خصائص اسواق الأوراق المالية العربية

 يتضح من التحليل السابق لأداء البورصات العربية انه على الرغم من اختلاف ظروف نشأة البورصات العربية ورغم التطورات العديدة التي شهدتها وتطور البيئة الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لكل منها ومدى انفتاحها على بعضها البعض وعلى الأسواق الخارجية فإن لهذه البورصات خصائص مشتركة ويمكن حصرها فيما يلي:-[1]

أولا: ضآلة الحجم النسبى لأسوق الأوراق المالية العربية: ويقاس من خلال تطور عدد الشركات المسجلة بالبورصة،ونسبة الاصدارات الجديدة للناتج المحلى وذلك بالنسبة لسوق الاصدار، أما بالنسبة لسوق التداول فتقاس طاقتها النسبية من خلال مقارنة القيمة السوقية للأسهم المتداولة الى كل من الناتج المحلى،تتميز الأسواق المالية العربية بضيق نطاق السوق من حيث النقص الشديد في العرض الذي يقاس بعدد الشركات والطلب الذي يتمثل في عدد وحجم أوامر الشراء فقد  تراوح عدد الشركات فى الأسواق المسجلة بقاعدة صندوق النقد العربى –باستثناء مصر- ما بين 3-161 شركة فى عام 2003، وما بين 6-163 شركة خلال الفترة 1994-2003 ،وهذا مؤشر على ضيق نطاق السوق وانخفاض الحجم النسبى للبورصات العربية.[2] كما تتصف البورصات بصغر متوسط حجم رأس المال السوقي (قيمة الأسهم حسب أسعار آخر يوم تعامل)، وانخفاض نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي ،ويلاحظ انخفاض القيمة السوقية الى الناتج المحلى الاجمالى فى معظم الأسواق المشاركة باستثناء الكويت والبحرين اللتين ترتفع فيهما نسبة البورصة الى الناتج المحلى حيث وصلت الى 99.4% فى الكويت ، 91.7% فى البحرين عام 2002.وقد بلغ متوسط رسملة البورصات العربية الى الناتج المحلى الاجمالى نحو 26% فى عام 2001 مقارنة بمتوسط بلغ 33% بالنسبة للدول النامية.[3]
ويؤدى انخفاض الحجم النسبى  للبورصات وصغر حجم رأس مالها السوقي الى زيادة فرص التقلبات غير المبررة في الأسعار، لا سيما مع ضعف الرقابة والنقص في الإفصاح المالي.
ثانيا: تدنى مقدرة أسوق الأوراق المالية العربية على تحقيق السيولة : يعتبر مؤشر دوران الأسهم خير مقياس لتحقيق السيولة لنشاط حركة التداول من حيث عدد الصفقات وقيمتها،ومن ثم يمكن تحديد حجم السوق ونشاطها.ولعل الوظيفة الأساسية للسوق هي تحقيق السيولة للأوراق المالية عندما تكون كفؤة، وعادة ما  تكون سيولة السوق في مقدمة أولويات المستثمر المحلي والأجنبي، ويمكن رصد ما تتمتع به البورصات العربية من ضعف في سيولتها من خلال دراسة تطور معدل دوران الأسهم الذى سجل انخفاضا كبيرا فى نهاية عام 2003 مقارنة بالعام الذى سبقه،حيث انخفض الى 16.5% مقارنة بنحو31.3% .وقد بلغت اعلى نسبة لمعدل الدوران خلال الفترة 1994-2003  نحو 43.9% فى عام 1997، بالاضافة الى انخفاض عدد العمليات التي تبرم يوميا، وعدد أيام التداول في السنة. وقد بلغ متوسط معدل الدوران فى  البورصات العربية نحو 6% فى عام 2001 مقارنة بمتوسط بلغ 20% بالنسبة للدول النامية.[4]

ثالثا: انخفاض الطاقة الاستيعابية لأسوق الأوراق المالية العربية:ويعنى به مدى قدرة أسواق الأوراق المالية العربية على استقطاب المدخرات وتحويلها الى استثمارات مالية ،وتقاس من خلال مقارنة حجم الاصدارات الجديدة وحجم التداول بالنسبة للناتج المحلى الاجمالى والادخار المحلى الاجمالى، ويلاحظ انخفاض حجم التداول الى الناتج المحلى الاجمالى فى معظم الأسواق المشاركة باستثناء الكويت التى ترتفع فيها نسبة حجم التداول الى الناتج المحلى حيث وصلت الى نحو 62.9 % فى عام 2002.وقد وصلت هذه النسبة حوالى 16.5%  فى السوق السعودى ،ونحو 7.1% فى السوق المصرى خلال عام 2002.

رابعا: ضعف الفرص المتاحة للتنويع: تؤدى هذه الصفات الريئسية السابقة الى تقليل الفرصة المتاحة للمستثمر لتنويع محفظة أوراقه المالية؛ وهذه السمة المشتركة تضع قيودا على إستراتيجيات الاستثمار؛ سواء للمستثمر الفرد أو المستثمر المؤسسي، وفي معظم البورصات العربية كان قطاع البنوك وقطاع المقاولات يسيطران على حجم التداول، ثم احتلت أسهم المحمول والاتصالات في تستحوذ على نسبة عالية من حجم التداول.ويبدو أن سلوك المستثمر في البورصات العربية أصبحت تحكمه سياسة القطيع، رغم وجود بعض القطاعات الواعدة ذات الربحية العالية.

