بحث ملف شامل الصيد البحري بالمغرب
هذا القطاع يواجه مشكل الاستغلال المكثف والمفرط للموارد البحرية، وهو أمر يعود أساسا إلى السياسات المتبعة في تدبير هذه الموارد، والتي لم تنجح في التوفيق بين القدرات الذاتية في مجال الصيد وإمكانيات توفير المخزون، مما أدى إلى حصول خلل واضح في توفير فرص العمل للبحارة من جهة، وفي حجم مداخيل هذا القطاع.
ان القطاع يشهد حاليا وضعية صعبة تهدد بالانتقال به من حالة الانتاج الى حالة الركود والافلاس الكاملين! ولا يتعلق الأمر هنا بمخلفات الاتفاقيات التي تبرم مع الدول الأجنبية بما فيها الاتحاد الاوروبي، الذي تجوب وحدات دوله، خاصة  الاسبانية منها، مياهنا الاقليمية ليل نهار، مدمرة مخزوننا السمكي باستعمالها لشتى وسائل الدمار الممنوعة دوليا، ولا إلى النتائج السلبية التي تحدثها الشركات المختلطة التي ترفع وحداتها العلم المغربي لتخفي عمليات نهبها وقرصنتها لخيراتنا البحرية، ولا إلى عودة نشاط شركات التأجير اليابانية منها و الروسية التي تملك بواخر وسفنا عملاقة ستقضي من خلال الاتفاقيات التي تبرم بين الطرفين على ما تبقى بمياهنا الوطنية من أسماك صناعية و حيتان وأحياء مائية وثروات بحرية كانت منذ القدم مستهدفة ونعتبرها جزءا لا يتجزأ من سيادتنا الوطنية.
بل يتعلق الأمر هنا بالسياسة الحكومية المتمثلة في تخلي الوزارات المتعاقبة على تسيير شؤون القطاع البحري منذ سنة1981 عن القطاع الساحلي، وعدم تمكينه من كل الوسائل التي تمكنه من ولوج عالم التصنيع عن طريق تحديث آلياته وعصرنة وحداته وحماية بيئته والاهتمام بالعنصر البشري بوصفه القاعدة الاساسية التي يرتكز عليها تقدم أي قطاع منتج.
كما يتعلق الأمر هنا بارتفاع تكلفة الإبحار الناتجة بدورها عن ارتفاع أثمنة المحروقات التي أصبحت تشكل 75 % من الدخل العام لرجال البحر، وكثرة المكوس والضرائب المباشرة و غير المباشرة التي أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على كاهل المهنيين وتحد من نشاطهم اليومي! هذا بالاضافة الى كون السياسة الاقتصادية والاجتماعية المتبعة حاليا، وكذا الأولويات المرسومة لها غير مندمجة بالمجتمع البحري وحاجيات رجاله، كما أن القرارات الناشئة عنها لمعالجة الأزمة غير ناشئة من اختيار ذاتي، وبالتالي ليس من شأن هذه السياسة إلا ان تؤدي الى الدوران في الحلقة المفرغة للأزمة.
المشاكل والصعوبات التي يتخبط فيها الصيد الساحلي توشك أن تفضي إلى إفلاس مجموعة من الصيادين بعد أن ارتفعت تكلفة التجهيز والإبحار، حيث تستحوذ في أغلب الأحيان على أزيد من ثلثي المدخول دون الحديث عن الأجر اليومي للمستخدمين في القطاع، علما بأن نسبة المصاريف التي تتطلبها كل وحدة من أجل الإبحار والاصطياد تفوق 75 % ، إضافة إلى الاقتطاعات الإجبارية المفروضة على المجهزين لفائدة الإدارات والمكاتب والمؤسسات.
هذه المشاكل لخصها المهنيون في التراجع الخطير في الموارد السمكية نتيجة عمليات استئجار البواخر العملاقة الروسية واليابانية المدمرة، كما تتلخص أيضا في ارتفاع ثمن قطاع الغيار وارتفاع الضرائب والرسوم وتعددها، إضافة إلى أداء رسوم غير مستحقة لفائدة المكتب الوطني للصيد وارتفاع قيمة التأمين، حوادث الشغل- التأمين على البحارة والمراكب.
وكذلك تجميد عملية العصرنة والتحديث من طرف الوزارة الوصية الذي يدخل في إطار تأهيل قطاع الصيد الساحلي، دون الحديث عن عدم تفعيل الأغلفة المالية التي تقدر ب 105 ملايير سنتيم والمقتطعة من الاتفاقيات المبرمة مع الدول الأجنبية وانعدام الدعم للقطاع من طرف الدولة.
لقد نبه المهنيون إلى تقلص اليد العاملة في ميدان الصيد البحري، لاسيما المتخصصة منها، نتيجة عدم تحيين اللوائح المتوفرة لدى الوزارة الوصية، ناهيك عن عدم الاعتناء بالعنصر البشري، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل بعض الوحدات التي تضطر أحيانا إلى عدم الإبحار بسبب النقص الحاصل لديها في اليد العاملة، مما يدل على عدم وجود استراتيجية بحرية وطنية للنهوض بقطاع الصيد البحري بشكل يساير تطور باقي الأنشطة الاقتصادية.
ومما زاد الطين بلة، الارتفاع المهول لأسعار المحروقات في السنوات الأخيرة الذي بات يهدد المهنيين بالإفلاس، خاصة في القطاع الساحلي، حيث لم يعد باستطاعة البحارة الاستمرار في ممارسة نشاطهم.
– يواجه قطاع الصيد البحري بالمغرب عدة صعوبات:
1 ـ الصيد البحري بالمغرب:
يتوفر المغرب على احتياطات سمكية كبيرة ومتنوعة بفضل اتساع مجاله البحري وينقسم أسطول الصيد البحري إلى أسطول للصيد الساحلي (84% من الإنتاج)، وأسطول للصيد بأعالي البحار (15%). تتنوع منتوجات الصيد البحري بالمغرب، مابين سمك سطحي وسمك أبيض ورخويات
وقشريات التي يوجه أغلبها للتصدير.
2 ـ مشاكل قطاع الصيد البحري:
يعاني قطاع الصيد البحري بالمغرب من عدة مشاكل، تتجلى أساسا في غياب البنيات التحتية الضرورية وغياب التأطير والتنظيم على مستوى الإنتاج والتسويق. تعمل الدولة على بذل مجهودات كبرى لواجهة مشاكل الصيد البحري، ومنها:
• منع وسائل الصيد غير المرخص لها. نهج سياسة المحافظة على الثروات السمكية.
• تكثيف البرامج التحسيسية  ...


