عرف الإغماء اصطلاحا؟
ج----- × فيقال الإغماء اصطلاحا/ هو فتور يزيل العقل ويعجز صاحبه عن استعمال عقله فترة معينة مع قيام عقله.
هؤلاء لا يوجد لديهم آلة الفهم فالذهن ليس موجودا لديهم بحيث يتمكن هؤلاء من إدراك الأحكام الشرعية على وجهها فالنائم لا يمكن توجيه حكم شرعي له يفهمه حال نومه.
والجامع بين هؤلاء أن زوال العقل لديهم ليس زوالا تاما حقيقيا  كما يزول عن المجنون إنما الزوال لفترة محددة أو الإدراك لديهم مرتفعاً لفترة محدودة ويعود لديهم في الغالب بالتنبيه.

فالمغمى عليه أو النائم إذا أيقظته استيقظ والساهي إذا ذكرته تذكر والناسي إذا عرضت عليه الأمر يعيد ذهنه للأمر وتذكره بخلاف المغمى عليه الأصل أنه إذا أجرى له ما يوقظه ويزيل عنه الإغماء فإنه يتحقق له ذلك فالغالب أن العلماء يلحقونه بالجنون ولا يجعلون له حكم الإغماء، والعلماء يقولون عن هؤلاء إنهم فاقدو شرط التكليف فالأصل إنهم غير مكلفين لكننا لا حظنا في المسالة خلاف ونحن كما ذكرنا سابقا في النهاية سيكون الخلاف خلافا لفظيا نوفق فيه بين هذه الأقوال ومن يقول بأنهم مكلفون يتجه اتجاها محددا غير اتجاه من يقول إنهم غير مكلفين فالعلماء في هذه الحال اختلفوا هل الشخص مكلف أو غير مكلف.

والحقيقة أن الخلاف ظاهري والجمهور يقولون أن هؤلاء غير مكلفين
(الغافل والناسي والساهي والنائم والمغمى عليه) في هذه الأحوال (أي في حال تلبسهم في تلك الأمور ) ذلك لأنهم في هذه الحالة فقدوا شرط التكليف وهو الفهم.

فهؤلاء لا يدركون معنى الخطاب ولا يفهمون المراد منه فكيف يخاطبون بهذه الأمور وكيف يقال مثلا له افهم مع أن الفهم منعدم لديه في هذه الحال فلو إنهم كلفوا بالامتثال فهم لا يفهمون الخطاب فحينئذ كيف يكلفون بأمر ولا يفهمونه، فيكون تكليفهم بالمحال.
وقال بعض العلماء إن هؤلاء مكلفون مطلقا ونسب هذا إلى بعض الحنفية واستدلوا بدليل في الغالب أنه يسير معناه فيما يتعلق بالصبي والمجنون ونحوهم
 ومن قال بتكليفهم أيضاً يقولون أن هؤلاء في أحوالهم هذه لو اتلفوا شيئا فإنه يجب عليهم ضمانه فالنائم لو اتلف مالا (كان يكون نائما بجوار شخص فقتله ففي هذه الحالة يجب عليه الضمان بالدية) والناسي لو اتلف مالا لغيره ناسيا وجب عليه الضمان وكذلك الساهي ولو دون قصد يلزمه ضمانه.

فوجوب الضمان على هذه الحالة على هؤلاء دليل على وجوب تكليفهم في تلك الأحوال إذ لو لم يكن هؤلاء مكلفون لما وجب عليهم شيء وما لزمتهم تلك الحقوق وقد سبق أن أجبنا عن هذا باستدلال سابق ونعيد الجواب عنه بنحو ما ذكرناه سابقا ونقول( أن إلزام هؤلاء بدفع قيم المتلفات ليس من باب الحكم التكليفي وإنما هو من باب الحكم الوضعي) أي من باب ربط الأحكام بأسبابها بمعنى انه قد وجد سبب الإتلاف فيوجد الحكم وهو الضمان والضمان هنا بدفع قيمة المتلف بقطع النظر عن كونه غافلا أو ناسيا أو ساهيا أو مغمى عليه أو نائما أو غير ذلك وهذا لا تعلق له بالتكليف وإنما هو من باب ربط الأحكام بأسبابها أي من قبيل الحكم الوضعي وهذا لا يشترط فيه الفهم وقد يضاف الجواب إلى هذا الأمر (أن الخطاب قد تعلق بهؤلاء عند الاستيقاظ لا قبله يعني الخطاب متوجه إلى هؤلاء عند الاستيقاظ لا قبل الاستيقاظ فالخطاب منتفي عنهم في حال كونهم بتلك الأحوال وإنما يجب عليهم القضاء بأمر جديد).

õ الخلاصة/ أن الخلاف في اشتراط هذا الشرط يرجع إلى ما مر معنا في الشرط السابق شرط العقل فكما نقول إن المجنون مأمور بشرط الإفاقة والصبي مأمور بشرط البلوغ كذلك يمكن أن نقول الغافل والناسي والساهي والنائم والمغمى عليه مأمورون بشرط ( الفهم ) الذي يكون بعد الاستيقاظ والانتباه ويمكن أن يستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ورفع الإثم عن الناسي هنا يشير إلى وضع الأمر عنهم إذ لا رفع إلا بعد وضع والذي يقول بتكليف هؤلاء بتوجيه الخطاب إليهم إنما يريد في ذلك ثبوت الفعل في ذمتهم والذين نفوا تكليفهم مطلقا وهم الجمهور نفوا إن كان تكليفهم بتلك الأحوال بالأداء، وهذا متفق عليه إذ لا يقول بهذا أحد لما سبق أن ذكرنا  .
الخلاصة/ أن من يقول بتكليف هؤلاء قصده الواجبات تبقى في ذمتهم إلى ما بعد الاستيقاظ والذي يقول بعدم تكليفهم إنهم غير مأمورين بشيء من التكاليف في حال تلبسهم بتلك الأحوال السابقة.
كما أن الأمر الأول متفق عليه وهو أن هذه الواجبات تبقى في ذمتهم إلى ما بعد الاستيقاظ فهذا أمر أيضاً متفق عليه وبتحليل هذا الكلام ينتفي الإشكال الوارد هنا (من يقول بأنهم مكلفون أو غير مكلفين) عندما نأتي إلى النسيان والنوم والإغماء .

× عندنا بعض التنبيهات في هذه الأمور التي يزول فيها التكليف:
 بالنسبة للنسيان يقول العلماء إنه يؤثر في جعل الموجود معدوما ولا يؤثر في جعل المعدوم موجودا أي: العلماء عندما تكلموا في أثر النسيان جاؤوا إلى المأمورات والمنهيات الأصل أنها لا يفعلها الإنسان إلا إذا أوجدها نسيانا فإذا أوجدها صارت موجودة فإذا أوجدها ناسيا فإن النسيان يؤثر في جعلها كالمعدومة باعتبار
أن النسيان يؤثر في عدم التكليف في هذه الحالة فقالوا النسيان يؤثر في جعل الموجود معدوما والموجود هنا المنهيات أو المحظورات ولا يؤثر في جعل المعدوم موجودا بمعنى لو أن شخصا نسي مأمورا من المأمورات فإن النسيان لا يؤثر في جعله موجودا بل على المكلف إذا تذكر بعد النسيان فإنه يلزمه فعل المأمور فهذا معنى قولهم النسيان يجعل الموجود معدوما ولا يجعل المعدوم موجودا .
أحدث أقدم