اعتبر ظهور فندق Termont Hotel بمدينة بوسطن الأمريكية بمثابة تحول كبير في مفهوم الفندقة، حيث امتدت خدماته لما هو أبعد من توفير الضروريات الأساسية (كالنوم، والطعام)، حيث قام هذا الفندق بتحسين جودة خدمات الإقامة من خلال توفير غرف فردية بمفتاح يمكن به غلق الغرفة لزيارة درجة الخصوصية والأمان للنزلاء، كما تم توفير المياه والصابون داخل كل غرفة وإضاءتها بمصابيح الغاز، فضلاً عن إسناد مهمة الإشراف على مطعم الفندق لمدير فرنسي إمعاناً في التميز، ولم تكن الخدمات غير التقليدية مألوفة من قبل، مما مكن الفندق من تحقيق نجاحٍ كبير دفع منافسيه للإقتداء به.

       وشهد عام 1834 تركيب نظام للصرف الصحي الداخلي في الفنادق، كما استخدمت المصاعد البخارية لأول مرة في الفنادق عام 1853. أما في عام 1875 فقد تم بناء فندق ضخم بمدينة سان فرانسيسكو على الساحل الغربي للولايات المتحدة بتكلفة بلغت في ذلك الوقت خمسة ملايين دولار وضم 800 غرفة، ليصبح المكان المفضل عالمياً لإقامة الاحتفالات والمناسبات والمهرجانات الكبرى، كمهرجان Oscar بينما دخلت الخدمة الهاتفية للفنادق عام 1894، وكان أول فندق في العالم يمتلك هاتف هو فندق Netherlands بمدينة نيويورك الأمريكية.




       وفي عام 1896 أنشئ فندق Waldorf Astoria الشهير في مدينة نيويورك الأمريكية، والذي تم هدمه ليفسح مكان في نفس موقعه لإقامة أعلى مبنى في العالم (في ذلك الوقت) وهو مبنى Empire State، ثم أعيد بناء فندق  Waldorf Astoria مرة ثانية عام 1931 في نفس الموقع الذي ما زال يشغله حالياً بشارع Park Avenue.

       وقد شرعت الفنادق مع مطلع القرن العشرين في إدخال المزيد من التطوير على خدماتها، فقد قام العديد من فنادق أوروبا وأمريكا بتشييد حمامات خاصة لكل غرفة في الفندق، وأدخل نظام الحجز من خلال موظفي المكاتب الأمامية الذين اضطلعوا بمهام تسجيل بيانات النزلاء وكافة المعلومات المتعلقة بهم، والحجرات التي يفضلونها وذلك في سجلات خاصة لكل نزيل بحيث يمكن تقديم الغرفة المفضلة له إذا عاد للفندق ثانية، وقامت الفنادق بإنشاء أقسام للمبيعات الفندقية تتولى الترويج للفندق ( فقد كان هناك خلط مفاهيمي بين النشاط التسويقي والنشاط البيعي).

       وقد صاحب السنوات الأولى لفترة 1900 ظهور السكك الحديدية، مما أثر بصورة مباشرة على مواقع بناء الفنادق، فقد تركزت فنادق تلك الفترة حول الأماكن القريبة من محطات السكك الحديدية، وهي نفس الأماكن التي اعتبرت في فترات لاحقة أماكن غير ملائمة لإقامة الفنادق الحديثة، وذلك بعدد ظهور السيارات، وتناقص أهمية السكك الحديدية كوسيلة رئيسية للتنقل والسفر بين البلاد المختلفة.
       وبتدهور الأوضاع الاقتصادية خلال فترة الكساد العالمي أفلست الكثير من الفنادق وأغلقت أبوابها خلال الفترة من 1930 وحتى 1935 وازدادت الأوضاع سوءاً في الأربعينيات، فلم تصبح المشكلة فقط في انخفاض نسبة الأشغال بل في إيجاد العمالة الكافية لتشغيل الفندق، وتوفير الموارد اللازمة لمباشرة نشاطه.
       أما في بداية الخمسينيات فقد انتشرت بصورة كبيرة ما عرف بالسلاسل الفندقية، حيث أقامت الكثير من الفنادق الكبرى فروعاً لها في معظم المدن المهمة داخل البلاد، ومما أسهم في ظهور الإعــلان القــومي أو الــوطني للترويج عن تلك الفنادق في مختلف أنحاء البلاد، أي على مستوى الدولة كلها، وليس فقط منطقة جغرافية محددة كما كان في السابق.
       كما أسهم نظام السلسلة أيضاً في ظهور العلامات المميزة للفنادق بحيث يمكن العملاء التعرف على الفندق من خلال الشعار المميز له دون الحاجة لقراءة الاسم، وهو ما يعرف تسويقياً بإستراتيجيات التمييز والتي من خلالها يتم إعطاء اسم، أو علامة، أو رمز، أو تصميم بغرض تعريف السلعة أو الخدمة وتمييزها عن تلك المقدمة بواسطة المنافسين. وبالتالي يمكننا القول أن تبني النشاط للمبادئ والمفاهيم التسويقية قد بات واضحاً بصورة أكبر.