الاهمية الاقتصادية لقطاع الصيد البحري بالمغرب
يتوفر المغرب على موقع جغرافي ملائم، وعلى مؤهلات بحرية مهمة إذ يتوفر على حوالي 3500 كلم، وهي أكثر المصايد العالمية إنتاجا للأسماك. وبهذه الإيجابيات يكون المغرب من أهم المنتجين والمصدرين لمنتوجات الصيد البحري في إفريقيا والعالم العربي ويحتل الرتبة 20 عالميا.
يمتاز المغرب بمواقع ساحلية تجعل منه احد المناطق الخمس فى العالم، التي تتوفر على قدرة إنتاجية متجددة للأسماك، وتساهم الثروة السمكية مساهمة مهمة في الاقتصاد الوطني، كما تساهم في توفير آلاف مناصب الشغل.
فى الوقت الراهن كل المؤشرات الانتاجية تبرهن على اهمية القطاع المتزايدة فمساهمة هذا الاخير فى الاقتصاد الوطنى (القيمة المضافة الناتجة عن انشطة الصيد والتعبئة والتحويل والتسويق ) وصلت الى حدود 2.41% من الناتج الوطنى الخام وهى نسبة ضعيفة بالنظر الى طول الشاطى المغربى (3500 كلم ) وشساعة منطقتة الاقتصادية الخالصة (EEZ) التى تغطى مساحة تفوق المليون كلم 2.
تساهم الثروة السمكية مساهمة فعالة فى انتاج الثروة الوطنية وتوازن الميزان التجارى فقد بلغ انتاج المغرب من الاسماك فى غضون الست سنوات الاخيرة حوالى مليون طنا  سنويا اى ما يعادل فى المتوسط 6 مليارات من الدراهم سنويا مساهمة بذلك بأكثر من 55% من قيمة صادرات المغرب الغذائية والزراعية و 12% من صادراتة الاجمالية .
ما فيما يخص احداث مناصب الشغل فإن القطاع لازال يشغل بصفتة مباشرة وغير مباشرة ما بين 300 و 400 الف عامل من بينهم 106 الف بحار يتوزعون على 350 مركبا نشيطين للصيد بأعالى البحار وأزيد من 1831 مركبا للصيد الساحلى وحوالى 18 الف مركبا للصيد التقليدى ويظل الصيد الساحلى مسيطرا بالنسبة للانتاج حيث يساهم بنسبة تفوق 90% من الانتاج الاجمالى بينما يساهم كل من الصيد بأعالى البحار والانشطة الساحلية الاخرى على التوالى بـ 8% و 2%
 وعلى صعيد اخر تعتبر معالجة الثروات السمكية مكونا مستقبليا لقطاع الصيد و ذلك امام سوق عالمية تتميز بتزايد الطلب على المنتجات البحرية المحلية وأمام متطلبات المستهلكين الباحثين عن منتجات ذات جودة تستجيب للعادات الاستهلاكية الجديدة .
 وقد قام المغرب باعتبارة من كبار مصدرى الاسماك بالمنطقة العربية استجابة لمتطلبات السوق بتحديث بنيات هذا القطاع ونهج سياسة تنموية استنادا الى مبدا التنتافسية ويشمل هذا القطاع الغنى بمكوناتة صناعات التعليب
 ونصف التعليب والتجميد وتجهيز السمك الطازج وانتاج دقيق وزيت السمك ومعالجة الطحالب البحرية وبالاضافة الى انشطة ثانوية تتمثل فى تجهيز الصدفيات وتشير الاربيان والتجفيف والتدخين .

ويسعى المغرب إلى الرفع من مستوى الاستهلاك المحلي للأسماك، و ذلك عبر سلسلة من التدابير تهدف إلى تحسين الجودة، والرفع من مستوى العرض، و كذا إلى ضمان فعالية شبكات التوزيع بكافة أنحاء التراب الوطني.

وتعتبر صناعة الأسماك من بين الصناعات الغذائية التي يوليها المغرب اهتماما كبيرا، وذلك لضمان موقع لائق في سوق عالمية تتميز بتزايد الطلب على المنتجات البحرية، وأمام متطلبات المستهلكين الباحثين عن منتجات ذات جودة تستجيب للعادات الاستهلاكية الجديدة، و قد قام المغرب باعتباره من كبار مصدري الأسماك، بتحديث بنيات هذا القطاع و نهج سياسة تحديثية وتنموية.
Previous Post Next Post