المبادئ الملزمة للمرافق العامة
هناك عدة مبادئ مهمة وضرورية لضبط سير الأجهزة الحكومية وفق قواعدها والتي من شأن أعمالها تمكين هذه المرافق من أداء خدماها لأفراد المجتمع على أفضل وجه وتوفير البيئة الإدارية التي تساهم في حسن تطبيق وتطوير أحكام القانون الإداري ( الأنظمة واللوائح والقرارات الإدارية ) ، ومن شأن تطبيق هذه المبادئ أيضا تحقيق التفاعل بين النصوص النظامية والفن الإداري.
وأهم هذه المبادئ :أولا: مبدأ المشروعية : ويعني ضرورة خضوع الإدارة العامة للقانون شأنها في ذلك شأن الأفراد وهذا يتحقق بعدم خروج التصرفات والأعمال الصادرة عنها عن الأنظمة واللوائح والقرارات الإدارية ومن باب أولى عد م خروجها عن دائرة السياسة الشرعية الإسلامية حماية لحقوق الأفراد وحرياتهم .
مقومات مبدأ المشروعية :
1- العـدل : ويقصد به هنا ضرورة أداء الأجهزة الحكومية لخدماتها دون تفرقة بين الأفراد طالما توافرت فيهم شروط الخدمة نظاما سواءً في هذا الأجهزة التعليمية أو الأمنية أو الصحية…الخ وذلك طبقا للشريعة الإسلامية التي حضت على العدل طبقا لقوله تعالى : "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون"(1) ، ولقد نهت الشريعة الإسلامية عن الظلم كما ورد في قوله تعالى "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"(2)، وقوله سبحانه "إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب اليم"(1) .
وقوله تعالى : "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء"(2)، ولقد نصت المادة 8 من النظام الأساسي للحكم على الآتي: "يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق أحكام الشريعة الإسلامية" مما سبق يتضح أن العدل واجب إعماله من الناس عامة ومن الأجهزة الحكومية وموظفيها خاصة .
فيجب على الموظف مدنيا كان أو عسكريا أن يتقي الله في أعماله فلا يؤخر معاملات الناس ولا يهمل فيها وأن يقدم أقصى ما يستطيع لراحة أفراد المجتمع لأنه يأخذ راتبا مقابل عمله، ولأنه ملزم شرعا ونظاما بحسن القيام بواجبات وظيفته ولأنه سيسأل أمام رب العباد عن ظلم الناس ، وليعلم كل موظف أن عائد الظلم لا يشمله وحده وإنما يعود أيضا على الدولة ، يقول ابن خلدون :"إن الظلم مخرب للعمران وأن عائدة الخراب في العمران على الدولة بالفساد والانتقاض وكل من أخذ ملك أحد أو غصبه في عمله أو طالبه بغير حق أو فرض عليه ما لم يفرضه الشرع فقد ظلمه…. وحصول النقص في العمران بسبب الظلم والعدوان أمر واقع لابد منه ووباله عائد على الدولة"(2)
2- الشورى: يجب أن تقوم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس على أساس الشورى وتبادل الآراء واحترام الرأي والرأي الآخر كي تصدر القرارات والأعمال الإدارية محققة للغاية من المرافق العامة وهي المصلحة العامة لأفراد المجتمع طبقا لقوله تعالى: "وشاورهم في الأمر" وقوله تعالى : "وأمرهم شورى بينهم"
3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن النصيحة والأمانة والتقوى والإخلاص في العلاقة بين أفراد المجتمع الوظيفي وبينهم وبين أفراد المجتمع كي تتمكن الأجهزة الحكومية من تقديم المنفعة العامة عل أفضل وجه.
4- تجنب الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء عند قيام الموظف بأعماله : فلا يقبل رشوة أو يعمل لمحسوبية أو يستجيب لوساطة أو يزور مستندا أو معاملة أو يختلس مالا عاما…..إلخ.
5- حسن الخلق والاحترام والتقدير المتبادل والصدق والوفاء بالوعد سواء بين الرئيس والمرؤوس ، أو بينهما وبين أفراد المجتمع فمن شأن إعمال المبادئ السابقة وغيرها تحقيق أهداف السياسة الشرعية الإسلامية بحسن تدبير الشؤون العامة للدولة الإسلامية في إطار الشريعة الإسلامية بأنظمة وقوانين ولوائح وقرارات تحقق هذه السياسة العادلة(1).
6- حسن النية والإخلاص في إصدار القرارات الإدارية وتفسير وتطبيق الأنظمة واللوائح وتطبيقها على المخاطبين بأحكامها.
(1) سورة النحل الآية 90 .
(2) سورة الأحزاب الآية 58
(1) سورة الشورى الآية 42
(2) سورة إبراهيم الآيتان 42، 43
(2) مقدمة ابن خلدون، تحقيق د. علي عبد الواحد وافي، نهضة مصر، جـ2 ، ص 743
(1) د. طلعت أحمد علي محسن ، مقياس السياسة الإسلامية، بدون الناشر، 1408هـ، ص 4: 12، ابن قيم الجوزية، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، تحقيق د. محمد جميل غازي، دار المدني بجدة، ص ل: ن ، ص 14: 16