مهما تحدثنا وحاولنا مدح حكومة ما من خلال ممارستها للأساليب الديمقراطية والشبه ديمقراطية في أعمالها وتصرفاتها اليومية وفي علاقاتها مع الشعب، فأنه هناك حقيقة يجب أن نعترف بها أنه ومهما كانت هذه الحكومة منفتحة ومؤمنة بحق الشعب في إدارة شؤون الدولة، فأن ذلك لايمكن أن يتحقق بدون وجود معارضة سياسية حقيقية وبدون وجود أحزاب سياسية في الدولة فانه لايمكن القول أن هناك ممارسة وتطبيقاً للديمقراطية بصورها الصحيحة، حيث أن وجود هذه الأحزاب في الساحة السياسية تلزم وتحتم على الحكومات العمل على تحقيق مصالح الشعب والعمل على تحقيق السعادة والرفاه له، وإلا سوف تعرض نفسها هذه الأحزاب بديلة عن هذه الحكومة، صحيح أن من الأهداف الرئيسية التي تسعى إليها هذه الأحزاب هو الوصول إلى السلطة ولكن ومن أجل إستلام زمام الأمور في الدولة يجب أن تعرض هذه الأحزاب برامجها على الشعب وأن تبين للشعب بأنها البديل الصحيح وسوف تقوم بتحقيق ما لم تحققه الحكومة الحالية، وبناء على ذلك سوف يقوم الشعب بأعطاء  صوته للحزب الذي يراه يعبر عن مصالحه، ولكن كيف ستتطبق الديمقراطية في دولة ما وهذه الدولة تمنع منعاً باتاً وجود أحزاب سياسية على أرضها، فهذا مايعيب أغلب الأنظمة العربية، فمنها وضعت الخط الأحمر فوق وتحت مصطلح الحزب، بل أكثر من ذلك فمنها من تقول بخيانة من يعمل على تأسيس هذه الأحزاب، فعلى سبيل المثال أن ليبيا تمنع وجود هذه الأحزاب وتقول " من تحزب خان "،أن جميع دول الخليج بما فيها دولة الإمارات العربية المتحدة تفتقر إلى وجود هذه الأحزاب، وكذلك في دول عربية أخرى فثقافة الحزب الواحد هي  المسيطرة، وأن الحزب الواحد هو المسيطر على مقاليد السلطة ومقدرات الدولة وهو المتحكم بثروات البلاد والمستفيد الوحيد، وفي الكثير من الأحوال تتحول الدوائر والمؤسسات الحزبية إلى سلطات أمنية تكون عبارة عن سيوف مسلطة على رقاب الشعب تمنعه من التنفس وأستنشاق الهواء بحرية والأمثلة كثيرة موجودة على الساحة العربية. فأن وجود أحزاب سياسية وقوى متعددة في دولة ما يخلق صراع بينها من أجل الوصول إلى السلطة، ووجود أحزاب يعني وجود عدة أنماط سياسية ولا يكون هناك رأي واحد مفروض على الساحة، فيكون هناك أراء وحركات حول هذه الأحزاب مما يجعل الإنتخابات ديمقراطية (... حيث أن الأحزاب السياسية وتعددها بمثابة وسيلة تبدي من خلالها الجماهير عدم رضاها فينعكس هذا الأثر على تغيير الحزب الحاكم وإنتقال السلطة بطرق سلمية )([1]). إذاً فوجود الأحزاب والحركات على الساحة السياسية هي الدليل على مدى تطبيق الديمقراطية ومبادئها في الدولة، وإيمان النخبة بأسس وأهداف هذه الديمقراطية، حيث هناك التنافس وهو تنافس شريف بين هذه القوى في سبيل الوصول إلى سدة الحكم، وتحقيق مصالح الشعب.
 فالحال بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة وأن أرادت القيادة السياسية تطبيق الأساليب الديمقراطية ومبادئها عليها أن تراجع دستور البلاد وأن تكون هناك مواد وفقرات تنص على حق المواطنين في تأسيس الأحزاب السياسية والتي تنطلق من مصالح الشعب وحرياته والعمل على تحقيق السعادة والرفاه لأبناء الوطن، وكذلك على القيادة أن تجري الإنتخابات بكل حرية وأن تفسح المجال لظهور كفاءات تقوم بترشيح نفسها في المراكز التي تراها هي بانها مؤهلة لأستلام زمام الأمور في تلك الأختصاصات والإبتعاد عن أسلوب التعيين وعلى المحسوبية وصلة القربى. ومن دون ذلك سوف تكون هذه الحكومات ديكتاتورية بشكل أو أخر.


- الدليمي، حافظ علوان.(د).النظم السياسية في أوربا الغربية والولايات المتحدة الامريكية.دار وائل، عمان ط1 2001.ص 53.[1]

Previous Post Next Post