ماهي مقومات فعالية إستراتجية تطوير الموارد البشرية الواجب اعتمداها من قبل المؤسسات ،حتى تتمكن من تحقيق الأهداف التي وُجدت من أجلها ومواجهة تحديات بيئة الأعمال الحالية والمستقبلية واكتساب مزايا تنافسية مستديمة؟ 


ولمعالجة هذه الإشكالية يتطلب منا الإجابة عن الأسئلة الفرعية التالية:
1-ماهي الأسباب التي أدت إلى إعادة النظر في موقع و دور الموارد البشرية في المؤسسات الاقتصادية؟
2-ماذا نعني بالإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية؟ وفيما تكمن دورها في المؤسسة؟
3-ماهو موقع إدارة الموارد البشرية في مجمع صيدال؟وما مدى فعالية إستراتيجية  تطوير الموارد البشرية المعتمدة من قبل  المجمع؟
و للإجابة عن هذه الأسئلة، نقدّم الأجوبة المحتملة المتمثّلة في الفرضيات الآتية:
1-إن التغيرات الجذرية الحاصلة  في بيئة المؤسسة الخارجية والداخلية أدت إلى إعادة النظر في موقع ودور الموارد البشرية فيها.
2-تعتبر الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية أحد المداخل الإستراتيجية الحديثة لتفعيل إشراك الموارد البشرية في إعداد وتنفيذ إستراتيجية المؤسسة من أجل تحقيق أهدافها بنجاعة واكتساب مزايا تنافسية.
3-لا تحتل إدارة الموارد البشرية في مجمع صيدال موقع إستراتيجي،وترتكز إستراتيجية الموارد البشرية على في الاستثمار في التكوين.

الأهمية الإستراتيجية للموارد البشرية بالنسبة للمؤسسات الجزائرية،ورغبتنا في التخصص في هذا المجال مستقبلا بحكم تخصصنا في فرع إدارة الأعمال،وتطوير ورفع مستوى قدراتنا العلمية في البحث العلمي،ومحاولة لفت انتباه الباحثين ومسؤولي المؤسسات الجزائرية إلى  التركيز على هذا المورد الإستراتيجي.

أما أهمية بحثنا فتعود إلى الاهتمام الكبير الذي أولته المؤسسات الرائدة في العالم لهذا المورد الثمين وإلى الدارسات والأبحاث العديدة والمتنوعة المنجزة من قبل أكبر الباحثين ومكاتب الدراسات في العالم بغية الوصول إلى تفكيك شفرات التميز المستديم الكامنة في الموارد البشرية.

ونهدف من خلال بحثنا إلى التعرف والإلمام بمختلف التطورات الحاصلة في مجال الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية وإلى محاولة معرفة واقع إدارة الموارد البشرية في مجمع صيدال،والإستراتيجيات التي يتبعها في تطوير دور الموارد البشرية.

وفيما يخص الدراسات السابقة هناك بعض الأساتذة والطلبة الجامعيين الجزائريين قاموا بدراسات قريبة إلى الإشكالية التي تناولتها منهم:
¨"أثر التسيير الإستراتيجي للموارد البشرية وتنمية الكفاءات على الميزة التنافسية للمؤسسة الاقتصادية(مدخل الجودة والمعرفة)"،أطروحة دكتوراه للباحث سملالي يحضيه من كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير،جامعة الجزائر،2004،حيث ركز الباحث في دراسته على دور التسيير الإستراتيجي للموارد وإدارة الجودة الشاملة والتسيير الإستراتيجي للرأس مال الفكري والمعرفة،في تنمية الموارد البشرية،وتطوير الميزة التنافسية للمؤسسة.
¨الاستثمار في الموارد البشرية"التدريب"،مذكرة ماجستير من إعداد الطالب نبق بوبكر من كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير،جامعة الجزائر،2003،حيث قام الطالب بالتعرض إلى تطور وظيفة الموارد من خلال مختلف المدارس،ثم قام بتحليل التدريب باعتباره أهم أداة لتطوير الموارد البشرية.

وبغرض الإلمام بجوانب البحث والإجابة على الإشكالية وإثبات صحة الفرضيات،اعتمدنا في بحثنا على المنهج التاريخي بما يناسب سرد مختلف مراحل تطور الموارد البشرية،وعلى المنهج الوصفي عند تحليل التعاريف والنظريات المتعلقة بالموارد البشرية والإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية بغرض الإلمام بها،وعلى منهج دراسة الحالة في الفصل التطبيقي.

إن الاختلاف الكبير بين اقتصاديات وثقافات مجتمعات الدول المتقدمة والدول النامية،والاختلاف بين ثقافة المؤسسات في البلد نفسه يجعل من الصعوبة إيجاد أنماط وأساليب موحدة في تطوير الموارد البشرية،ضف إلى ذلك النقص الملحوظ في الدراسات الميدانية المركزة والمتخصصة التي تناولت إستراتيجية تطوير الموارد البشرية كأساس لموضوع الدراسة.