       وجاء النشاط السياحي الذي شهدته الستينيات والسبعينيات لينعش الفنادق، حيث قدمت السياحة فرصاً تسويقية عديدة ومتنوعة ساعدت الفنادق على النمو والتوسع، فقد تنامى الاتجاه نحو السفر الخارجي والداخلي، وتناول الطعام خارج المنزل، وظهرت الكثير من التحالفات السياحية، فقد ارتبطت مثلا شركة طيران TWA الأمريكية بالتعامل مع سلسلة فنادق Hilton، وارتبطت كذلك شركة ITT بسلسة فنادق Sheraton.

       واتخذت الفنادق من شعار " الفندق هو المنزل الثاني للنزيل " أسلوباً للترويج، فقد اهتمت أحواض السباحة بجذب العملاء من مرتادي الشواطئ إليها في نهايات الأسبوع والعطلات، كما شرعت في تنفيذ عدد من البرامج السياحية لسفر النزلاء إلى الخارج لفترات قصيرة، فقد قامت الكثير من الفنادق الأمريكية بتنظيم رحلات سريعة لمدة (يومين) لعملائها إلى العواصم الأوربية وبخاصة لندن وباريس بأسعار مخفضة للغاية.


       واهتمت الفنادق عموماً والمنتجعات بوجه خاص في فترة الثمانينيات بمجالات خدمية جديدة، حيث أنشئت داخل مبانيها النوادي الصحية، وحمامات السباحة، وصالات ممارسة الرياضة البدنية، كما قام البعض منها بإنشاء ملاعب للتنس، والسكواش، والرجبي، والجولف، وغيرها من الرياضات الترفيهية التي يقبل عليها السائحون.
       يرصد المتابع لمراحل تطور صناعة الفنادق أن هناك تطوراً مصاحباً له يتمثل في جمعيات الفنادق التي أنشئت في البداية بغرض الأمريكية دفع وتشجيع معدلات نمو نشاط الفنادق، وتعد جمعية فنادق مدينة نيويورك الأمريكية التي أنشئت عام 1878 من أقدم الجمعيات الفندقية، وكان غرضها الرئيسي المعلن هو ترويج النشاط الفندقي لمدينة نيويورك.


       وشهدت عشرينيات القرن الماضي نمواً في أعداد الجمعيات الفندقية، كنتاج لتزايد أعداد الفنادق، والتي واكبت فترة الرواج، إلا أن هذه المعدلات ما لبثت أن تراجعت بصورة حادة في الثلاثينيات مع حلول الكساد، وهو ما صبغ نشاط تلك الجمعيات بالطابع النقابي.



       جدول يبين السلاسل الكبرى في العالم حسب إحصائية 1994 Largest Hotel Chains.
م
اسم الفندق
عدد الحجرات
م
اسم الفندق
عدد الحجرات
1
Holiday Inn Worldwide
327886
11
Supper B Motels
63438
2
Best Western International
268046
12
Howard Johnson Franchise Systems
60786
3
Choice Hotels International
240668
13
Radisson Hotels International
59015
4
Days Inn of America
142810
14
Hyatt Hotels
54118
5
ITT Sheraton Corporation
128228
15
Hilton International
52581
6
Ramada Franchise Systems
105427
16
Forte PLC
50901
7
Hilton Hotels Corporation
95844
17
Hampton Inns
46895
8
Marriott Hotels, Resorts Suites
94005
18
Inter-continental Hotels Group
41671
9
Motel L.P.
86934
19
Richfield Hotel Management
41517
10
SRS Hotels
69316
20
Renaissance Hotels & Resorts
41054

       فقد تحول اهتمام الجمعيات الفندقية من تنمية النشاط الفندقي والترويج له إلى الدفاع عن حقوق العاملين في الفنادق، وتجلى هذا التوجه النقابي في إبرام الاتفاقات التي وقعتها جمعيات الفنادق مع المجلس الأمريكي التجاري للفنادق وهي التي ما تزال سارية حتى وقتنا هذا.

       كما تبنت جمعية الفنادق الأمريكية التي ظهرت في فترة لاحقة الدفاع عن مصالح الفنادق ضد الاستخدام السيئ من النزلاء، واهتمت أيضاً بمجال تدريب وتعليم موظفي الفنادق حيث أنشأت العديد من الفنادق والمعاهد الفندقية التي تمنح درجات علمية في الإدارة الفندقية.

       وتغير اسم تلك الجمعية في عام 1921 لتصبح الفنادق وفنادق الطرق الأمريكية ليستوعب نشاطها النمو السريع لفنادق الطرق، التي أصبحت تمثل عنصراً هاماً في النشاط الفندقي الأمريكي.

       وفي عام 1951 أنشأت جمعية الفنادق وفنادق الطرق الأمريكية معاهد تعليمية تابعة لها مباشرة، بغرض تطوير التعليم الفندقي بما يواكب المتغيرات الجديدة للبيئة الفندقية، وتأهيل عاملين أكثر كفاءة، وقد التحق بهذه المعاهد ما يقرب من (130) ألف دارس في ذلك الوقت.

       وتضم حالياً تلك الجمعية العديد من الجمعيات التابعة لها في كندا، المكسيك، برمودا، بهاما، منطقة الكاريبسي، آسيا، أفريقيا، أمريكا الجنوبية، وتقدم هذه الجمعيات خدماتها لأكثر من ثمانية آلاف فندق، وتساهم بصورة ملحوظة في تطور الصناعة الفندقية.


Previous Post Next Post