في الوقت الذي كان الشعب مُقسم ومجزء وكان على شكل قبائل وعشائر متناثرة الأطراف وبينها الكثير من الصراعات وكان أغلبيته يعيش حياة التنقل والبداوة ولم يكن يستقر في الحياة وليس له مساكن ثابتة، وكان التخلف ينخر في جسد المُجتمع وكان جاهلاً أمياً يفتقر إلى الوسائل والدور التعليمية والصحية وكانت تقوم بينهم الخلافات لأتفه الأسباب والحقوق مهضومة والحريات مهدورة وليس هناك أية مساواة والحالة الاجتماعية كان يرثى لها، وفي هذه الظروف الصعبة والمعقّدة ظهر سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي تميز بكل صفات وخصائص الإنسان الديمقراطي العلماني والليبرالي، فعمل منذ البداية على تطور وأزدهار بلده، حيث كان همهِ هو تطور المجتمع والعمل على إحترام الإنسان ومنحه حرياته وكرامته والقضاء على عدم المساواة التي كانت سائدة، وكانت الأفكار والمبادئ التي ينادي بها ويقوم بتطبيقها كلها تهدف إلى إزالة الجهل والقضاء على الفقر بين شعبه، فقد عمل على إنشاء الدور التعليمية وذلك لإيمانه بدور العلم في تطور وتقدم المجتمعات، وركز على الإنسان وخصوصاً على الأطفال ووفر لهم دور الحضانة لأنهم أمل ومستقبل الأمة، وزود المدارس بالوسائل التعليمية التي تساعد القائمين على العملية التعليمية في تقريب المعلومة وغرس السلوكيات الجيدة، وكذلك أهتم بالأسرة  ونادى بضرورة الأرتباط بينها من أجل تربية وبناء الإنسان السليم القادر على القيام بالدور الإيجابي في المجتمع وبالتالي المساهمة في بناء وتطور وأزدهار البلاد، وعمل على توطين البدو والرحل ووفر لهم كل الوسائل ذلك وبنى لهم الدور الصحية والمدارس، وكذلك وفّر للذين يعيشون حياة البداوة كل الوسائل التي تؤمن لهم الحصول على مايحتاجونه، حتى أنه وفر لهم مدارس متنقلة من أجل تعليم أبنائهم، وحارب البطالة والفقر، حيث أمن فرص العمل للقادرين عليه من أجل المساهمة في تقدم المجتمع وتطوره، فقد كان قائداً وأباً وأخاً ومعلماً، والأهم من كل ذلك أنه عمل على توحيد تلك القبائل والعشائر المتناثرة والتي كان بينها الخلافات في دولة واحدة تتوفر فيها كل مقومات الدولة الفيدرالية الحديثة، من خلال دساتير الأمارات والدستور الإتحادي، حيث تم توزيع المهام بين الأمارات والإتحاد، فلكل منها الوظائف والواجبات التي يقوم بها، وبذلك أصبح هناك مهام يقوم بها الإتحاد وأخرى تقوم بها الإمارات في هذا الإتحاد، حيث يوجد لكل إمارة حاكم يقوم برعاية امارته والأهتمام بأمورها وله دستور يقوم عليه ويقوم بالأعمال التي تصب في مصلحة الإمارة على أن لايتعارض ذلك مع الدستور الإتحادي، فلكل إمارة حق التصرف في الشؤون الداخلية لها وعدم التدخل في الشؤون الإمارات الأخرى،  حيث يقر الدستور الإتحادي  بحق السيادة وتحقيق الأمن والحفاظ عليه وتحقيق المساواة بين أفراده. مهما قلنا وكتبنا عن الإنجازات التي قام بها المرحوم الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته فأننا لن نوفيه حقه ولن نستطيع أن نعبر عن كل ما قام به هذا الرجل من أجل شعبه، والدليل على ذلك هو النهضة العمرانية والاقتصادية والصناعية الموجودة في الإمارات، وتلك العلاقات الحميمة والوطيدة مع الدول العربية والاجنبية، والدبلوماسية الهادئة التي تتميز بها الإمارات، حيث تؤمن بانه يجب الإعتماد على الوسائل السلمية في حل الخلافات والمشاكل بين الدول والأبتعاد عن أستخدام القوة في تلك العلاقات، وفي الفترة الأخيرة بدأت السياسة الخارجية لدولة الامارات تنحو منحى أخر مختلف عن ماكانت عليه في السابق، فبدأت تتدخل في النزاعات الأقليمية، وترغب أن يكون لها دور في السياسة الاقليمية ودولية، وتتجه نحو التسلح العسكري، فقد أبرمت الإمارات العربية المتحدة مع شركات أمريكية " لوكهيد مارتن وبوينغ " صفقة لشراء 16 طائرة عسكرية من طراز سي وسي 130 بتكلفة تقدر ثلاث مليارات دولار،  وأصبحت من الدول التي تستورد الأسلحة التقليدية، وتريد أن تبرهن للعالم بأنه يمكن لهذه الدولة الصغيرة أن تلعب دور هام على المستوى العالمي لاتستطيع أن تلعبه دول لها مركزها وثقلها الدولي.
 ولو أن جميع القادة في الشرق الأوسط وخصوصاً العربية منها يقومون بما قام به الشيخ زايد لما آلت إليه الحال في الكثير من البلدان العربية إلى ما هي عليه، فَحبذا أن يستفيد القادة الأخرين من إنجازات التي قام بها سمو الشيخ زايد وأن ينظروا إليه وإلى أعماله وينهجوا نهجه في بِناء المواطن والوطن، وبالأخص المناطق العربية منها، فكم نحنُ بحاجة ماسة إلى أمثاله، أن هذا الشخص يستحق كل الإحترام والتقدير ليس فقط من الشعب الإماراتي وأنما من كل الشعوب لأنه المثال الذي يجب على كل القادة الأحتذاء به والمضي على منهجه وخصوصاً في الشرق الوسط والمنطقة العربية بالأخص.   
Previous Post Next Post