التفريق بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء أو كما سميناه بالأهلية في الوجوب والأهلية في الذمة ينفي لدينا هذا الإشكال الوارد هنا ونحن من خلال جوابنا من هذا الاعتراض لمسنا أن الجمهور عندما يجيبون يحاولون أن يستعينوا بما ورد عن الحنفية بتفريق بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء .
فالصبي نقول أنه مكلف بهذه الأمور من الزكاة و قيم المتلفات من باب أن لديه أهلية وجوب بالذمة متوافرة لديه لاكتسابه صفة الإنسانية فهو إنسان يختلف عن البهيمة لكن لم نقل أنه مكلف مثلا ً بالعبادات ونحو ذلك لأنه فاقد لأهلية الأداء لأن التكليف أو الأهلية لابد بها من توافر هذين القسمين أهلية الأداء وأهلية  الوجوب والصبي يملك أهلية الوجوب لأنه اكتسب صفة الإنسانية لكنه لا يملك أهلية الأداء لأنه لم تتوافر فيه شرط البلوغ يتقرر مما سبق أن تفريق الحنفية بين الوجوب في الذمة والوجوب في الأداء .
     وهذا التفريق له فائدته فيحمل عليه هذا الشرط الذي أوردناه هنا ويحمل عليه الجواب عن الاعتراض الذي أورده الجمهور على المعترض عليهم في قضية قولهم بعدم تكليف الصبي المميز .
وهنا لا نلاحظ خلافا ً بين العلماء في أن البلوغ شرط في أهلية الأداء أو في وجوب الأداء وهو عند الجميع لكنه في أهلية الوجوب صار محلا ً للنزاع والخلاف ولذلك أثر هذا في قضية إيراد اعتراض على مذهب الجمهور في هذه المسألة.
 

وهذه الحلقة هي امتداد للحلقتين السابقتين وهي الكلام على موضوع التكليف وخاصة فيما يتعلق بشروط التكليف وذكرنا في الحلقة السابقة أن شروط التكليف تنقسم إلى قسمين شروط متعلقة بالمكلف وشروط متعلقة بالفعل المكلف به وشرعنا فيها في الكلام على شروط المكلف وتكلمنا عن ثلاثة شروط منها وهي :
·       الشرط الأول: الحياة
·       الشرط الثاني: كونه من الثقلين .
·       الشرط الثالث :شرط البلوغ .

وسيكون محور كلامنا في هذه الحلقة الكلام على شرط العقل وسنتبين المراد بهذا الشرط وما يتعلق بتكليف فاقد العقل .
وفقدان العقل على صور كثيرة سيأتي الإشارة عليها والكلام عنها.
أما العقل فكما ذكر العلماء بيان المراد به فهو آلة التمييز والإدراك فمن لم يكن مميزا لا يوصف بالعقل ومن لم يكن مدركا لا يوصف بالعقل هذا إجمالا ً وقد اتفق العلماء على اشتراط العقل كشرط من شروط التكليف الراجعة إلى المكلف واستدلوا على هذا الشرط بدليل واضح جلي سبق الإشارة إليه وهو الحديث الوارد في قوله عليه الصلاة والسلام (رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم المجنون حتى يفيق)  إفاقة المجنون أو عقله دليل على أن فاقد العقل غير مكلف ويفهم منه أن من كان لديه عقل فهو مكلف ولذلك قال  العلماء إن شرط العقل مستمد من هذا الحديث.
Previous Post Next Post