غزوة فتح
سبب الغزوة:
لم يكن يدور في خلد عمر بن الخطاب الفوائد الجمة التي سيجنيها المسلمون والدعوة الإسلامية من صلح الحديبية, لذلك فلقد حزن منها في بادئ الأمر واعترض وتسخط حتى نزل القرآن يصف الصلح بأنه فتح مبين وحقًّا كان هو؛ لأنه كان السبب المباشر لفتح مكة! لأن من بنوده أن من أحب أن يدخل في حلف الرسول دخل ومن أراد أن يدخل في حلف مكة وقريش دخل فدخلت خزاعة في حلف الرسول، ودخلت بنو بكر في حلف قريش وكان بين خزاعة وبني بكر ثارات قديمة أيام الجاهلية، وفي شهر شعبان 8هـ اعتدت بنو بكر على خزاعة وأعانت قريش بني بكر على ذلك بالسلاح والرجال، وعد ذلك خرقًا لبنود المعاهدة والصلح؛ لأن الاعتداء على الحليف بمثابة اعتداء على من يحالفه, وهذا الاعتداء يعتبر مباشرة على الرسول والمسلمين, خاصة أن الإسلام قد فشا وانتشر في خزاعة وقتل في هذا الاعتداء رجال من المسلمين، ولما وصلت الأخبار بذلك للرسول قرر رد العدوان وأخذ القرار الكبير بالسير لفتح مكة، وكان رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpgقبل أن يأتيه الخبر قد تجهز للجهاد ولا أحد يعلم وجهته حتى أزواجه أمهات المؤمنين.
استعداد المسلمين للخروج
جهز الرسول نفسه وجهز صحابته من أجل فتح مكة، ولكن أبقى الأمر سراً لم يخبر به أحد، حتى أبو بكر الصديق وابنته عائشة، فقد كان الرسول يحاول إخفاء الأمر عن الجميع من أجل إنجاح الأمر، وفتح مكة بسهولة، وقد قام يعمل حالة من التمويه على أهل قريش حتى لا يصلهم خبر أن الرسول جاءهم غازي لهم، فقد أرسل سرية إلى منطقة بطن إثم، حتى يظن البعض أن هذه المسيرة من أجل بطن أضم، وبعد أن بدأ الرسول بالتحرك نحو مكة قام أهل بطن أضم بإرسال رسالة إلى مكة المكرمة مع امرأة من أجل إخبارهم بنية محمد على فتح مكة، ولكن أعلم الوحي الرسول بذلك، وقام بإرسال اثنين من الصحابة إلى مكان هذه المرأة وأخذ الرسالة منها غصباً. سير الرسول والصحابة إلى مكة المكرمة جهز الرسول جيشاً من آلاف الصحابة، وخرجوا قاصدين مكة المكرمة، وكانوا صائمين، حتى وصلوا إلى بئر وأفطروا هناك، وأفطر معهم الرسول، وجلسوا في منطقة الجحفة، وهناك لقيهم العباس بن عبد المطلب والذي كان قد هاجر من مكة مع أولادهم، فسعد الرسول لرؤيته كثيراً. وخرج أبي سفيان وعبد الله بن المغيرة، ولقيا الرسول عند منطقة العقاب، فأرادا الدخول إلى رسول الله، فرفض الرسول، ولكن رق قلبه فيما بعد، فأدخلهما إليه، جاءوه معتذرين ومسلمين، فعفا الرسول عنهم، وقبل أعذراهم. وعندما وصل الرسول إلى مكة المكرمة، كان قد جهز الجيش جيداً من أجل دخول مكة من جميع الجهات، فقد قسم الجيش إلى عدة أقسام، وعلى كل قسم أمير لهم، من أجل دخول مكة، ومن ثم دخل أبو سفيان إلى مكة صارخاً في أهلها (يا أهل قريش إن محمداً قد جاءكم بما لم يأتكم به من قبل) فمن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل بيته فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فهرع الناس إلى بيوتهم وإلى المسجد وإلى بيت أبي سفيان. دخل الرسول وأصحابه مكة من جهاتها الأربعة، وكانت هذه بمثابة الضربة القاسية لأهل قريش، حيث إنّهم لم يتمكنوا من مقاومة المسلمين أو ردهم عما جاؤوا من أجله، وهنا دخل المسلمين مكة، مكبرين مهللين، ومن ثم دخل الرسول خافضاً رأسه، ومردداً لسورة الفتح، وحامداً الله على هذا الكرم الذي أخص به المسلمين. بعد أن أمن الناس إلى الرسول وأصحابه، خرجوا من بيوتهم واتجهوا إلى الكعبة، وكان الرسول يطوف حول الكعبة وبيده قوس يهدم به جميع الأصنام التي تقابله، ودخل إلى داخل الكعبة وقام بهدم جميع الأصنام الموجودة فيها، ومن ثم أمر بلال بن رباح أن يصعد إلى الكعبة ويرفع الأذان منها، وكان يردد (ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً). وأصدر الرسول العفو عن بعض الأشخاص، وأباح دم البعض الآخر، ولكن من الأشخاص الذين أباح دمهم الرسول من جاءه طالبين العفو والصفح فقدمه الرسول لهم، وبدأ أهل مكة في الدخول في الإسلام. وختاماً كان لا بد للنبي صل الله عليه وسلم أن يتّخذ خطوات العفو بشأن أهل مكة، ويتعامل معهم بمعاملة أهل الإسلام الذي نادى بها منذ بداية الإسلام، وبعودة النبي وأصحابه إلى أرض مكة توافدت الخلائق للدخول في دين الله سبحانه.