خصائص النظام الإقتصادي الإسلامي:
يتميز بأنه جزء من شريعة كاملة جاءت لتنظيم حياة الفرد والمجتمع وهذا النظام يرتكز على خصائص ودعائم يكون عليها النظام الإقتصادي ومن أبرز تلك الخصائص مايلي :
الخاصية الأولى: أنه إقتصاد قائم على العقيدة:
الخاصية الأساسية للإقتصاد الإسلامي أنه اقتصاد عقدي حيث يسعى الفرد والمجتمع إلى تحقيق العبوديه الخالصة لله جلّ وعلا، في المجال الإقتصادي ويمكن إبراز ذلك من خلال القواعد التالية:
القاعدة الأولى: التوحيد:
ترتبط تلك القاعدة بالمعاملات والسلوك الاقتصادي كإرتباطها بالعبادات. من الأمثله قضية التملك والملكيه ، فالمؤمن يعتقد أن الله مالك كل شيء وان ملكية البشر ناشئة عن تلك الملكية وبالتالي يكون تصرفه وفق منهج الله سبحانه وتعالى ، والتوحيد يعتبر الركيزه الأم والقاعده الأساسية للنشاط الإقتصادي للمسلم .
القاعدة الثانية : قاعدة الاستخلاف: الله سبحانه وتعالى استخلف الانسان وسخر له جميع مافي هذا الكون ليستعين به على طاعة الله وهي تمثل المنطلق الذي يحدد العلاقه بين الانسان ومن سخر له من اموال.
من تلك القاعده اثار وانعكاسات على النشاط الاقتصادي منها:
· أن الله تعالى سخر مافي هذا الكون لنفع الانسان وقد ذلل الارض ومافيها لفائدة الانسان.
· ضرورة المزاوله والقيام بالنشاط الاقتصادي وتنمية الانتاج.
· انضباط السلوك الانساني والتزامه بما شرع الله له وذلك بفعل الواجب واجتناب المحرم.
· ان الله سخر للانسان الطيبات ونوعها وهذا التنوع ليستفيد المسلم ويستعين به للقيام بطاعه الله.
القاعدة الثالثة : قاعدة الجزاء الاخروي :وهي قاعده الثواب والعقاب وهي قاعدة تؤثر على سلوك المسلم في النشاط الاقتصادي وذلك انه الى جانب الاثر الاخروي فإنها اثر دنيويا مما يزيد في حجم المنافع التي يحصل عليها المجتمع.
وهذه القاعده تميز المسلم عن غيره ممن لايؤمن الا بالحياة الدنيا ويعتبرها حياة وحيدة ونهائيه.
الخاصية الثانيه : هي الجمع بين المصلحتين الخاصه والعامة ، يوفق نظام الاقتصاد الاسلامي بين المصلحه الخاصه والعامه حيث يجعل لكل منهما دورا خاصا يقوم به دون تعارض او تصادم .
ينظر الاقتصاد الاسلامي الى الفرد كوحده اقتصاديه ذات ارتباط بالمجتمع فهو يراعي ان يكون تصرفه محققا لاهداف ثلاثة:
أولا: تحقيق مصلحه ذاتيه مباحه له..
ثانيا: ألا يتعارض تحقيق تلك المصلحه مع مصلحه الغير أو مع مصلحه المجتمع.
ثالثا : اعتبار المصلحه الاخرويه بجانب المصلحه الدنيويه وتحقيق الكفايه الاقتصاديه للفرد واسرته .
* يغلب الاقتصاد الاسلامي المصلحه العامه على المصلحه الخاصه عند التعارض وعدم امكانيه الجمع بينهما حيث يقرر مبدأ تحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام او تحمل اخف الضررين أو مايعرف بدرء المفسدة الاعلى بدرء المفسدة الصغرى.
