العقاب المادي :
يتمثل العقاب المادي الذي يملكه المجتمع أو أحد أفراده في حدود ولايته فيما يلي :
1- الهجر . وقد تقدم في قصة الثلاثة الذين خلفوا أن المسلمين هجروهم حتى ما صار يكلمهم أحد حتى نزلت توبتهم .
2- والضرب غير المبرح إن كان فيه مصلحة ظاهرة ، وإلا فهو خلاف الأولى ، وما ضرب النبي (ص) امرأة ولا خادما .
توضيح :
يأتي الهجر عندما تستنفذ كافة الطرق ولا يرتدع المخالف بوازع من دينه وضميره ورادع من التواصي والنصح والعقاب المعنوي من المجتمع إذا يقوم كافة أفراد المجتمع بترك المخالف ولابتعاد عن والنفور منه مما يشعر معه بأنه عضو فاسد ، أو يحمل جرثومة معدية يخشى الجميع أن تنتقل إليه ، والأمر على حقيقته فإن جرثومة الفساد والانحلال والتعدي على أخلاق الأمة وحرماتها أخطر من جرثومة العدوى البدنية ، فلا يأنس به أحد ولا يشفق عليه أحد طالما تلبس بذاك الجرم .
ويبقى التأكيد على أن الهجر وسيلة علاجية تقدر بقدرها ، فلا تزيد ولا تنقص فيكون في ذلك ضرر في الحالين .
أما الضرب فهو وسيلة في حق من له ولاية كالوالد مع ولده ، وفي حكمه المعلم ، أو الزوج مع زوجته حال النشوز والمعصية ، وقد تقدم ذكر شيء من هذا عند الحديث عن بناء الأخلاق ، فبعض هذه الأساليب هي أساليب بناء وفي الوقت نفسه أساليب حماية وصيانة ، كل ذلك في موضعه وبحسبه ، و لك أن تتذكر هنا آية {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} وحديث مروا أولادكم بالصلاة لسبع .... ، والشاهد منهما ذكر الضرب كرادع عن السلوك الخاطئ عند الحاجة إليه وبشروطه التي سبق بيانها .