الاجهزة المستعملة في اكتشاف وبحث اسرار الكون والفضاء
التلسكوب: التلسكوب هو جهاز يُستعمل لمشاهدة أجسام بسبب بُعدها تكون صغيرة جدًّا لا يمكن للعين رؤيتها. في القرن السادس عشر كان چاليليو چاليلي أوّل من استعمل التلسكوب لمشاهدات الفضاء. منذ القرن العشرين أدّى التطوّر التكنولوجي إلى اختراع تلسكوبات متطوّرة تعتمد على استقبال أمواج الراديو والأمواج الكهرومغناطيسية التي تنطلق من الأجسام المختلفة في الفضاء. إلاّ أنّ المعلومات التي توفّرها التلسكوبات الموجودة على الكرة الأرضية هي معلومات جزئية، لأنّ الغازات المختلفة وبخار الماء وبلّورات الجليد التي في الغلاف الغازي تمتصّ جزءًا من الأشعّة وتغيّر المعلومات التي تصل من الفضاء. للتغلّب على هذه المشاكل، ركّبوا تلسكوبات في بالونات وطائرات، وفي مرحلة لاحقة في صواريخ تمّ إطلاقها إلى الفضاء وبعد ذلك عادت إلى الغلاف الغازي. كان التطوّر الكبير عند إطلاق تلسكوب الفضاء هابِل سنة 1990. يدور تلسكوب هابِل حول الكرة الأرضية على ارتفاع 589 كم، وطوله 13 مترًا، ووزنه 12.5 طنّ، ويحوي مرآة قطرها 2.4 متر وفيه أجنحة خلوية تُستغلّ لاستيعاب الطاقة من الشمس. في سنوات عمل التلسكوب اكتُشفت عدّة أعطال، تمّ إصلاحها من قبل روّاد فضاء وصلوا إليه على متن مكوك فضائي. قام روّاد الفضاء لإصلاح التلسكوب بالسير في الفضاء وخرجوا خلاله من المكوك ونفّذوا الأعمال الضرورية. من المفروض أن يعمل تلسكوب هابِل حتّى سنة 2020.
منذ إطلاقه إلى الفضاء، أصبح تلسكوب الفضاء هابِل وسيلة بحث مركزية في مجالات علم الفضاء، ويزوّد صورًا كثيرة حادّة وواضحة لأجسام سماوية بعيدة- مجرّات وسديم كوني وكواكب.  جزء من صور المجرّات البعيدة يتيح النظر إلى الزمن الماضي، لأنّ الأشعّة الضوئية من هذه المجرّات تصل إلينا بعد حوالي 13 مليار سنة منذ خروجها منها، وحسب ذلك تبيّن الصور المجرّات عندما كان الكون حديثًا. بحث المجرّات أثناء تكوّنها يوضّح لنا المراحل الأولى من تكوّن الكون.
بالإضافة إلى تلسكوب هابِل، هناك عدد آخر من تلسكوبات الفضاء الهامّة التي تبحث الكون بواسطة أنواع أشعّة مختلفة: تلسكوب الفضاء على اسم تشندرا، تلسكوب الفضاء كومپتون، تلسكوب الفضاء على اسم شپيتسر. تخطّط ناسا، وكالة الفضاء الأمريكية، إطلاق تلسكوب بصري آخر أكثر تطوّرًا من هابِل إلى مسار في الفضاء، يدعى على اسم جيمس، وتخطّط القيام بذلك سنة 2011.
السفينة الفضائية- اسم عامّ لكلّ ما يُطلق إلى الفضاء. هناك نوعان من السفن الفضائية- المأهولة، التي يطير فيها أشخاص وتتمّ إعادتها إلى الكرة الأرضية، وتلك غير المأهولة. يُطلق جزء من السفن الفضائية إلى غايات قريبة نسبيًا كالقمر والكوكب السيّار المريخ. القمر هو الجرم السماوي الوحيد الذي خطا عليه الإنسان، والمريخ هو الجرم السماوي الذي تتّجه نحوه جهود البحث لإرسال إنسان إليه. ويُطلق جزء من السفن الفضائية إلى مسافات هائلة- إلى الكواكب السيّارة الأبعد. إلى حزام الكويكبات، إلى مذنّبات وإلى الشمس. تكون السفن الفضائية مزوّدة بمعدّات بحثية متنوّعة، بكاميرات متطوّرة وبشبكات اتّصال تنقل إلى الكرة الأرضية صورًا ومعطيات مختلفة.
