اهمية تدريس مادة الخط
يهدف تدريس مادة الخط في المرحلة الابتدائية إلى تحقيق ما يأتي:
- إجادة الكتابة ووضوحها، وهذا يتطلب من التلميذ أن يكتب الحروف كتابة صحيحة وأن يترك مسافة بين الكلمة وأختها، ويعطي كل حرف المساحة التي تلزمه، وأن يتحرى الدقة في ميل الحروف وانحدارها، وأن يكون التخطيط مريحاً للسطور والكلمات والحروف، وأن يكتب كل حرف بحجم مناسب.
- تمكين التلاميذ المتدربين من ملكة الكتابة السريعة.
- تمكين التلاميذ من إجادة القراءة، التي تعد أهم وظيفة تنهض بها المدرسة الابتدائية؛ ذلك أن الكتابة متممة للقراءة، وداعمة لها.
- تنمية مهارة الذوق السليم في نفوس التلاميذ، وتعويدهم على سرعة البديهة، وتعزيزهم بالحكمة والصبر وقوة الملاحظة.
- تمكين التلاميذ من اكتساب مهارات: النظافة، وحب النظام، والميل إلى الفنون الجميلة.
- تحقيق الخبرات اليدوية واكتسابها، وإشباع طبيعة نزوع الطفل إلى الحركة واستعمال يديه.
- تمكين التلاميذ من بناء الثقة بالنفس والاعتزاز بالإنجاز الفني، الذي حققوه من اكتساب مهارة الخط.
- اكتساب مواهب الفن والإبداع، والميل إلى الأناقة، والإحساس بالجمال والجودة ([1]).
وحين نقف على واقع دفاتر الكتابة: 1،2،3 التي اعتمدتها "إدارة المناهج والكتب المدرسة بوزارة التربية والتعليم الأردنية" لتُدرَّس لتلاميذ المرحلة الأساسية في مدارسها، فإننا نواجه بالاستهانة في خطورة مادة الخط العربي في واقع التربية والتعليم، ودور هذه المادة التعليمية في بناء شخصية الطفل، وتعزيزه بطائفة من المهارات الإيجابية التي تدخل في صميم التربية كالأناقة والتنظيم، والتذوق والترتيب، والميل إلى الجمال والإجادة، والنزوع إلى المثل العليا، وغير ذلك مما يحدد معالم الشخصية الفردية.
وإذا نظرنا في محتوى هذه الدفاتر وموضوعاتها، وجدواها فإننا نفاجأ بأنها لا تحقق مثقال ذرة من الطموح، وأنها تتقاصر عن تحقيق المأمول أو شيئاً منه، بل أين هذا الدفاتر من هذا المأمول والمرتجى؟ فواقعها يدخل في روعك أنها لا تغني في تعليم الخط، ولا تنفع في تعليم الكتابة، ولا تقوى على سد الرمق، ولو غابت عن ساحة التدريس في المرحلة الأساسية فإن واقع اللغة لا يتغير ولا يتأثر، فوجود هذه الدفاتر وعدمه سواء.
ويبدو لي أيضاً أن تدريس هذه الدفاتر بعيد عن الجدية والاهتمام، والمتابعة والتوجيه، وأغلب الظن أن أكثر المعلمين الذين يدرسون هذه الدفاتر، ليسوا من ذوي الخطوط الجيدة، ولا يعرفون عن الخط العربي وأنواعه وفنونه، ومداخله ومخارجه إلا القليل، وقد تبين لي أن بعض القائمين على إدارة المدارس لا يعرفون من أمر هذه الدفاتر وجدواها وأهدافها شيئاً، ولا يعيرونها شيئاً من الاهتمام، وربما عدها بعضهم من النوافل في التعليم.
وغياب الخط عن الخطة الدراسية، والتقليل من أهمية الكتابة الفنية والإملاء أدى إلى خسارة تعليمية تتمثل في الضعف المخيف الذي تسرب إلى واقع التلاميذ، وأفقدهم القدرة على الكتابة الصحيحة، وعلى التخطيط، وأمسى هذا الضعف ظاهرة معيبة، امتد أثرها إلى المراحل التعليمية جميعها، فالجامعات تضج بالشكوى من ضعف طلابها في الإملاء ورداءة الخط، والمدارس بمراحلها جميعاً تئن من وجع الضعف في الإملاء والخط، والمعلمون في مراحل التعليم كلها حائرون آسفون، قادرون على تشخيص الداء وإبراز بشاعته وخطورته وأثره على واقع التعليم، وعاجزون عن وصف الدواء الذي يشفي قطاع التعليم من هذا الخلل الذي تسلل إلى جثته، ومن هنا، فإن واقع تدريس الخط والإملاء في المدارس في ضائقة شديدة، ينظر بعين العتاب إلى القائمين على شؤون التربية والتعليم في هذا البلد الذي لا يساوم عليه، ولا يستهان به للنظر في هذه الظاهرة المعيبة ودراستها، ووضع الحلول الشافية التي تنهض بواقع الخط والإملاء والكتابة، وتضع الحلول الشافية التي تتعقب الخلل في مظانّه، فتقتلعه، وتخلص أبناءنا من شره.
على أن هذا البلد يغص بالرجال الأكفاء القادرين على وضع الحلول للآفات الطارئة وأن وزارة التربية والتعليم تملك من الطاقات المؤهلة، ومن العزم والتصميم ما هو كفيل بإعادة النظر في واقع فنون الخط والإملاء والكتابة، ووضع الخطط، التي تنهض بهذا الواقع، وترقى بتدريسها، وتسند أمر التأليف والتدريس فيها إلى طائفة من المؤهلين القادرين على تغيير الواقع، والسعي الجاد الهادف إلى تحقيق المأمول.
([1]) الروسان/ قواعد الكتابة والترقيم والخط/80-89.