التدابير الاحترازية العينية
ـ تقسيم:
هذه التدابير الاحترازية، على خلاف التدابير السابقة، تقع على الأشياء، ولا تمس الأشخاص أنفسهم، وهي:
أولاً ـ المصادرة العينية.
ثانياً ـ الكفالة الاحتياطية.
ثالثاً ـ إقفال المحل.
رابعاً ـ وقف هيئة اعتبارية عن العمل أو حلها.
أولاً ـ المصادرة العينية:
المصادرة العينية تدبير احترازي يقع على الأشياء التي تمنع القوانين صنعها أو اقتناءها أو بيعها أو استعمالها، كالمخدرات، والأسلحة الممنوعة أو غير المرخصة، والمتفجرات، والعملة المزيفة..
وتصادر هذه الأشياء بمجرد وضع السلطة يدها عليها حتى ولو لم تكن ملكاً للمدعى عليه أو المحكوم عليه، أو لم تفض الملاحقة إلى نتيجة، لأنها ممنوعة بذاتها، وتظل محلاً للمصادرة في جميع الأحوال (م98،ف1).
وإذا تعذر ضبط ما تجب مصادرته، يمنح المحكوم عليه أو المدعى عليه مهلة لتقديمه تحت طائلة أداء ضعفي قيمته حسبما يحددها القاضي (م98،ف2). ويمكن للمحكمة عند الاقتضاء الاستعانة بخبير لتقدير القيمة الواجب أداؤها، أو تحُصّل القيمة المقدرة بالطريقة المتبعة في تحصيل الغرامة (م98،ف3).
ثانياً ـ الكفالة الاحتياطية:
الكفالة الاحتياطية تدبير احترازي يقصد به إيداع مبلغ من المال، أو سندات عمومية، أو تقديم كفيل مليء، أو عقد تأمين، ضماناً لحسن سلوك المحكوم عليه، أو تلافياً لجريمة أخرى (م99ف1).
ويمكن للقاضي فرض الكفالة الاحتياطية في الحالات التالية:
1 ـ في حالة الحكم من أجل تهديد أو تهويل.
2 ـ في حالة الحكم من أجل تحريض على جناية لم تفض إلى نتيجة.
3 ـ إذا كان ثمة مجال للخوف من أن يعود المحكوم عليه إلى إيذاء المجني عليه أو أفراد أسرته أو الإضرار بأملاكهم.
4 ـ في حالتي وقف التنفيذ أو وقف الحكم النافذ.
5 ـ في حالة الحكم على شخص اعتباري من أجل جريمة توجب فرض الحرية المراقبة.
وتتراوح مدة الكفالة الاحتياطية بين سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك. وعلى القاضي أن يعين في الحكم مقدار المبلغ الواجب إيداعه، أو مقدار المبلغ الذي يجب أن يضمنه عقد التأمين أو الكفيل، ولا يمكن أن ينقص عن خمس وعشرين ليرة أو يزيد على ألفي ليرة سورية (م99ف2و3).
وإذا لم تؤد الكفالة الاحتياطية قبل التاريخ الذي حدده القاضي ـ ويجب أن لا يزيد هذا التاريخ عن عشرة أيام ـ استبدلت بالحرية المراقبة حكماً. أما إذا كان المحكوم عليه شخصاً اعتبارياً أمكن استيفاء الكفالة الاحتياطية بالحجز، وإذا كان ما وجد من أموال لدى هذا الشخص لا يفي بالقيمة المحددة إلا بوقف عمله القانوني أمكن الحكم بحله (م100ف1و2).
وإذا مرت مدة التجربة ولم يقترف المحكوم عليه الفعل الذي أريد تلافيه ترد الكفالة، ويشطب التأمين، ويبرأ الكفيل. أما إذا وقع الفعل، يفقد المحكوم عليه مبلغ الكفالة إذا كان مودعاً، ويُحصّل من كفيله في حالة وجوده. ويخصص هذا المبلغ لتسديد التعويضات الشخصية المحكوم بها للمدعي الشخصي، ثم تقتطع الرسوم القضائية، ثم الغرامات، وما زاد عن ذلك يصادر لمصلحة الدولة (م102،ف1و2).
ثالثاً ـ إقفال المحل:
إقفال المحل تدبير احترازي يمكن الحكم به إذا اقترفت في المحل جريمة بعلم صاحبه أو برضاه، وورد نص قانوني صريح يقضي بذلك (م103 ف1). كإغلاق الفندق المعد للدعارة، وإغلاق الدار التي يحُض فيها على الفجور (م516)، وإغلاق عيادة الطبيب أو الجراح أو القابلة أو محل العقار أو الصيدلية إذا أجهض أحدهم امرأة دون مبرر مشروع (م532)، وإغلاق محل المقامرة (م619)، وإغلاق المحل الذي يتاجر فيه بالمخدرات بصورة غير مشروعة (م61 من قانون المخدرات)، وإغلاق المحل الذي تقع فيه المخالفة التموينية (م38 من قانون التموين والتسعير المعدلة بالقانون رقم 22 تاريخ 9/12/2000).