*تسهم بعض المؤسسات في هذا لنظام بتحقيق التوازن والمحافظه عليه ومن ذلك:
· الزكاة : فهي تشكل وسيلة للتحقيق التوزيع العادل للثروات وتشارك في تنمية وزيادة الايرادات
· نظام الوقف : يسهم بدوره في اتاحة الفرصه للافراد في تحقيق مصالح عامه معتبره في توفير فرص العمل
· نظام الاحتساب : يسهم بدوره في تحقيق التوازن بين المصلحتين الخاصه والعامه. ومن وظائف المحتسب مراقبة الاسواق والفصل في المنازعات التي قد تنشأ خاصة في السوق وتساعد في خلو السوق من الغش والتدليس والتطفيف في الكيل والموازين وغيرها .
الخاصية الثالثه :التكامل بين اشباع الجوانب المادية والمعنويه أو الجمع بين اشباع حاجات الروح والماده ،:
ان النظم الاقتصاديه الوضعيه تتفق في توجيه العناية لتحقيق الاشباع المادي لحاجات الانسان دون اعتبار كبير للقيم الروحيه.
النظام الاقتصادي الاسلامي: اقتصاد مادي ومعنوي يجمع بين اشباع الحاجات الماديه والمعنويه.
ومن الامثله التي تدل على الجمع على اشباع الحاجات الماديه والمعنويه فريضة الزكاة .
وكذلك بالنسبه للحج فبالاضافه لكونه شعيره من شعائر الدين وعبادة يؤديها المسلم الحج امتثالا لامر اله فإنه أيضا وسيله لأشباع الحاجات المادية يقول تعالى(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُم)
الخاصية الرابعه: وهي اقرار الملكيتين الخاصه والعامة: يختلف الاقتصاد الاسلامي عن غيره من الانظمه الاقتصاديه الوضعيه في موقفه من الملكيه من ناحيتين رئيسيتين:
الناحية الاولى: ان المالك الحقيقي للاشياء هو الله وأن ملكيه البشر ملكية استخلاف لعمارة هذا الكون بالضوابط الشرعيه.
الناحية الثانيه : أنه يأخذ بازدواجية او بالجمع بين الملكيه العامه والخاصه وان كلا منهما اصلا وليس استثناء يفرضه الواقع.
· يقر الاقتصاد الاسلامي مايترتب على اقرار الملكيه الفرديه من حريه التصرفات المباحه ويدل على ذلك قوله تعالى(وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون) حيث أضاف رؤوس الاموال الي الناس مما يدل على تملكه.
· يربط الاقتصاد الاسلامي تلك الملكيه ويحميها بسياجين:
الاول يحمي الحق من سوء استخدام صاحبه ولهذا شرع الحجر على السفيه الذي لايحسن التصرف في الاموال وذلك لانه اساء استخدام ملكيته.
الثاني يحمي صاحب حق الملكيه من اعتداء غيره عليه ولهذا شرع حدا للسرقة وأيضا احكام الغصب.
· يقر الاقتصاد الاسلامي الملكيه العامه كأصل وذلك في الموارد والمرافق التي تقتضي طبيعتها على تملك الفرد لها. ودليل هذا النوع من الملكيه قوله عليه الصلاة والسلام( المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلاء والنار ).
تكلم العلماء عن مجال هذه الملكيه وممن ذكر ذلك ابن قدامه رحمه الله الذي أشار الى جمله من الموارد وذكر ان الناس يحتاجون اليها وحين عدد جمله منها ذكر انه لايجوز حجرها والاستئثار بها كما لايجوزا قطاعها لأحد من الناس لأن بذلك تضييق عليهم واضرار بهم .
الخاصية الخامسه اقرار الحريه الاقتصادية المنضبطه: لايمكن للملكيه الفرديه او الملكيه الخاصه ان تؤدي دورها الطبيعي دون ان تعمل في ضمن مساحة كافيه من الحرية الاقتصاديه .
ü الاقتصاد الاسلامي يقر الحريه الاقتصاديه للفرد في الاستثمار والاستهلاك ويضبطها بقيود تكفل الى حد كبير عدم اساءة استخدامها.
ü لا يجوز للفرد ان يستثمر ملكيته في انتاج الخمر او غيره مما حرم الله سبحانه او التعامل بالمشروعات الربويه او التي تقوم على الضرر والاكتساب الغير مشروع.
