ـ النشاط الرياضي وشروط ممارسة الألعاب الرياضية:
جميع تشريعات العالم، تقر مبدأ ممارسة الألعاب الرياضية. فالنشاط الرياضي موجود منذ العصور القديمة، وهو في عصرنا الحاضر منظم على نطاق محلي ودولي، تُفتح له النوادي وتعقد المؤتمرات، وتبذل الأموال الطائلة لتشجيعه، وتكرس له مؤسسات وهيئات وحشود من المنظمين والمدربين، وذلك لأنه يؤدي وظيفة اجتماعية لا يمكن لأي مجتمع أن يستغني عنها.
 والألعاب الرياضية حينما تتم بالشكل المعتاد لا تثير أي إشكال، ولكن الإشكال يظهر مع حدوث إصابات أو جروح أو كسور أو وفاة أثناء اللعب، فما هو حكم ذلك في القانون؟
تتفق أغلب القوانين الوضعية، ومنها القانون السوري، على تبرير الأفعال الواقعة أثناء الألعاب الرياضية، وبالتالي عدم عدّ الإصابات الناجمة عنها جرائم معاقباً عليها. ولكن هذه الإصابات لا تبرر إلا إذا استجمعت اللعبة الرياضية الشروط الأربعة الآتية:
أولاً ـ أن تكون اللعبة مما يقر وجودها القانون أو النظام أو العرف:
ويراعى في ذلك مكان اللعبة والعرف الشائع فيه. واللعبة الرياضية هي كل لعبة تظهر فيها القوة والمهارة، كسباق الخيل والسفن والسيارات والدراجات، وكالسباحة والرمي والمصارعة ورفع الأثقال وشد الحبل، ولعبة كرة القدم والسلة والطائرة والطاولة والغولف والتنس، وغيرها مما تعارف عليه أهل المنطقة وصار لعبة شائعة بينهم.
ثانياً ـ أن تكون اللعبة قد تمت برضاء اللاعب المصاب:
ومعنى هذا الشرط أن يكون اللاعب المصاب قد دخل المباراة برضائه، واشترك فيها ليلعب كطرف من أطرافها بروح رياضية، لا نتيجة تحدٍ أو إكراه أو استفزاز أو ضغينة أو موجدة. ورضاء اللاعب المصاب شرط أساسي لكي يدخل اللعبة وهو متبصر بمخاطرها، ومقدر لإمكانياته الجسدية، وقابل بما يمكن أن تصيبه بأذى، وبخاصة بالنسبة للألعاب الخطيرة، كالملاكمة والمصارعة والمصارعة الحرة والمبارزة...
ثالثاً ـ أن يكون اللاعب الذي أحدث الإصابة في نده قد راعى قواعد اللعب وأصوله:
فلكل لعبة أصولها وقواعدها المحددة بالنظام أو العرف. فإذا خرج اللاعب عن هذه القواعد مستغلا اللعب لإيذاء خصمه، وأوقع فيه جروحاً أو كسوراً، فهو مسؤول عن فعله مسؤولية كاملة. أما إذا خرج عن هذه القواعد نتيجة إهمال أو قلة احتراز فهو مسؤول عن جريمة غير مقصودة.
رابعاً ـ أن تكون الإصابات قد وقعت أثناء اللعب:
فإذا قام اللاعبون، قبل المباراة أو بعدها، بأفعال أدت إلى إحداث جروح أو كسور بأحد اللاعبين، فلا تشمل الإباحة هذه الأفعال. ولتحديد معنى عبارة «أثناء اللعب» من حيث الزمان والمكان لا بد من الرجوع إلى أنظمة اللعبة والعرف المحلي والدولي.
وغني عن البيان أن الإصابات التي تقع أثناء اللعب لا تكون مشمولة بإجازة القانون إذا كانت خارجة عن قواعد اللعب وأصوله، كما لو ضرب لاعب نده أثناء مباراة في كرة القدم قصداً، أو أصابه بكسور نتيجة قلة الاحتراز.

* * *

Previous Post Next Post