تأثير التطور الاقتصادي والسياسي والثقافي المنجز في خلق التطور الاقتصادي السياسي الثقافي المستدام.
كان لظهور النفط وعوائده الكبيرة في الإمارات العربية المتحدة الأثر الكبير على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في الإمارات، حيث ظهرت الكثير من فرص العمل وأنخفضت نسبة البطالة في صفوف الشعب، وساهمت في أرتفاع دخل الفرد، وأزدهرت الدولة وبدأت تنمو في مختلف المجالات (... بناء المدارس والمستشفيات وشق الطرق وبناء الأندية والدور الثقافية وإنشاء محطات تلفزيونية وإصدار المجلات والصحف وإستقدام العمال والموظفين من الخارج وإنشاء دور المسرح والسينما ) ([1]). كل ذلك كان له بالغ الأثر في حياة الإنسان الإماراتي، فكان هناك إتصال بين الثقافات نتيجة إستقدام العمالة من الخارج، فكان نتيجة ذلك أختلاط بين هذه الثقافات، وتم التعرف عليها، فأصبح هناك علاقة التأثير والتأثر فيما بينها، ونتيجة لتلك الزيادة في عوائد النفط التي ساهمت في تطور المجتمع أصبح هناك نمو اجتماعي واقتصادي والذي أدى بدوره إلى تحسين الظروف المعاشية للفرد في المجتمع، حيث وفرت الدولة له الكثير من الوسائل التي تساهم في نموه الاجتماعي، فكان هناك تطور في الوسائل التعليمية ووسائل المواصلات والخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية كل ذلك كان له الأثر البالغ في تطور المجتمع وإزدهاره.
وبأعتبار أن المجتمع الإماراتي يتسم بالطبيعة البدوية والتي تغرس الكثير من الصفات والخصائص في نفس الإنسان الذي يقطن هذه البيئة، فقد كان لهذا أيضاً التأثير الذي لايستهان به في السلوك السياسي والاجتماعي للفرد الإماراتي، بما تتضمنه هذه الطبيعة من العادات والتقاليد والقيم التي تربى ونشأ عليها الفرد في هذه البيئة المحافظة التي تربط الأفراد مع بعضهم البعض، لقد أستفادت القيادة السياسية من هذا الوضع، حيث أن الإنسان البدوي يثق بكل من ينتمي إلى عشيرته ويدافع عنه ويشاركه في السراء والضراء وإن أختلف معه في الرأي، وعليه نرى بأنه وفي الكثير من الأحيان كانت تتم عملية المصاهرة بين أولاد رؤوساء العشائر " التزاوج " من أجل ربط السكان مع بعضهم البعض، ومن خلال هذه العملية كان تداخل العشائر مع بعضها والشد من صلة القرابة مما يخفف من مشاعر العداء بين القبائل ويحل محله الأحساس بالتعاون والتضامن، فالقيادة السياسية في هذه الدولة الفتية أدركت ذلك فما كان منها إلا العمل على ربط وتوثيق العلاقات بين شيوخ القبائل والعشائر وبالتالي كسب ثقة الجماهير، لقد عملت القيادة على أن يشعر الفرد الإماراتي بأهميته في المجتمع وبدوره في عملية التنمية والمساهمة في البناء والأزدهار الاقتصادي في الدولة.
أن التطور الاقتصادي والسياسي الذي تتميز به دولة الإمارات جعلها ومنذ البداية تمارس دبلوماسية معينة، فالدبلوماسية التي تنتهجها الإمارات العربية المتحدة مع وحدات النظام الدولي هي دبلوماسية هادئة ومرنة، حيث تؤمن بعدم جدوى الحلول العسكرية، وسياسة أستخدام القوة أو التهديد بأستخدامها في حل المشاكل الدولية، وتحث على الإبتعاد عن هذه الوسائل الغير سلمية في العلاقات الدولية، وتعتمد الوسائل السلمية في حل خلافاتها مع الدول. تتميز دولة الإمارات بأن لها علاقات وطيدة وجيدة مع أغلب الدول في أسرة المجتمع الدولي، وتحافظ على علاقات حسن الجوار، وتنبذ سياسة التهديد بأستخدام القوة والعنف في حل النزاعات التي تظهر على الساحة، لذلك وإنطلاقاً من هذه النظرة الإيجابية في العلاقات الدولية والأساليب المرنة والسلمية في ممارسة الدبلوماسية، لها علاقات دبلوماسية ولها سفارات وقنصليات وبعثات دبلوماسية في أغلب دول العالم.
أن الأستقرار الأمني والسياسي في الإمارات العربية المتحدة وتلك الإستراتيجية المالية والاقتصادية التي يتم إعتمادها في هذه الدولة الفتية والتي تقوم على الحرية الاقتصادية وكذلك التركيز على تشجيع الإستثمار وعدم الإعتماد على مصدر واحد للدخل القومي ساهم ويساهم بشكل كبير في التطور الاقتصادي في الكثير من مجالات الإنتاج في هذه الدولة. ( فقد شهدت السنوات من العام 1972 إلى العام 2003 تطورات إيجابية مهمة في عملية التنمية الاقتصادية. فقد زاد الناتج المحلي للنفط من 4 مليارات و100 مليون درهم في العام 1972 إلى 84 ملياراً و900 مليون درهم في العام 2003 بمعدل نمو 10.3 في المئة. وأرتفع الناتج المحلي لقطاع الصناعات التحويلية من 176 مليون درهم إلى 3 مليارات و807 ملايين درهم، بمعدل نمو 18.5 في المئة، والناتج المحلي في قطـاع الزراعة من 116 مليون درهم إلى 9 مليارات و300 مليون درهم، بمعدل نمو 15.7 في المئة، والناتج لقطاع الكهرباء والماء من 84 مليون درهم إلى 5 مليارات و500 مليون درهم، بمعدل نمو 13.8 في المئة سنوياً )([2]). ونتيجة لذلك تكونت القاعدة الأساسية والبنية المتينة التي قام عليها بناء الأساس الاقتصادي والتجاري في الدولة، وذلك جلي من خلال النهضة العمرانية في هذه الدولة، وكذلك شبكة الطرق والإتصالات، وتقديم الخدمات في كل المجالات لكل فئات الشعب. تعتبر دولة الإمارات هي من الدول العربية التي تتمتع بأقتصاد قوي بالمقارنة بالدول العربية الأخرى لها مركز تجاري ومالي ممتاز وذلك من خلال أعتمادها على تنوع مصادر الدخل وعدم التركيز على النفط فقط، حيث تتميز بأرتفاع دخل الفرد وتعتبر كذلك من أغنى الدول العربية.
- الخياط،أحمد حسين ( الدكتور ).الأسرة في الإمارات، من أصدارات جمعية الاجتماعية، الشارقة 1994، ط1، ص44[1]
[2] -http://www.alamuae.com/uae/showtopics-651.htmlالتطورات الاقتصادية والتجارية والمالية