القوى المؤثرة في إدارة المعرفة
       تتكون القوى المؤثرة والمحركة لإدارة المعرفة من مجموعتين رئيسيتين: وهما مجموعة القوى الخارجية (External Driving Forces) ومجموعة القوى الداخلية (Internal Driving Forces). ولا يعني الفصل بينهما لغايات التحليل والدراسة أنهما منفصلتين عن بعضهما بعضاً وإنما هما مترابطتان ومكملتان لكلتيهما  . ويمكن توضيح ذلك من خلال التعرف على خصائص ومكونات كل مجموعة كما يلي :
أ- مجموعة القوى الخارجية وتتكون من المؤثرات الخارجية التي يصعب التحكم بها أو السيطرة على بيئاتها وتشمل ما يلي : (Wiig, 1999: 7-9)
1- قوى العولمة (Globalization) وعوامل احتدام المنافسة الدولية في مجالات الأعمال والتجارة.
2- الزبائن المتميزون (Sophisticated Customers) الذين يتميزون بالإلحاح في الطلب على المنتجات والخدمات التي تتوفر فيها أعلى درجات الجودة (High Quality).
3- المنافسون المتميزون (Sophisticated Competitors) الذين يبذلون جهوداً متواصلة للاحتفاظ بالسبق والتميز من خلال إبداعات متجددة في أساليب وإجراءات المعرفة.
4- الموردون المتميزون (Sophisticated Suppliers) الذين يشكلون حلقات الوصل بين المنتجين والزبائن والذين تتكون لديهم معارف وخبرات متجددة عن رغبات الزبائن واحتياجات الأسواق والزبائن الأكثر إلحاحاً (Demanding Customers).
ب- مجموعة القوى الداخلية المؤثرة في انسيابية الخبرات والمعارف التي يتم الحصول عليها من عمليات التطور المستمر لأنواع المنتجات والخدمات والتي ترتبط بشكل رئيسي بما يلي :
1- الاختناقات وأعناق الزجاجة (Bottlenecks) التي تشكل إعاقات أمام انسيابية المعرفة وتؤدي إلى تباطؤ إنجاز الأعمال وتنعكس بشكل سلبي على كفاءة الأداء وعلى ضعف السيطرة على عمليات الإنتاج وسهولة انسيابية المعلومات والمعارف مما يؤدي إلى اختناقات محبطة خلال مراحل إنتاج السلع والخدمات.
2- القدرات التكنولوجية المتنافسة وما يصاحبها من دوافع ورغبات قوية للتكيف مع معطياتها لاستيعابها وإعادة استخدامها بصورة مثلى في عمليات الإنتاج داخل المؤسسات والشركات المتنافسة.
3- عوامل السلوك الإنساني بما فيها الإمكانات والقدرات لفهم دوافع وحوافز هذا السلوك والطريقة التي يتصرف به العاملون ويستوعبون بها المعارف والمعلومات التي تقوم عليها كفاءة الأداء في المؤسسات والشركات. فالأصل في تقاسم المعرفة بين العاملين في المؤسسات أن يشترك الجميع في مستوى ومقدار موحد من الفهم والاستيعاب المتأتية من الإبداع الفكري والخبرات المبادرة في مجالات العمل.

نقل واستخدام المعرفة
       الأصل في إدارة المعرفة أن تتحول إلى معرفة عمومية (Common Knowledge) يشارك فيها جميع العاملون والمستخدمون في المؤسسات والشركات في إطار فريق عمل متكامل. والإبداع في استخدام المعرفة هو في درجة استيعاب المعارف المنقولة داخل المؤسسة وبين فروعها بحيث تتحول إلى تطابق في أذهان وعقول العاملين، أي أن يكون الأداء الناجم عن تقاسم المعارف المنقولة إلى العاملين مثل العلاقة التكاملية بين فريق العزف الموسيقي (الأوركسترا). ولهذا تصبح عملية ووسيلة وأسلوب وإجرائية نقل المعرفة على درجة عالية من الأهمية لتطوير أداء المؤسسات وامتلاكها لناصية السبق في ميدان المنافسة الذي أصبح المعيار والعامل الرئيسي في نجاح وبقاء واستمرارية هذه المؤسسات. أما الأنواع الرئيسية لنقل المعرفة فيمكن تحديدها كما يلي :  (Dixon, 2000)