خامسا: التقلبات الشديدة في الأسعار:ينتج ايضا عن الخصائص الأساسية السابقة صفة اساسية تميز بورصات الأوراق المالية العربية وهى شدة التقلبات في حركة الأسعار، ويعزي ذلك في الأسواق الناشئة إلى اعتمادها على التمويل من المصادر الخارجية المتمثلة في القروض وإصدار المزيد من الأسهم، مع اعتماد أقل على الأرباح المحتجزة، كما أن هذا النمط التمويلي في ظل ما يسمى (الرفع المالي) من شأنه أن يؤدى إلى زيادة حدة التقلب في ربحية السهم وفي قيمته السوقية بالتالي.علمان بأن التقلب الشديد في أسعار الأوراق العربية يثير المخاوف لدى المستثمرين الأجانب عند دخولهم السوق أو خروجهم منها. سادسا:درجة تركز التداول:ويقصد بها نسبة تداول الأسهم النشطة إلى إجمالي حجم التداول، وتعانى كافة البورصات العربية من هذه المشكلة التي تعكس صغر عدد الأسهم ذات الجاذبية، ويشير الخبراء إلى سببين رئيسيين يعزى لها ارتفاع درجة التركيز هما:
الأول: احتفاظ بعض كبار المستثمرين بأسهم الشركات الواعدة.
الثاني: انخفاض جودة غالبية الأسهم المدرجة، لا سميا أسهم شركات القطاع العام.

سادسا: قصور الأطر التنظيمية والتشريعية:على الرغم من التطور الملحوظ فى هذا الجانب ،والاجراءات التى اتخذتها الدول العربية فى سبيل تحديث القوانين والتشريعات المتعلقة بأسواقها -والسابق الاشارة الى جزء منها فى مقدمة هذا البحث- الا أنها ما تزال تواجه العديد من أوجه الضعف ولعل أهمها غياب المؤسسات المساندة ذات الأثر المباشر على سوق الأسهم والمكملة لدوره مثل الشركات صانعة السوق والتى تعمل على تقليل حدة تقلبات الأسعار وتخفيض مخاطر الاستثمار فى هذه الأسواق.كما أن العديد من الدول العربية مازالت تفتقر الى مؤسسات التسوية والمقاصة  والايداع والحفظ المركزى والقوانين المنظمة لها ،حيث من شأن هذه المؤسسات العمل على تقليل المخاطر وزيادة سرعة التبادل .

سابعا:قصور الطلب على الأدوات الاستثمارية وضعف نشاط السوق الأولى :تعانى أسواق الدول العربية من تدنى الطلب على الأوراق المالية ولعل ذلك يرجع بصفة أساسية الى انخفاض معدلات الدخول النقدية والادخار الفردى  فى عديد من الدول العربية ،بالاضافة الى تدنى الوعى الاستثمارى لدى الكثيرين وخاصة فى الأدوات المالية الجديدة المطروحة للتداول،وكذلك تفضيل البعض حيازة الموجودات الثابتة كالعقارات أو الودائع فى البنوك.ومن جهة أخرى فان أحجام الاصدارات الأولية من الأسهم والسندات للشركات الحديثة والقائمة فى الاسواق العربية مازالت تتسم بالضآلة،حيث بلغت نسبتها الى كل من الناتج المحلى جهة والقروض والتسهيلات المصرفية من جهة اخرى نحو4%،10% على الترتيب.ولعل محدودية الوعى المالى لدى المستثمرين الذين غالبا ما يقومون بتوفير احتياجاتهم التمويلية من المصادر التقليدية،بالاضافة الى رغبتهم فى السيطرة على ادارة شركاتهم وعدم خضوعها لمراقبة السلطات والتزامها بقواعد الشفافية والافصاح ومعايير المحاسبة الدولية فى كثير من الأسواق العربية من أهم مصادر ضعف السوق الأولى ،بالاضافة الى غياب مؤسسات التصنيف وترويج وضمان الاكتتاب والتى من شأنها أن تزيد من اقبال المستثمرين على الاصدارات الجديدة نظرا لما توفره من مساعدة تمكن من اتخاذ القرارات الاستثمارية السليمة.

[1] لمزيد من التفاصيل حول خصائص الأسواق العربية بصفة عامة راجع :-
- Shachmurove,Y,"An Introduction to the Special Issues on Financial Markets of the Middle East"International Journal of Business,9(3),2004,pp214-220
- --------------------,"Financial Markets of The Middle East and North Africa:The Past and Present",PIER Working Paper 03-017. http://wwwssrn.com/abstract=419780
- Gamo, P.A , A.Fedelio and S.P.Horvitz,"Globalization and Growth Prospects in Arab Countries",IMF Working Paper,WP/97/125 ,PP29-41
ولمزيد من التفاصيل حول أهم العقبات التى تواجه البورصات العربية راجع:-
-          صندوق النقد العربى،التقرير الاقتصادى العربى الموحد لعام 2000،الامارات العربية المتحدة،2001،ص ص 172-176
-          سليمان المنذرى،"البورصات العربية..وهن فى مرحلة الشباب"موجود بwww.islamonline.net/Arabic/economics/2001/05/articale5.shtml

[2] تجدر الاشاارة الى ان هذا العدد يعتبر متدنى للغاية خاصة اذا تمت مقارنته بعدد الشركات المقيدة فى الدول النامية ،حيث بلغ نحو 3058شركة فى اليابان ،5650 شركة فى الهند،712 شركة فى باكستان  وذلك فى عام 2002.راجع :-
-Lamba,Asjeet S."An Analysis of the Dynamic Relationships Between South Asian and Developed Equity Markets",National Stock Exchange of India Limited,Research Papers No 83,p 15
http://www.nseindia.com/content/research/comppaper-lat 83.pdf
[3] Bolbol, A & Mohammed M.O., "Arab Stock Market and Capital Investment" ,AMF Economic Papers, NO 8,2004,p9
[4] Ibid,p9
أحدث أقدم