المال، والملك، الثابت بلا شكٍّ، والعدل، والإسلام، والأمر المقضي، والنصيب الواجب للفرد أو الجماعة . وأصله في اللغة : المطابقة والموافقة (60) .
تعريف الحق في اصطلاح الفقهاء :
استعمل الفقهاء الحق بمعانٍ عديدةٍ، وفي مواضع مختلفة، ترجع كلُّها إلى المعنى اللغويِّ، وأكثر الفقهاء المتقدمين لم يضعوا للحقِّ تعريفاً اصطلاحيَّاً ؛ نظراً لشيوعه عندهم ووضوحه، بحيث لا يحتاج إلى تعريفٍ خاصًٍّ، ومن الاستعمالات العامة للحقِّ في نظر الفقهاء :
أ- ما يثبت للشخص من ميزات ومُكْنَات، سواء أكان الثابت شيئاً مالياً أم غير ماليٍّ .
ب- في مقابل الأعيان والمنافع المملوكة، بمعنى : المصالح الاعتبارية الشرعية التي لا وجود لها إلاَّ باعتبار الشارع ؛ كحقِّ الشُّفعة، وحقِّ الطلاق، وحقِّ الحضانة، ونحو ذلك .
ج- بمعناه اللغوي الصِّرف ؛ كما في قولهم : حقوق الدار ؛ أي مرافقها؛ كحقِّ التَّعَلِّي، والمرور والشرب، ونحو ذلك (61) .
وأمَّا المعاصرون من أهل العلم فقد اختلفت وجهاتهم في تحديد معنى الحقِّ في الاصطلاح ؛ فمنهم من عرَّف الحقَّ على أنَّه مصلحة ثابتة شرعاً للفرد أو الجماعة؛ ومنهم من عرَّفه على أنَّه اختصاص يُقَرِّر به الشرع سلطةً على شيءٍ ؛ ومنهم من عرَّفه انطلاقاً من المعنى اللغوي ؛ وهو الثبوت والوجوب . ونظراً لكثرة تعريفات الحقِّ في اصطلاح أهل العلم، وما قد يرد عليها من ملاحظات وانتقادات يطول الكلام بذكرها ؛ فإنَّ تعريف الحقِّ الاصطلاحيِّ المختار هو :
اختصاص ثابت شرعاً، يقتضي سلطةً أو تكليفاً لله تعالى على عباده، أو لشخصٍ على غيره (62) .
ومن خلال هذا التعريف للحقِّ اصطلاحاً يتَّضح أنَّ الحقَّ علاقة شرعية، وهذه العلاقة ليست إلاَّ اختصاصَ صاحب الحقِّ بمحلِّ الحقِّ، اختصاصاً يقتضي المصلحة في ثبوت السلطة أو التكليف على الشيء (63) .

Previous Post Next Post