إذا كان الإكراه على الأفعال له أحوال:
× الحالة الأولى: إذا اكره على أفعال الكفر مثل تمزيق المصحف وإهانته والذبح للصنم ونحو ذلك فهذا النطق بالكفر يعد رخصة للمكره إذا فعلها وقلبه مطمئن بالإيمان على الصحيح لدلالة الآية السابقة الذكر وذهب بعض العلماء إلى أنه يؤاخذ على ذلك لحديث (الرجلين الذين مرا على صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب قربانا فامتنع أحدهما فقتلوه فدخل الجنة وقال الآخر لا أجد ما أقربه له فقالوا قرب ولو ذبابا فقرب ذبابا فدخل النار) . والراجح في هذا عدم مؤاخذة المكره هنا في هذه الحالة بل التكليف مرتفع عنه أما الحديث الذي ذكر في هذا المقام فلا دليل فيه على مسألتنا لأن الرجل الذي قرب قربانا قربه مختارا طائعا بدليل أنه علل عدم التقريب للصنم عدم وجود ما يقربه ولم يعلله بالتحريم والخوف من غضب الله عز وجل.
ويمكن يجاب بجواب آخر فيقال: هذا في شرع من قبلنا وقد جاء في شرع من قبلنا ما يخالف هذا ومعلوم أنه إذا جاء في شرعنا ما يخالف ما جاء في شرع من قبلنا فإن شرع من قبلنا لا يعد حجة فإن الله تعالى قد أباح لنا النطق بكلمة الكفر مع طمأنينة القلب في الدليل السابق.
وأيضا دلالته صلى الله عليه وسلم (إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
ولا فرق بين الأقوال والأفعال الكفرية في هذا المقام.
× الحالة الثانية: قتل المعصوم أو جرحه أو قطع طرف من أطرافه إذا أكره فالإكراه هنا لا يعد عذرا ولا يبيح له ذلك باتفاق العلماء فالفاعل يأثم بالاتفاق(أي المكرَه) في هذه الحالة يكون مكلفا ولا يرتفع التكليف عنه بل يجب عليه الصبر على الإكراه ولا يقدم على قتل أو جرح أو قطع أي طرف من أطراف المعصوم.