لقد اعتمدنا في انجاز بحثنا على المسح المكتبي بغية الوقوف على المراجع باللغة العربية والفرنسية وكذا المجلات والأبحاث السابقة ومواقع الانترنت التي تناولت هذا الموضوع،أما عند إنجازنا لدراسة الحالة فقد اعتمدنا على المقابلة الموجهة بغية الوقوف على واقع ومكانة الموارد البشرية في مجمع صيدال والجهود المبذولة في تطوير الموارد البشرية.

إن الصعوبات التي تعرضنا إليها في بحثنا تمثلت في قلة المراجع المتخصصة التي تناولت تطوير الموارد البشرية وتعسر جمعها، وصعوبة ترجمة بعض المفاهيم نظرا لتعدد المصطلحات والمعاني التي يستعملها ويقصدها الكُتّاب.مما صعب علينا التعمق والتفصيل في البحث.

لقد تضمن بحثنا ثلاث فصول حيث تطرقنا في الفصل الأول المعنون بماهية وأبعاد إدارة الموارد البشرية إلى المفاهيم المتعلقة بإدارة الموارد البشرية ومراحل تطورها والعوامل البيئية المؤثرة فيها وموقعها ومكانتها في المؤسسة.وفي الفصل الثاني والذي عنوناه بالإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية تطرقنا إلى مختلف المفاهيم المتعلقة بالإدارة الإستراتيجية للمؤسسة والإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية ومتطلبات فعالية الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية و تحديات وأفاق إدارة الموارد البشرية. أما في الفصل الثالث والمعنون بتقييم إستراتيجية تطوير الموارد البشرية في مجمع صيدال لصناعة الأدوية تتطرقنا فيه إلى واقع إدارة الموارد البشرية في مجمع صيدال ومدى فعالية إستراتيجية تطوير الموارد البشرية المعتمدة من طرفه.
وقد تم تمهيد الدراسة بمقدمة وانتهت بخاتمة تضمنت النتائج والتوصيات.
ختمت هذا البحث بخاتمة عامة عبارة عن حوصلة لعدة نتائج خرجت بها،يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
إن الاقتصاد التنافسي يستمد قوته من العنصر البشري القادر على الإبداع الابتكار والاختراع باستمرار مما يسمح بإنشاء مؤسسات ذات كفاءة إنتاجية عالية من شأنها إرساء دعائم تطور وتقدم ونمو المؤسسات.
لقد أصبح المورد البشري في الألـفية الثالثة المصدر الرئيسي لخلق القيمة والتميز المستمر للمؤسسات الرائدة،وهذا بتبنيها للأساليب العلمية وتهيئتها للأسباب والعوامل اللازمة لتطوير الموارد البشرية.
إن أي مؤسسة مهما كانت،لا تعدو أن تكون في غياب مواردها البشرية إلا مجرد مجموعة من المباني والمعدات والأثاث وربما بعض الأرصدة في البنوك،والموارد البشرية هي التي تصنع المؤسسات وتمهد لها الطريق للنمو والنجاح والاستمرار.
إن الرهان الحقيقي لأي مؤسسة يتمثل في مدى قدرتها على  استغلال مواردها والاستفادة منها،فلقد دفعت تحديات بيئة أعمال القرن الحادي والعشرين إلى زيادة الاهتمام بالموارد الداخلية وبالخصوص الموارد البشرية من خلال العمل على التقدير والعناية اللازمة لأعمالهم المنجزة وتصحيحها وتجديدها وتطويرها باستمرار مما سوف يدفعهم إلى الالتزام وتحسين السلوكات وزيادة الإحساس بروح الولاء  والانتماء للمؤسسة وقيمها التي وجدت من أجلها وتعظيم المكاسب والمنافع والاستغلال الجيد لهذا المورد الإستراتيجي مما يجعل المؤسسة أكثر كفاءة وفعالية من المؤسسات المنافسة،حيث يسمح لها بخلق  القيمة والتميز المستمر والمستديم،تمكنها من مواجهة التغيرات والتكيف مع المستجدات البيئية وتفعيلها لصالحها.
إن إدارة الموارد البشرية تمثل أحد الإدارات الإستراتيجية في المؤسسات الحديثة،سواء في  اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية على السواء من خلال العمل على إشباع الاحتياجات الذاتية لكل من المؤسسات والموارد البشرية على السواء،ويتمثل المدى الذي تساهم فيه إدارة الموارد البشرية في تحقيق الأهداف التنظيمية في المقام الأول على مدى قدرة وكفاءة مديري الموارد البشرية في تلك المؤسسات.
لقد تعرضنا من خلال الدراسة النظرية عبر الفصول المختلفة إلى مختلف الوظائف والمهام التي تقوم بها إدارة الموارد البشرية والعوامل المؤثرة عليها،ومقومات فعالية الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية.
ولقد تمكنا من الوصول إلى مجموعة من النتائج التي تؤكد الفرضيات المقترحة في بداية هذه الدراسة،والتي على أساسها يمكن أن نقدم بعض الاقتراحات والتوصيات التي نعتقد أنها يمكن أن تكون مفيدة في تطوير واقع وموقع الموارد البشرية في المؤسسة الجزائرية،وأخيرا نقدم أفاق الدراسة باقتراحنا لبعض المواضيع المرتبطة بموضوع البحث أولها علاقة غير مباشرة والتي قد تكون أرضية لبحوث ودراسات مستقبلية.



أحدث أقدم