ü هذا الموقف الضابط للحرية يهدف الى زيادة حجم المنافع وتقليل المضار من خلال ماتغرسه المبادئ الدينيه من أسس تربويه واخلاقيه في نفس الفرد.
ü يدعم هذه الضوابط وجود نظام الاحتساب الذي يضمن عدم استخدام هذه الحريه في التعدي على مصالح الاخرين .
ü هذه الحريه الاقتصاديه المنضبطه تؤدي الى الاستفاده من الموارد بـ كفاءة عاليه وتشجع على استخدام الموارد وزيادة الاستثمارات التي يحتاجها الفرد والمحتمع .
الخاصيه السادسة انه اقتصاد غير قائم على الربا أو انه اقتصاد لا ربوي :
· يحرم الاسلام الربا بأنواعه لا فرق في ذلك بين مايعرف بالقرض الانتاجي ولا بالقرض الاستهلاكي الذي يكون بقصد الاستهلاك.
· كذلك لافرق بين ربا القرض وربا النسيئه الذي ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب والفضه بالفضه مثلا بمثل سواء بسواء فمن زاد فقد اربى ) وهنا الحديث يدل على تحريم الربا وربا النسيئه هو تأجيل.
· الاقتصاد الاسلامي لايقر المعاملات الربويه ولايسمح بوجود المؤسسات الربويه لما فيه من ظلم واضرار واكل لاموال الناس بالباطل. وتكلم العلماء عن بعض مفاسده الاقتصاديه والاجتماعيه واثبتوا ان الربا يؤدي الى:
· حصول الازمات. واخذ حقوق الغير ويؤدي الى التكاسل وعدم استثمار الموارد وعدم الاستفاده منها استفاده كبيره .
في تحريم الربا فوائد عديدة:
1. يؤدي الى اخضاع المعاملات الاقتصاديه الاسلاميه الى قاعدة شرعية هي الغنم بالغرم .
2. الفائدة الربويه الثابته هي وسيله للظلم الذي يسعى الاقتصاد الاسلامي لابعاده عن المتعاملين تحقيقا لقوله تعالى (لاتَظْلِمون ولا تُظْلَمون ..)وخلو الاقتصاد الاسلامي من الربا من الخصائص الرئيسيه التي ينفرد بها عن غيره من النظم .
الخاصيه السابعه انه اقتصاد قائم على الاخلاق: تستبعد النظم الاقتصاديه الوضعيه العنصر الاخلاقي او ربطه بالدراسات الاقتصاديه على اعتبار ان الاقتصاد علم مادي لايهتم بالاخلاق بقدر اهتمامه بالانسان وعلاقته المادية الطبيعيه بخيث لاتوجد صله مباشره بين الاقتصاد والاخلاق حسب مايزعمون في ظل تلك الانظمة.
الاقتصاد الاسلامي لايفصل بين الاخلاق والاقتصاد الذي يمثل في غالبية معاملاته سلوك ببين طرفين او اكثر.قال عليه الصلاة والسلام (التاجر الصدوق الامين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامه..
يجمع الاقتصاد الإسلامي بين المسؤوليتين الذاتية والمسؤولية القضائية والإدارية في تناسق محكم بخلاف النظم الاقتصادية الوضعية.
يقول احد الباحثين : إن تجرد الناس من مكارم الأخلاق والمثل العليا يجرد الحياة الاقتصادية من الرفاهه الإنسانية والسعادة الحقيقية بل ومن الأمن والسلام ومن ثم فلا تنفصل النظرية الاقتصادية في الإسلام عن الجانب الأخلاقي من حيث الوسائل والنظريات أو من حيث المقاصد والأهداف.
حظي جانب العمل والمال وهما دعامتا الاقتصاد بالكثير والعديد من القواعد الأخلاقية التي تجعل النشاط الاقتصادي في الإسلام يتميز بطابع خاص تنتفي من خلاله الأثرة والاستبداد والتعلق الشديد بالمال.