اسباب نجاح كأس العالم في قطر
أول هذه الأسباب كان غزارة التهديف، خاصة أن الجميع يعشق الكرة الهجومية ويرغب في رؤية الأهداف، ورغم أن كرة اليد تعتمد أساسا على الدفاع، إلا أن الأمور اختلفت في مونديال قطر الذي شهد غزارة تهديفية مقارنة بالبطولات السابقة، فالدور الأول شهد تسجيل 3278 هدفا مقابل 405 أهداف في ثمن النهائي ، و200 هدف في ربع النهائي ، و108 أهداف في نصف النهائي ، و 47 هدفا في المباراة النهائية والحاسمة بين قطر وفرنسا.
أما ثاني الأسباب فتعلقت بالفنيات والمهارة التي ظهرت خلال المونديال، حيث اتسمت مباريات البطولة بالأهداف التي سجلت بطابع جمالي وبتسديدات مختلفة سواء من على الأجناب أو من الاختراقات أو بجهود فردية للاعبين بعد تخطى خطوط الدفاع، الأمر الذي أسفر عن أهداف رائعة امتعت الجماهير الحاضرة في الصالات و الملايين خلف الشاشات في مختلف قارات العالم.
وتمثل ثالث الأسباب في مفاجآت البطولة ، فبعد تأهل قطر ثانية عن المجموعة الأولى على حساب منتخبات عريقة مثل سلوفينيا رابعة النسخة الأخيرة من المونديال في اسبانيا 2013 ، ومن ثم وصولها إلى المباراة النهائية بعد تخطيها عقبات النمسا وألمانيا وبولندا على التوالي.
ولم تكن قطر وحدها مفاجأة البطولة، فقد تأهل المنتخب البرازيلي لدور الستة عشر على حساب الفريق الأوروبي بلاروسيا، وكادت أن تطيح بكرواتيا الفائزة ببرونزية النسخة الأخيرة من المونديال، في ثمن النهائي قبل أن تخسر بصعوبة (25 – 26).
كما تأهلت الأرجنتين إلى ثمن النهائي على حساب روسيا الفائزة بلقب المونديال ثلاث مرات والمركز الثاني ثلاث مرات أيضا، وذلك بعد أن فازت عليها (30 – 27 ) ضمن منافسات المجموعة الرابعة، وكادت أن تحقق المفاجأة أمام فرنسا قبل أن تحسم الأخيرة الأمور لصالحها.
أما رابع الأسباب فيتمثل فيما شهدته البطولة من أحداث درامية ومشاعر متناقضة، فلن ينسى متابعو البطولة فرحة لاعبي وجماهير قطر البالغة بعد كل فوز وصولا إلى المباراة النهائية التي شهدت شعورا مختلطا بين الحزن لفقدان اللقب والفرحة بالمركز الثاني والتنظيم الرائع للمونديال. كما لن ينسى كل من شاهد المونديال وخاصة من المصريين، دموع لاعبي منتخبهم بعد الخسارة أمام ألمانيا في ثمن النهائي وتوديع البطولة، بينما الآلاف من الجماهير المصرية التي احتشدت في صالة لوسيل تنشد " أرفع رأسك فوق انت مصري".
المخاطرة كانت خامس أسباب نجاح المونديال، وهو الأمر الذي منح البطولة حماسة وإثارة في جميع مبارياتها، حيث أن نتيجة معظم المباريات لم تكون متوقعة وظلت معلقة حتى الثواني الأخيرة، حيث لم يتوقع الجميع أن تتعادل فرنسا مع أيسلندا ، والسويد مع مصر ضمن منافسات المجموعة الثالثة بالدور الأول، كما لم يتوقعوا تفوق منتخبي أمريكا الجنوبية ، الأرجنتين والبرازيل ، على منتخبات القارة الأوروبية التي تحتكر دائما مونديال اليد، وكذلك المستويات الذي ظهر عليها منتخب قطر الدولة المضيفة.
وجاءت مخاطرة مدربي هذه المنتخبات الصاعدة في عالم كرة اليد وخوضهم للمونديال بقوة بعيدا عن التاريخ والخبرات، كأحد أسباب المتعة التي شهدتها البطولة منذ البداية وحتى النهاية، خاصة في ظل وصول قطر كأول منتخب غير أوروبي، إلى المباراة النهائية أمام فرنسا وخسارته بصعوبة شديدة بفارق ثلاثة أهداف.
وكانت الأخلاق والروح الرياضية التي سادت بين جميع المنتخبات واللاعبين سادس أسباب النجاح المبهر للبطولة، بعدما تميزت جميع المباريات بهذو الروح ، وذلك على الرغم من أن مباريات كرة اليد تتسم بالاحتكاك والالتحام القوي بين اللاعبين، إلا أن ذلك لم يسفر عن أي حادثة تشير الى تجاوز أخلاقي في البطولة. وشهدت جميع المباريات سلوكا حضاريا من جميع اللاعبين والمدربين والأجهزة الفنية قبل وبعد المباريات، وظهر ذلك جليا في المؤتمرات الصحفية عقب المباريات والتهنئة والمتبادلة والروح الرياضية ، الأمر الذي جعل البطولة تخرج نظيفة تماما وسط رضاء جميع المنتخبات على النتائج التي حققتها، والمراكز التي احتلتها في الترتيب العام للمونديال.
ويشهد كل مونديال ما يسمي بالحصان الأسود ، وهو سابع الأسباب في نجاح البطولة، وقد حصل منتخب قطر الدولة المضيفة على هذا اللقب عن جدارة بعدما خاض مشوارا ماراثونيا في المونديال منذ البداية وحتى النهاية، وتخطى منتخبات عريقة في عالم كرة اليد. وفازت قطر في الدور الأول على منتخبات البرازيل (28 – 23) وتشيلي (27 – 20) وسلوفينيا (31 – 29 ) وبلاروسيا (26 – 22) ، وتخطت كل من النمسا (29 – 27) في ثمن النهائي ، وألمانيا (26 – 24) في ربع النهائي . وفي الدور نصف النهائي واصلت قطر مسيرتها الناجحة نحو تحقيق حلم المونديال بتخطي عقبة بولندا (31 – 29) ، إلا أن هذا الحلم تبخر أمام الديوك الفرنسية في المباراة النهائية بالخسارة بفارق ثلاثة أهداف (22 - 25) .
أما ثامن الأسباب فقد تمثل في انتهاء أسطورة أوروبا وهيمنتها المستمرة على كرة اليد، بعد تمكن خمس دول غير أوروبية (قطر، مصر، تونس، البرازيل، والأرجنتين) من التأهل لدور ثمن النهائي للمرة الأولى، قبل أن يتواصل التألق بتأهل قطر إلى المباراة النهائية، ليكون هذا أول نهائي لمونديال اليد أحد طرفيه غير أوروبي منذ انطلاق البطولة عام 1938 في ألمانيا.
وكانت التقنية الحديثة تاسع الأسباب، حيث شهدت بطولة كأس العالم لكرة اليد 2015 أعلى مستوى من التكنولوجيا سواء في التصوير أو الإخراج التلفزيوني، فضلا عن توفير كافة الأجهزة والإمكانيات التي تتابع أولا بأول الإحصائيات الخاصة بكل مباراة لجميع المنتخبات واللاعبين. عاشر الأسباب والأخير في النجاح كان التنظيم الرائع للبطولة على كافة المستويات وبشهادة جميع الوفود التي عاشت أحداث المونديال بكل تفاصيله في العاصمة الدوحة على مدار ثلاثة أسابيع تقريبا.