أهمية التنظيم في الفنادق

       حظيت دراسة التنظيم بصفة عامة باهتمام مطرد منذ فترة طويلة نسبياً، نظراً لتعدد تأثيره على مجالات المعرفة المختلفة، فهو على سبيل المثال موضع اهتمام الاقتصاديين بسبب تزايد الحاجات الإنسانية وندرة الموارد المتاحة لإشباعها. وموضع اهتمام علماء الاجتماع لما له من تأثير واضح على تماسك وبناء الجهود والعلاقات الجماعية بين الأفراد.

       كما يهتم بدراسة التنظيم أيضاً علماء النفس نتيجة التأثيرات والتفاعلات بين الأفراد العاملين في التنظيمات المختلفة ومنها الفنادق بطبيعة الحال، والاختلافات التي يظهرها سلوكهم داخل تلك التنظيمات وهو ما يعرف بالسلوك التنظيمي. كما أصبح حالياً موضعاً لاهتمام علماء الهندسة الصناعية باعتباره  وسيلة للإفادة من التخصص في العمل.

       ومن ناحية أخرى ينظر إلى التنظيم من الجانب الإداري على أنه أحد الوظائف الأساسية للإدارة الفندقية – موضع اهتمام المرجع – بجانب التخطيط والقيادة، والرقابة كما هو موضح بالشكل (1).


       ويستمد التنظيم في هذا الصدد أهميته من ارتباطه بهيكل السلطة، ودرجة تركز اتخاذ القرارات في المستويات الإدارية العليا، والحاجة نحو تجميع الأنشطة الضرورية في وحدات إدارية بحيث يرأس كل وحدة إداري مسؤول عما يؤدي في داخلها فوضت له السلطة الضرورية لتحقيق أهداف الفندق.

       يستمد التنظيم أهميته من الرغبة في تنسيق الجهود لتلافي التضارب والتعارض في الأداء والقرارات، وضرورة تكامل نشاط أقسام الفندق المختلفة لتحقيق الأهداف المرغوبة.
يستهدف هذا الباب تناول البناء التنظيمي للفنادق على اختلاف أنواعها، وهو ما يعني التعرض لأساسيات التنظيم الفندقي بما يتضمنه من مفاهيم ومبادئ ذات صلة، والهياكل التنظيمية للفنادق والعناصر الأساسية المكونة لها، وكذا الأشكال المختلفة للتصميمات التنظيمية.

       الوصول إلى تعريف محدد وشامل للتنظيم ليس بالسهولة التي قد يتصورها البعض، ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل يعود جزء منها للطبيعة غير المنظورة للتنظيم نفسه، فالكثير من مكونات العملية التنظيمية تنطوي على عناصر غير ملموسة مثل السلوك الإنساني، الدافعية، الأهداف، الواجبات، السلطة، المسؤولية، المركزية، الرسمية، التنسيق، تجميع الأنشطة، التفويض.

       كما يعود البعض الآخر من تلك العوامل إلى منظري التنظيم أنفسهم، فمعظم هؤلاء المنظرين قدم تعريفاً مختلفاً عن التنظيم من وجهة نظره وفقاً لجوانب اهتماماته البحثية، وخلفياته العملية.

       ومن المعلوم أن ظهور العديد من التعاريف المختلفة التي تصف نفس الظاهرة خلال فترة زمنية متقاربة يقود إلى التضارب، لذا سوف يتبع هذا المرجع منهجاً يعتمد على تناول أهم التعاريف الحديثة التي لاقت قبولاً نسبياً من المتخصصين في مجال الإدارة، هو ما يمكننا في النهاية من طرح مقترح للتنظيم.

       عرف البعض التنظيم بأنه عملية تحديد المهام التي يجب إنجازها، ومن الذي سينجزها؟ وكيفية تجميع تلك المهام؟ ومن يرأس من؟ وأين سيتم اتخاذ القرارات؟ وهو ما يتفق مع المفهوم الذي قدمه آخرون للتنظيم بأنه الوظيفة الإدارية المتعلقة بتحديد المهام، وتجميعها في أقسام مختصة، ثم تخصيص الموارد لتلك الأقسام.

       ويلاحظ على التعريفين السابقين أخذهما بمفهوم عملية التنظيم، أي النظر إلى التنظيم باعتباره عملية إدارية فهو هيكل لتجميع الأنشطة، وتحديد لعلاقات السلطة بطريقة رسمية، وتوصيف للمهام المطلوب إنجازها، وتحديد للأفراد الملقى على عاتقهم عبء الأداء، ومراكز صناعة القرار في الفندق.
       كما يعكس أيضاً اهتماماً واضحاً بأفراد الفندق، رغم أن بناء التنظيم الفندقي نفسه يتم حول الوظائف والأنشطة وليس حول الأفراد والأسماء، فالتنظيم الفندقي يبقى ويستمر بغض النظر عن تغير الأفراد شاغلي الوظائف.

       ومما يدعم رأي المؤلف التعريف الذي قدمه عالم إدارة آخر للتنظيم بأنه عملية هيكلة نظام لتنسيق السلطة والمسؤوليات والمهام. وهو ما يعني ببساطة الاتجاه نحو النقيض، حيث تجاهل تماماً هذا التعريف أي إشارة لأفراد التنظيم " الفندق في حالتنا "، لكنه أكد بصورة أكثر وضوحاً من التعريف السابق له على مفهوم عملية التنظيم، إلا أنه حصرها في التنسيق بين ثلاثة عناصر أساسية هي:
1-  السلطة.
2-  المسؤولية.
3-  المهام.