والمقصود بإقفال المحل هو منع المحكوم عليه، أو أحد أفراد أسرته، أو أي شخص آخر تملك المحل أو استأجره على علمه بأمره، من أن يزاول فيه العمل نفسه. أما مالك العقار، والأشخاص الذين لهم على العمل حق امتياز أو حق رهن أو دين، فلا يتناولهم المنع إذا ظلوا بمعزل عن الجريمة (م104ف1و2).
وإقفال المحل لا يعني أن المحكوم عليه لا يستطيع مزاولة عمله في المحل نفسه فقط، بل يعني أيضاً أنه لا يستطيع مزاولة عمله في أي مكان آخر، لأن مضمون إقفال المحل هو المنع من مزاولة العمل الذي حكم الجاني من أجله، أو نتيجة خرقه لواجباته أو الفروض الملازمة له (م103،ف2).
وإقفال المحل يكون من حيث المبدأ مؤقتاً، تتراوح مدته بين شهر على الأقل وسنتين على الأكثر (م103 ف1)، ويمكن للإقفال أن يكون مؤبداً إذا نص القانون صراحة على ذلك. كإغلاق الحانة أو المحل المباح للجمهور إذا تكررت فيه جريمة تقديم أشربة روحية إلى شخص حتى إسكاره، أو إلى شخص في حالة سكر ظاهر، أو إلى قاصر، أو تكررت في الحانة جريمة استخدام بنات أو نساء من غير أسرة صاحب الحانة دون الحادية والعشرين من العمر (م614).
وجدير بالملاحظة أنه إذا قضي بإقفال المحل لأن المستثمر قد باشر استثماره في محل إقامته دون ترخيص من السلطة المختصة لمزاولة عمله، ألزم المحكوم عليه بإخلاء المحل وتسليمه إلى المؤجر، مع الاحتفاظ بحق المؤجر حسن النية في فسخ عقد الإجارة وفي كل عطل وضرر (م105). أما إذا قضي بإغلاق المحل بسبب عدم أهلية المستثمر لممارسة العمل الذي قام به، اقتصرت مفاعيل الإغلاق عليه وحده، دون أن يتعدى ذلك إلى الأشخاص الآخرين الذين يمكنهم الاستفادة من المحل (م106).
وأخيراً إذا خالف المحكوم عليه أحكام إقفال المحل، وزاول العمل الممنوع بالواسطة أو لحساب الغير، عوقب هو والشخص الثالث بالحبس حتى ثلاثة أشهر، وبالغرامة حتى مائة ليرة سورية (م107).
رابعاً ـ وقف هيئة اعتبارية عن العمل أو حلها:
الهيئات أو الأشخاص الاعتبارية، هي الشركات والجمعيات والنقابات والإدارات العامة، وكل مؤسسة اقتصادية أو اجتماعية. وهذه الهيئات ما خلا الإدارات العامة، يمكن وقفها عن العمل، إذا اقترف مديروها أو أعضاء إدارتها أو ممثلوها أو عمالها، باسمها أو بإحدى وسائلها جناية أو جنحة مقصودة يعاقب عليها بسنتي حبس على الأقل (م108).
ووقف الهيئة الاعتبارية عن العمل يعني وقف أعمال الهيئة كافة، وإن تبدل الاسم، واختلف المديرون أو أعضاء الإدارة. ولكنه لا يمتد إلى التنازل عن المحل، شريطة الاحتفاظ بحقوق الغير ذي النية الحسنة (م110ف1).
ومدة الوقف تتراوح بين الشهر على الأقل والسنتين على الأكثر (م110،ف1).
ويمكن حل الهيئة الاعتبارية، إذا رأت المحكمة محلاً لذلك، في الحالات التالية:
1 ـ إذا لم تتقيد بموجبات التأسيس القانونية.
2 ـ إذا كانت الغاية من تأسيسها مخالفة للقوانين، أو كانت تستهدف في الواقع مثل هذه الغايات.
3 ـ إذا خالفت الأحكام القانونية المنصوص عليها تحت طائلة الحل.
4 ـ إذا كانت قد أوقفت بموجب قرار مبرم، ثم عادت إلى ارتكاب جريمة أخرى تستوجب الوقف قبل مرور خمس سنوات على هذا القرار.
وحل الهيئة الاعتبارية يوجب تصفية أموالها. ويفقد المديرون أو أعضاء الإدارة وكل مسؤول شخصياً عن الجريمة الأهلية لتأسيس هيئة مماثلة أو إدارتها (م110 ف 2).
وكل مخالفة لوقف الهيئة الاعتبارية أو لحلها تستوجب عقوبة المخالف بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، وبغرامة تتراوح بين خمسين وألف ليرة سورية (م111).