1- النقل المتسلسل (Serial Transfer)
       وتشير إلى نقل المعرفة بواسطة نفس الفريق الذي ينتقل بخبراته وتجاربه من موقع إلى موقع، أي أنه يمارس نفس المهام ويستخدم نفس خبرات وتجارب المعرفة ولكنه ينتقل من مكان إلى آخر. فما أن ينتهي من مهامه في الموقع الأول إلا وينتقل بعدها إلى الموقع الثاني والثالث وهكذا. وهكذا تتولى المهام في ضوء نوعية المعرفة الذي يتميز ويتفرد بها نفس الفريق. ومن ميزات هذا النوع من نقل المعرفة السرعة والمهارة والإتقان في إنجاز المهام. كما هو الحال بين العاملين في قسم المطبخ والمطعم في الفندق. وهذا النوع كفيل بعدم وقوع أخطاء أو تكرارها والتي تكون في غالب الأحيان مكلفة لمؤسسات الضيافة وإداراتها. فالمعرفة في هذه الحالة تنتقل مع نفس الفريق من مكان إلى آخر ويكون الفريق هو مصدر المعرفة ومستلمها في نفس الوقت. والمعرفة المنقولة بهذا الأسلوب يمكن أن تكون واضحة (Explicit) أو ضمنية (Tacit).

2- النقل القريب (Near Transfer) :
       ويتضمن نقل المعرفة وتطبيقاتها من الفريق الذي هو مصدر المعرفة إلى فريق آخر مستلم ومتلقي للمعرفة ويتعامل مع نفس المهمة وفي نفس الإطار ولكن في مكان آخر. وتكون المعرفة المنقولة بهذه الطريقة هي نفس الخبرات بمعاييرها ومواصفاتها الموحدة التي يزود بها الفريق الأول الفريق الثاني، والمعرفة المنقولة بهذا الأسلوب هي المعرفة الواضحة (Explicit). كما هو الحال بين قسمي المكتب الأمامي (Front Office) والتدبير الفندقي (Housekeeping) التابعين لمدير قسم الغرف (Room Division Manager).

3- النقل البعيد (Far Transfer)
       يعتمد هذا الأسلوب على نقل المعرفة الضمنية الموجودة في أذهان فريق خبراء يعتبر هو مصدر المعرفة. ويتحرك الفريق بخبراته هذه لمساعدة فريق آخر يحاول قراءة وتفسير معلومات لها علاقة بخبرة معرفية. فالمعرفة المصدرة من الفريق الأول يتلقاها الفريق الثاني من خلال علاقة تكاملية مع معلوماته.
       فعلى سبيل المثال يقوم الفريق الأول بالسفر إلى منطقة بعيدة لاستكشاف النفط لنقل خبراته ومهاراته في قراءة المعلومات والبيانات التي جمعها الفريق الثاني الذي هو المتلقي لهذا النوع من المعرفة الضمنية وخبراتها ومهاراتها. ولكن تبقى المعرفة الضمنية والخبرات بشكل رئيسي في أذهان فريق عمل الأول لإدارة المعرفة.

4- النقل الإستراتيجي (Strategic Transfer)
       يعتبر هذا النوع من نقل المعرفة على درجة عالية من التداخل والتعقيد نطراً للتباين والاختلاف المكاني والزماني بين فريق المعرفة الأول أي مصدر المعرفة والفريق الثاني المتلقي لها. فعلى سبيل المثال فإن نوع المعرفة المطلوبة للتعامل مع طرح خدمة جديدة مثلاً خدمات المؤتمرات (Conferences Services) التي تتشابك وتتداخل مع أكثر من إدارة وقسم وتحتاج بالتالي إلى مهام متداخلة ومتشابكة في إطار فريق عمل موسع داخل مؤسسة الضيافة.

5- نقل الخبير (Expert Transfer)
       يشير هذا النوع إلى نقل المعرفة الضمنية المرتبطة بمهام تتكرر بشكل متباعد. وهذا النوع من نقل المعرفة يقوم به عادة شخص واحد أي خبير واحد وليس فريق عمل. ومثال على ذلك المعرفة المتوفرة لدى خبير متخصص عن أجزاء أو مكونات إلكترونية محددة. ويمكن أن يؤدي تكرار هذا النوع من المهام وخاصة تلك التي لها علاقة بمشكلات واضحة ومحددة إلى تحول المعرفة الضمنية  (Tacit) أي معرفة واضحة (Explicit Knowledge).



Previous Post Next Post