بينما عرف فريق رابع من كتاب الإدارة التنظيم بأنه تجميع وتنسيق الموارد التنظيمية " البشرية، المالية، المادية، المعلوماتية " اللازمة لإنجاز الأهداف.
فتحقيق أهداف الفندق – وفقاً لهذا المفهوم – يقتضي جذب وانتقاء الموارد البشرية (العمالة) الصالحة للعمل في الفندق، وتحديد الأعمال والمسؤوليات لهم، وتجميع الأنشطة داخل وحدات عمل تسمى أقسام الفندق، وتنسيق الجهود المختلفة، وتوظيف الموارد الأخرى لتهيئة المناخ الملائم لنشاط الفندق. ويتبين أيضاً من هذا التعريف أنه اعتبر وظيفة جذب واختيار العاملين أو ما يطلق عليها البعض التشكيل أحد الأنشطة الفرعية لوظيفة التنظيم.

وقدم فريق خامس من علماء الإدارة مفهوماً آخر للتنظيم، حيث عرفوه بأنه ترتيب من الأفراد، والموارد لإنجاز مهام تخدم هدفاً عاماً ويتضمن تقسيم العمل، وتحديد الأفراد الذين سيقومون بكل عمل، وتخصيص الموارد اللازمة للقيام بكل نشاط، وتنسيق الأنشطة وجهود الأفراد لخدمة الهدف العام.

وبالتالي يمكننا القول، أن هذا المفهوم سلط الضوء على محورية دور التنظيم في الإدارة الفندقية، بمعنى أن التنظيم يعتبر محور ارتكاز للنشاط الإداري، فالبرغم من أنه يمثل الوظيفة الأساسية الثانية للإدارة
بعد التخطيط، إلا أن أي خطة جيدة وشاملة يصعب - إن لم يكن يستحيل – تنفيذها في غياب التنظيم السليم. فهو المتضمن لعملية تخصيص الموارد اللازمة لتطبيق الخطة، والمحدد للأفراد المنفذين لها، والمنسق لجهودهم، والراسم لخطوط السلطة وقنوات الاتصال.

وفي ضوء ما تقدم نقترح التعريف التالي لتنظيم الأنشطة الفندقية:
يعرف تنظيم الأنشطة الفندقية  بأنه الوظيفة الإدارية المتعلقة بعملية ترتيب وتنسيق الموارد التنظيمية للفندق " بشـرية، معلوماتية، مادية، مالية " اللازمة لإنجاز مهام تحقق أهدافه.
ويعني ذلك أن التنظيم ينطوي على عدد من الأنشطة ينبغي القيام بها وتمثل أغراضاً له، يوضح الجدول (1) أهمها.
وفي المقابل يستخلص من مفهوم التنظيم وأغراضه ما يلي:
1-   تنفيذ الأنشطة التي تنطوي عليها وظيفة التنظيم تمثل عملية بناء الهيكل التنظيمي للفندق، لذا عرف البعض صراحة التنظيم بأنه عملية خلق هيكل تنظيمي.
2-   تحديد المهام والعلاقات الرسمية والتقيد بها، يفرز شكلاً تنظيمياً تقليدياً، يتمثل في التنظيم أو الهيكل الرأسي وذلك على النحو الذي سيتم تناوله فيما يلي:
م
النشاط أو الغرض
1
وضع المهام الرسمية المطلوب أداؤها.
2
تجميع تلك المهام داخل وحدات تنظيمية " أقسام الفندق ".
3
تخصيص الموارد المختلفة لكل قسم من أقسام الفندق.
4
تقسيم العمل إلى وظائف محددة على العاملين في الفندق.
5
تحديد السلطة اللازمة لقيام كل فرد بأداء مهام وظيفته.
6
تحديد المسؤولية التي سيتم محاسبة كل فرد على أساسها.
7
التنسيق بين المهام التنظيمية المتنوعة التي يضمها الفندق.
8
تحديد نطاق الإشراف الواجب تطبيقه.
9
رسم خطوط انسياب السلطة داخل الفندق.
10
تحديد درجة المركزية واللامركزية المطلوبة في اتخاذ القرارات.


       كما أن للإنسان باعتباره كياناً بشرياً هيكل تنظيمي يحدد ويربط أجزاءه " الأذرع، الأرجل، الرأس، الأكتاف، وهكذا " فإن الفنادق ككيان إداري لها أيضاً هياكل تنظيمية تعبر عن إطار أو نمط ترتيب أجزاء أو وحدات عمل الفندق، وعلاقات التبعية السائدة فيها، وشبكة الاتصالات التي تربط بين أفرادها ووحداتها التنظيمية، ودرجة التعقيد والرسمية والمركزية التي تتصف بها، وأساس تجميع أنشطتها.

       لذا فمن المتصور أن الهيكل التنظيمي الجيد هو الذي يسمح بالتخصيص الملائم للنشاط الفندقي من خلال تقسيم العمل، ويتيح تنسيق الجهود على النحو الذي يخدم أهداف كل فندق.
       وقد تكشفت الممارسات العملية عن عدم إمكانية أو قدرة الهيكل التنظيمي على تحقيق ما سبق، فالحديث عن  جودة الهياكل التنظيمية للفنادق أسهل بكثير من خلق هياكل جيدة. لذا تلجأ الفنادق ذات الهياكل غير السليمة إلى ما يعرف بإعادة الهيكلة.
Previous Post Next Post