المركبة الاستطلاعية- مركبة فضائية صغيرة غير مأهولة تُطلق لبحث الكواكب السيّارة والقمر وأجسام أخرى في المجموعة الشمسية (وبضمنها الشمس نفسها). هناك مراكب استطلاعية هدفها العبور بجانب أجسام مختلفة في المجموعة الشمسية، وهناك مراكب استطلاعية معدّة للدخول إلى مسار حول كوكب سيّار معيّن أو الهبوط عليه، وهناك مراكب استطلاعية معدّة للاصطدام بكويكبات. تعتمد وسائل حركة المراكب الاستطلاعية على الطاقة الشمسية أو على محرّكات ذرّية أو على محرّكات أيونية وغير ذلك.
تُرسل المراكب الاستطلاعية إلى مهمّات بحثية مختلفة تشمل القياسات والتصوير وما شابه، وتكون مزوّدة بأجهزة علمية مختلفة، بكاميرات وبشبكات اتّصالات. تبثّ المراكب الاستطلاعية المعطيات التي تجمعها إلى محطّات استقبال في الكرة الأرضية، وبهذه الطريقة تُجمع معلومات كثيرة وهامّة عن المجموعة الشمسية. من ضمن اكتشافات المراكب الاستطلاعية أقمار جديدة وبحث الغلاف الغازي الذي يميّز الكواكب السيّارة المختلفة. جزء منها أُرسل وهو يحمل معلومات عن موقع الكرة الأرضية، وذلك في حالة جُمعت من قبل حضارات متطوّرة. أُطلقت المراكب الاستطلاعية الأولى إلى القمر (حوالي ستّة مراكب استطلاعية)، وبعد ذلك إلى الزهرة وإلى بقية الكواكب السيّارة باستثناء بلوتو.
القمر الاصطناعي- جهاز متطوّر يُدخَل إلى مسار حول الكرة الأرضية. هناك أنواع مختلفة من الأقمار الاصطناعية، يتبع جزء منها إلى وكالات فضائية لدول معيّنة وجزء آخر إلى شركات تجارية؛ جزء من الأقمار الاصطناعية تدور حول الكرة الأرضية في مسار يوثّق معطيات على امتداد مسار الدوران، وجزء منها يدور حول الكرة الأرضية بوتيرة دوران الكرة الأرضية حول نفسها بحيث تتواجد هذه الأقمار الاصطناعية دائمًا فوق نقطة واحدة. تُستعمل الأقمار الاصطناعية المختلفة لغايات كثيرة، منها نقل بثّ إعلامي (كالبثّ التلفزيوني والهاتف والتوجيه وما شابه)، ومعطيات للتنبّؤ بحالة الطقس ورسم الخرائط واكتشاف موارد طبيعية وغير ذلك.
المراكب الفضائية المأهولة- سفن فضائية تتيح لبني البشر المكوث فيها بواسطة أجهزة تحافظ على مستوى أوكسجين وضغط هواء سليم ودرجة حرارة وغذاء وماء ومراحيض وغيرها. بالإضافة إلى السفن الفضائية أبولو التي أرسلت بني بشر إلى القمر، يُستعمل اليوم نوعان من المراكب المأهولة- المكوك الفضائي والمحطّات الفضائية.
المكوك الفضائي هو مركبة فضائية معدّة للاستعمال المتكرّر، ويُطلق كالصاروخ ويمكنه الطيران إلى الفضاء والدوران حول الكرة الأرضية والهبوط عائدًا إلى الكرة الأرضية كالطائرة. المكوك الفضائي مكوّن من خلية للطاقم وخلية أمتعة ومنظومة محرّك. وكالة الفضاء الأمريكية، ناسا، بنت حتّى اليوم خمسة مكوكات فضائية عاملة، والتي نفذّت معًا أكثر من 120 طيران إلى الفضاء. يضمّ طاقم المكوك الفضائي عادةً رائدَي فضاء وحتّى 7 روّاد فضاء.
جاء اختراع المكوك الفضائي لإتاحة الفرصة لنقل معدّات وروّاد فضاء إلى المحطّات الفضائية الحالية وتلك التي ستُبنى في المستقبل. تعمل اليوم معظم المكوكات الفضائية في بناء محطّات فضائية دولية، في حين كان المكوك الفضائي "كولومبيا" الوحيد الذي استمرّ في العمل في البحث العلمي. احترق هذا المكوك الفضائي أثناء دخوله إلى الغلاف الغازي في شباط 2003، وأدّى إلى موت سبعة أفراد الطاقم الذي حمله (ومن بينهم إيلان رامون الإسرائيلي). تنوي ناسا وقف إطلاق جميع المكوكات الفضائية في سنة 2010 بعد إتمام بناء المحطّة الفضائية الدولية وبناء وسيلة طيران جديدة- السفينة الفضائية أوريون. ستكون هذه السفينة الفضائية مأهولة، وبخلاف المكوكات الفضائية سيكون استعمالها لمرّة واحدة باستثناء خلية المسافرين في السفينة الفضائية، التي سيكون بالإمكان تكرار استعمالها حتّى عشر مرّات. السفينة الفضائية أوريون ستكون آمنة أكثر وأرخص للإطلاق وتتمتّع بتكنولوجيات أحدث.
