س---- ما المقصود بالدليل الظني؟
ج------ والمقصود بالدليل الظني هنا عند الحنفية هو ما جاء بطريق الآحاد من السنة أو ما كان ثابتا ً بإجماع ظني أو بقياس ونحو ذلك فالحنفية تفردوا عن الجمهور بإثبات قسم أقل من المحرم كما قلنا سابقا ً في تقسيم أحكام الحكم التكليفي كما قلنا عند الحنفية سبعة
فزادوا في أولا ً : الفرض زادوه هناك في المطلوبات في الأشياء المطلوب فعلها وزادوا هنا في الأشياء المطلوب تركها المكروه تحريما ً فجعلوه في مرتبة بين المحرم والمكروه تنزيها أما المكروه تحريما ً عند الجمهور فهو من المحرم سواء ثبت بدليل ظني أو ثبت بدليل قطعي المهم أنه جاء بدليل جازم فالحنفية تفردوا بهذا النوع فهذا يدعونا إلى أن ننتقل إلى الكلام على الفرق بين المحرم والمكروه تحريما فالجمهور لا يفرقون بين المحرم والمكروه تحريما مادام أنه جاء طلب الترك فيه بطريق جازم فكلاهما سواء , سواء كان بدليل قطعي أو كان بدليل ظني حكمهما سواء , سواء سميناه محرم أو مكروه تحريما .

õ أما الحنفية فيفرقون بين المحرم وبين المكروه تحريما فيجعلون ما ثبت النهي فيه شرعا ً نهيا ً جازما ً بدليل قطعي هو المحرم وما ثبت النهي فيه شرعا ً نهيا ً جازما ً بدليل ظني فهذا يسمونه المكروه تحريما فينظرون إلى طريق ثبوت النهي فيه فلما كان ثبوت النهي عن الشارع بدليل ظني أنزلوه عن درجة الحرام إلى درجة المكروه تحريما ً كما فعلوا سابقا ً في الواجب والفرض فقالوا في  الفرض ما ثبت طلب الشارع له طلبا ً جازما ً بدليل قطعي هذا الفرض
وقالوا في الواجب : ما ثبت أمر الشارع به أمرا ً جازما ً بدليل ظني فكما فرقوا هناك بين الفرض والواجب فرقوا بين المحرم والمكروه تحريما ً ونظروا في ذلك إلى الدليل المثبت لهذا الأمر.
الحنفية عندما فرقوا هذا التفريق نسبوه إلى الإمام محمد بن الحسن تلميذ الإمام أبي حنيفة رحمهم الله بهذا نستطيع أن نقول إن المكروه تحريما ً عند الحنفية هو : ما ثبت النهي فيه شرعا ً نهيا ً جازما ً بدليل ظني وأن المحرم هو : ما ثبت النهي عنه شرعا ً نهيا ً جازما ً بدليل قطعي ومثلوا للمحرم كما سبق وقلنا مثل الربا والزنا والسرقة ونحوها .
ومثلوا للمكروه تحريما ً مثلا ً بالنهي عن أكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب ٍ من الطير فقالوا هذا من قبيل المكروه تحريما لأنها ثبتت بالسنة الآحادية وهي تفيد الظن وقالوا إن ما ورد في الزنا والسرقة والربا هذه ثبتت بدليل قطعي فتكون محرمة ففرقوا بالتسمية بينهما والجمهور يقولون الجميع مطلوب تركه طلبا ً جازما سواء سميناه محرم أو مكروه تحريما لا فرق فحكمهما واحد .

 يجدر أن نشير إلى أمرين :
الأمر الأول : أن الإمام محمد بن الحسن يطلق على المكروه تحريما ً اسم الحرام مع ثبوت التفريق عنده بين ما ثبتت حرمته بدليل قطعي أو بدليل ظني وتعليل ذلك أنه يريد بهذا الإطلاق تغليب جانب الحرمة على هذا الأمر وإبعاده عن الكراهة التي تنصرف عند الجمهور إلى المكروه تنزيها وعلل العلماء هذا الإطلاق أيضاً  باحتياط العلماء بتسمية المحرم بالظن مكروها وإن كان حكمه العقاب على الفعل كالحرام فيقول الحنفية(وربما أطلق فقهاؤنا الحرام على المكروه تحريما وعند الإمام محمد كل مكروه تحريما حرام وإنما سماه مكروها ً ولم يقطع بتسميته حراما لأنه لم يجد فيه نصا ً قاطعا ً بالحرمة فإذا وجد نصا ً قاطعا ً بالتحريم قطع القول به فسماه حراما وإذا وجد نصا ًقاطعا بالتحليل قطع القول به فسماه حلالا وإلا قال في الحل الظني لا بأس به وفي الحرام الظني أكرهه وهذه الطريقة الأئمة الأربعة المجتهدين وغيرهم من فقهاء السلف وذلك احتياطا ً منهم لكي لا ينطبق عليهم قول تعالى ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام إلى آخر الكلام في هذا المقام).

الأمر الثاني الذي نحتاج التنبيه إليه في هذا أن كثير من العلماء يعترض لبحث المكروه تحريما ً في الكلام على المكروه ويعدونه نوعا ً من أنواع المكروه ولعل الذي دعاهم إلى هذا اشتراكهما في لفظ الكراهة فغلبوا جانب التسمية في التقسيم إلا أن الأولى أن نجعل الكلام فيه عند الكلام على المحرم ونجعله قسما ً من أقسامه لأنه يعني في معناه وحكمهُ حكمه .
فكما ميزنا الواجب عن الفرض تغليبا ً بجانب المعنى والحكم على التسمية إذ إن المكروه تحريما ً وإن كان ثبوته بدليل ظني لكن النهي فيه بصيغةٍ جازمة مثل صيغة الحرام لذلك ميزنا المكروه تحريما ً عن المحرم في هذا المقام .
المكروه تنزيها ً وهو المكروه عند الجمهور وهو عند الحنفية المكروه تنزيها ً فصيغة النهي فيه هي غير جازمة وهذا فرق أساسي بين المكروه تنزيها ً وبين المكروه تحريما ً فالمكروه تحريما ً صيغة النهي فيه جازمة لكنه ثبت بدليل ظني ولهذا اختلف عن الحرام أما المكروه تنزيها ً أو المكروه عند الجمهور فإنه صيغة النهي فيه غير جازمة ولذلك يختلف المكروه تنزيها ً عن المكروه تحريما ً في صيغة النهي .

ولذلك أطلق العلماء على المكروه تحريما ً تعريفا ً بقولهم :
ما كان إلى الحرام ِ أقرب
 وأطلقوا على المكروه تنزيها ً قولهم :
ما كان إلى الحل ِ أقرب هذا فيما يتعلق بالتفريق بين المحرم وبين المكروه تحريما .

õ== المحرم يطلق عليه العلماء عدة تسميات وعدة إطلاقات : فالمحرم يسمى المحظور ويسمى الممنوع ويسمى المزجور عنه ويسمى المعصية ويسمى الذنب والقبيح والسيئة  والفاحشة والإثم والعقوبة ونحو ذلك من الألفاظ التي يذكرها العلماء في مظانها ويقصدون بها المحرم .

أحدث أقدم