أقوال الصحابة في الأخذ بالتيسير وذم التكلف:
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الفئة الذي اختارهم الله عز وجل ليشاهدوا تنزيل الوحي ويسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقواله ويشاهدوا أفعاله, ويأتمرون بأوامره مباشرة ويسترشدوا بتوجيهاته ويقتدوا بتطبيقاته؛ فهم الذين عاشوا عصر النبوة كما عاشوا الإسلام خالصاً نقياً. وإليك بعض أقوالهم:
أ/يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : "من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة, أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة, أبرها قلوباً وأعمقها علماً, وأقلها تكلفاً, اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه – وإقامة دينه, فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على إثرهم وسيرتهم إنهم كانوا على الهدي المستقيم".
ب/وقال أنس رضي الله عنه : كنا عند عمر رضي الله عنه فسمعته يقول: "نُهينا عن التكلف".
ت/وروي أن عمر رضي الله عنه خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى ورد حوضاً, فقال عمر: يا صاحب الحوض, هل ترد حوضك السباع؟ قال عمر رضي الله عنه : "لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا".
ج/مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً فسقط عليه شيء من ميزاب ومعه صاحب له, فقال: يا صاحب الميزاب, ماؤك طاهر أم نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا" ومضى رضي الله عنه.
فهذه الأقوال من الصحابة رضوان الله عليهم تدل دلالة واضحة على أنهم نهجوا منهج التخفيف والتيسير, فكانوا أقل الأمة تكلفاً اقتداءً بنبيهم صلى الله عليه وسلم, قال سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾.
من أقوال التابعين في الأخذ بالتخفيف:
أ/قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما : "أفضل الأمرين أيسرهما عليك" لقوله سبحانه: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ﴾. ب/عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: "إنما العلم أن تسمع بالرخصة من ثقة فأما التشديد فيحسنه كل أحد".
ومن هذا العرض الموجز للأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين يظهر لنا بوضوح أن التيسير ورفع الحرج مقصد من مقاصد الشريعة وأصل مقطوع به من أصولها.