المحطّة الفضائية- مبنى يسبح في مسار دوران ثابت حول الكرة الأرضية لمدّة طويلة. تتيح المحطّة الفضائية إجراء أبحاث ومشاهدات خلال وقت طويل، وفحص التأثيرات المختلفة على الإنسان الذي يمكث في الفضاء. تُبنى المحطّة الفضائية لسكن الإنسان لفترة طويلة، لذلك تتضمّن وسائل مختلفة غايتها تزويد احتياجات سكّانها. روّاد الفضاء الذين يتناوبون كلّ عدّة أشهر يمكثون في المحطّة الفضائية ويجرون تجارب ومشاهدات كثيرة.
بُنيت المحطّات الفضائية الأولى من قبل الاتّحاد السوڤياتي، وبعده بنت الولايات المتّحدة محطّة فضائية واحدة. المحطّة الفضائية الدولية التي تُنشأ في هذه الأيّام تُبنى من أقسام تمّ إطلاق كلّ منها على حدة على مكوكات فضائية وتمّ تركيب هذه الأقسام من قبل طواقم من روّاد الفضاء. تتيح هذه الطريقة مرونة أكبر في العمل، كما وتوفّر الحاجة لمركبة إطلاق قوية واحدة، وتؤدّي إلى زمن حياة أطول للمحطّة الفضائية. المحطّة الفضائية الدولية هي المحطّة الوحيدة التي ما زالت في مسارها ويُتوقّع أن تكون جاهزة في سنة 2010.
الصعوبات التي تكمن في إطلاق المركبة الفضائية
إطلاق المركبات الفضائية هو مهمّة معقّدة بسبب كثرة المنظومات والأقسام التي ينبغي أن تواجه شروطًا صعبة، والعمل بصورة سليمة وبتنسيق كامل. الأعطال في عمل السفن الفضائية لا يمكن منعها وحتّى اليوم قُتل 21 رائد فضاء في إقلاع السفينة الفضائية أو في عودتها ومنهم الجنرال المتقاعد إيلان رامون، رائد الفضاء الإسرائيلي الذي قُتل في كارثة المكوك الفضائي كولومبيا.
نعدّد فيما يلي بعض المشاكل التي يجب التغلّب عليها لنجاح الإطلاق:
·        على كلّ مركبة فضائية أن تتغلّب على قوّة الجاذبية والخروج من الغلاف الغازي إلى الفضاء، ومواجهة الشروط الصعبة التي تكمن في المكوث في الفضاء، وفي النهاية النجاح في العودة إلى سطح الأرض.
للخروج من الغلاف الغازي، يجب على المركبة الفضائية الوصول إلى سرعة انطلاق تبلغ 40000 كم/ الساعة، هذه السرعة ضرورية للتحرّر من قوّة جاذبية الكرة الأرضية. أثناء المكوث في الفضاء يجب على المركبة الفضائية الوصول إلى سرعة مسارية تبلغ
 29000 كم/ الساعة- هذه السرعة تحافظ على ألاّ تجذبها قوّة الجاذبية إلى الكرة الأرضية وتبقى في مسارها. للوصول إلى سُرَع عالية كهذه هناك حاجة لمركبة إطلاق قوّتها كبيرة. بعد وصول المركبة الفضائية إلى مسارها هناك حاجة لقوّة قليلة نسبيًا للتحكّم بمنظوماتها وتحريكها. 
·        الصعوبة المركزية في إعادة المركبة الفضائية هو الاحتكاك الكبير عند الدخول إلى الغلاف الغازي الذي ينتِج حرارة يمكنها صهر كلّ جسم مصنوع من المعدن. لهذا الغرض هناك حاجة لوجود واقيات من الحرارة في المركبة الفضائية. بالإضافة إلى ذلك يجب إبطاء سرعة المركبة إلى سرعة ملائمة وإدخالها إلى الغلاف الغازي بالزاوية الملائمة، وأحيانًا يجب استخدام مظلاّت كبح لإبطاء السرعة.
