الدفاع الشرعي
ـ تعريف الدفاع الشرعي وتحديد طبيعته القانونية والاجتماعية:
الدفاع الشرعي (أو الدفاع المشروع([1])) حق يستعمله شخص لدفع اعتداء غير محق ولا مثار على نفسه أو ماله أو نفس غيره أو ماله.
وقد نص قانون العقوبات السوري على الدفاع الشرعي في المادة 183 من قانون العقوبات التي جاء فيها ما يلي:
«1ـ يعد ممارسة للحق كل فعل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرض غير محق ولا مثار عن النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه.
2ـ ويستوي في الحماية الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري.
3ـ إذا وقع تجاوز في الدفاع أمكن إعفاء فاعل الجريمة من العقوبة في الشروط المذكورة في المادة الـ 227».
والدفاع الشرعي «حق» منحه المشرع للشخص الذي يتعرض لاعتداء غير محق ولا مثار على نفسه أو ماله، أو على نفس غيره أو ماله، وذلك لدفع الاعتداء وإبعاد خطره.
والدفاع الشرعي موقف يفرضه منطق عقلي واجتماعي وغريزي. فهذا المنطق لا يرضى أن يتحمل الإنسان صاغراً اعتداء أحد عليه، ليذهب فيما بعد إلى السلطة العامة يشكو أمره إليها. إنه يفترض أن يرد المعتدى عليه بنفسه، أو بمعاونة غيره، على العدوان ويوقفه حتى لو احتاج الأمر إلى إيذاء المعتدي أو جرحه أو حتى قتله. إن المعتدي يثير باعتدائه رد فعل المعتدى عليه، فهو البادئ بالعدوان وعليه أن يتحمل نتائج عدوانه.
والدفاع الشرعي حق قانوني([2]) يستعمله المعتدى عليه لإيقاف العدوان وليس سلطة بيده لتوقيع العقاب على المعتدي أو لتأديبه أو للانتقام منه. فهو صاحب حق، وعلى صاحب الحق أن يستعمل حقه ضمن الحدود التي يرسمها القانون لهذا الحق (المادة 182 من قانون العقوبات، والمادة 6 من القانون المدني).
([1]) يستعمل المشرع السوري عبارة «الدفاع المشروع» (م227 ق.ع)، ونحن نفضل استعمال عبارة «الدفاع الشرعي»، لأنها أكثر دلالة على موضوعها، وأكثر انتشاراً في قوانين الدول العربية، وفي الفقه العربي، من عبارة «الدفاع المشروع».
([2]) الدفاع الشرعي (أو دفع الصائل) في الفقه الإسلامي هو «حق» من جهة، و «واجب» من جهة ثانية.
تفريق الدفاع الشرعي عن حالة الضرورة
يبدو الدفاع الشرعي لأول وهلة أنه قريب الشبه بحالة الضرورة، ولكنه يختلف في الواقع عن حالة الضرورة اختلافاً جوهرياً. وسوف نبين أوجه التشابه والاختلاف في الفقرات التالية:
أولاً ـ أوجه التشابه بين الدفاع الشرعي وحالة الضرورة:
1ـ يتعارض في الدفاع الشرعي وحالة الضرورة حقان، فيضحى بأحدهما على حساب الآخر.
2ـ من شروط الدفاع الشرعي وحالة الضرورة وجود خطر حالٍ أو محدق يهدد النفس أو المال، يقابله دفع لازم ومتناسب مع هذا الخطر.
ثانياً ـ أوجه الاختلاف بين الدفاع الشرعي وحالة الضرورة:
1ـ الدفاع فعل مشروع، وهو سبب تبرير، أما فعل من يوجد في حالة ضرورة فهو غير مشروع وإن كان مرتكبه لا يسأل جزائياً، ويستفيد من مانع عقاب.
2ـ الدفاع حق للكافة، أما حالة الضرورة فليست حقاً لأحد، وإنما هي واقع كرسه المشرع مراعاة لظروف تتعلق بشخصٍ خضع لقوة قاهرة.
3ـ ينشأ الخطر في الدفاع الشرعي عن فعل غير محق صادر عن إنسان، أما حالة الضرورة فتنشأ عن فعل محق صادر عن إنسان أو حيوان أو قوى الطبيعة أو السلطة العامة.
4ـ يرجح المشرع في حالة الدفاع الشرعي حق المعتدى عليه في الحياة والملك على حق المعتدي في الحياة. وهذه هي العلة الأساسية لوجود مؤسسة الدفاع الشرعي الذي يؤدي وظيفة اجتماعية. أما في حالة الضرورة فحق المعتدي وحق المعتدى عليه متساويان،ولكن الضرورة هي التي استلزمت إعفاء المعتدي من المسؤولية الجزائية والعقاب، مع عدم إعفائه من المسؤولية المدنية لجبر الضرر الذي ألحقه بضحية بريء.
5ـ الضحية في الدفاع الشرعي شخص مذنب، أما الضحية في حالة الضرورة فهو شخص بريء لا علاقة له بالقوة القاهرة أو بالجريمة التي يرتكبها الشخص الخاضع لهذه القوة. .
6ـ يحق للمعتدى عليه في الدفاع الشرعي أن يرد الاعتداء مهما كانت درجة جسامة الخطر، شريطة أن يتحقق التناسب بين الخطر والدفاع، في حين أن حالة الضرورة تتطلب أن يكون الخطر جسيماً.
7 ـ لا يلتزم المدافع بالهرب أمام المعتدي، بينما يلتزم من يوجد في حالة ضرورة بالهرب إذا كان وسيلة صالحة للتخلص من الخطر.