·        المركبة الفضائية المأهولة يجب أن تزوّد روّاد الفضاء بكلّ الاحتياجات اللازمة للمكوث في شروط من الجاذبية المنخفضة جدًّا. تؤدّي هذه الشروط إلى أضرار جسدية كضمور العضلات وفقدان الكالسيوم من العظام. هناك أيضًا حاجة للتهيّؤ للتأثيرات النفسية التي تنبع من المكوث في حيّز صغير ومغلق مع أشخاص آخرين. كما يجب الحرص على توفير شروط بيئية أساسية كالهواء والماء والطعام ورقابة الأشعّة ودرجة الحرارة والتخلّص من النفايات.
·        هناك مشكلة صعبة ولم يجدوا حلاًّ لها (حتّى اليوم) وهي وجود كمّية كبيرة من "النفايات الفضائية" في المسار حول  الكرة الأرضية. هذه النفايات تشمل أقمارًا اصطناعية قديمة وأجزاء صواريخ إطلاق ونفايات من سفن فضائية مأهولة وغير ذلك. بسبب سرعة الحركة العالية، حتّى اصطدام المركبة الفضائية مع حبيبة صغيرة يمكن أن يضرّ بها ضررًا كبيرًا. بالإضافة إلى ذلك هناك التهديد الذي يكمن في سقوط كُتَل من "النفايات الفضائية" على الكرة الأرضية.
مساهمة بحث الفضاء في الحياة على سطح الكرة الأرضية
يساهم بحث الفضاء في تطوير العلم والبحث في مجالات كثيرة. أوّلاً وقبل كلّ شيء يجدر ذكر التطوّر العلمي في مجال بحث المجموعة الشمسية- القمر والكواكب السيّارة والكويكبات والمذنّبات وغيرها. الاكتشافات الجديدة في هذا المجال كثيرة وهامّة منها اكتشاف كواكب سيّارة وكواكب سيّارة صغيرة جديدة، وأدلّة على وجود جليد على سطح المريخ واكتشاف ماء على القمر.
التكنولوجيات المعقّدة اللازمة لبحث الفضاء تساهم كثيرًا في التطوّرات التكنولوجية التي يستخدمها الإنسان، على سبيل المثال تطوير التلسكوبات البصرية والتلسكوبات التي تستوعب الأشعّة الكهرومغناطيسية يشكّل أساسًا لتطويرات في مجال الإلكترونيات والبصريات والأجهزة الطبّية؛ التطوير الواسع النطاق في استعمال الأقمار الاصطناعية التي تتحرّك في الفضاء وتجري مشاهدات على الكرة الأرضية أدّت إلى تطويرات في مجال الاتّصالات وترسيم الخرائط والتوجيه والتنبّؤ بحالة الطقس والتجسّس والمعلومات العسكرية، وكذلك في جمع معلومات عن ظواهر عالمية كمتابعة توسّع التصحّر وتوسّع أو تقلّص الثقب في الأوزون والتغيّرات في انتشار الكتل الجليدية.
كما ونذكر أنّ الاختراعات الكثيرة التي تمّت خلال تطوير تكنولوجيا بحث الفضاء يستعملها الإنسان في مجالات كثيرة، مثل: الموادّ المعقّدة ذات الصفات الخاصّة التي تمّ تطويرها لطلي السفن الفضائية لمواجهة الحرارة العالية، تُستعمل في صناعة إنتاج المعادن، هكذا تمّ تطوير التيفلون الذي يُستعمل لطلي الطناجر والمقالي، أو المعدّة التي تمّ تطويرها لروّاد الفضاء للتخلّص من إفرازاتهم خلال عملهم في الفضاء، يمكن أن يستعملها أيضًا المرضى الذين يمكثون في المستشفيات.
مستقبل بحث الفضاء
تُبذل في هذه الأيّام جهود لإنهاء بناء المحطّة الفضائية الدولية من خلال عمل مشترك بين ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الروسية وجهات أخرى. الغاية التالية هي إطلاق سفينة فضائية مأهولة إلى المريخ، إلاّ أنّ الطريق ما زال طويلاً.
يشدّد الكثير من الباحثين على الحاجة لاستغلال بحث الفضاء لحلّ المشاكل البيئية والاقتصادية الصعبة التي يعاني منها عالَمنا بشكل عامّ، وموضوع ارتفاع درجة الحرارة العالمية بشكل خاصّ، بواسطة تسجيل ومتابعة متواصلة لوضع الكرة الأرضية من الناحية البيئية بواسطة الأقمار الاصطناعية. يطوّرون اليوم نماذج مختلفة يمكنها التنبّؤ بالكوارث مسبقًا من خلال المعلومات التي تصلنا من الأقمار الاصطناعية.
Previous Post Next Post