الحجز التحفظي الاستحقاقي :
واضح مما يبق أن مناط تحديدي نطاق الحجز هو محل الامتياز ، فما يرد عليه الامتياز يرد عليه الحجز ، إلا أن المشرع قد واجه الفرض الذي تنقل فيه الأموال محل الامتياز من العين المؤجرة على الرغم من معارضة المؤجر أو على غير علمه بحيث لا يتبقى في العين من الأموال ما يكفي لضمان حقوقه الممتازة . فالقانون المدني يعطي للدائن (المؤجر ) في هذه الحالة حق تتبع هذه الأول في أي يد تكون ، (م1143\5مدني ) ، وهذا هو الأثر الطبيعي لحق الامتياز باعتباره حقاً عينياً تبعياً . ولا يكتفي المشرع بذلك بل منح قانون المرافعات للدائن المؤجر في هذه الحالة الحق في نوع خاص من الحجز التحفظي يسمى ( الحجز التحفظي الاستحقاقي ) نصت عليه المادة 317\2 مرافعات بقولها ( ويجوز له أيضاً توقيع الحجز إذا كانت تلك المنقولات والثمرات والمحصولات قد نقلت بدون رضائه من العين المؤجرة ما لم يكن قد مضى على نقلها ثلاثون يوماً ، فالحجز التحفظي يسمى استحقاقياً إذا ثبت لمن له حق التتبع.
وواضح من خلال النصين أنه لا تعارض بينهما ، وإنما يكمل بعضهما الآخر إمعاناً في ضمان حق الدائن ، وإن كان كل بمنهجه . فيشترط لتوقيع الحجز الاستحقاقي في هذه الحالة : أولا : أن تكون الأموال المنقولة من العين المؤجرة قد نقلت وهي مثقلة بامتياز للمؤجر، وثانياً: أن تكون قد نقلت دون رضائه ، وعدم الرضا الذي أشارت إليه هنا المادة 317\2 مرافعات يختلف عن عدم العلم الذي أشارت إليه المادة 1143\5 مدني . لأنه لا يتصور الرضاء بغير أن يسبقه العلم . إلا أن المادة الأخيرة قد احتاطت بذكر عدم العلم إلى جانب عدم الرضا ، لأنه قد يعلم المؤجر بعملية النقل دون أن يرضى. وقد يعلم ويرضى ، وقد لا يرضى مع العلم الفعلي وقد لا يرضى مع افتراض علمه. ولذلك كان نص المادة 1143\5 مدني أكثر إحاطة بالمقصود حينما نصت على عدم العلم إلى جانب المعارضة.
ويشترط ثالثاً: ألا يبقى في العين ما يكفي لضمان الحقوق الممتازة ، ويشترط رابعاً : أن يبدأ الدائن في اتخاذ اجراءات الحجز خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نقل هذه المنقولات .
ولكن قد يقع النقل دون أن يعلم به المؤجر ، وهذا فرص كثير الحدوث وخاصة أنه يفترض أن المؤجر لا يوجد في المكان المؤجر عادة، وقد يمضي الميعاد المنصوص عليه ، وهو ميعاد سقوط حتمي دون أن يتمكن المؤجر من اتخاذ اجراءات الحجز ، ولذا فإنه من المنطقي والحال هكذا ألا يسري الميعاد في مواجهة من لا يستطيع اتخاذ الإجراء فيقف الميعاد طالما أن الجهل بالواقعة المجربة له هو وعدم الإمكان سواء.
وبذلك نكون قد راعينا كل من نص القانون المدني الذي يتناول عدم العلم ونص قانون المرافعات الذي يتناول عدم الرضا.
فإذا توافر ذلك ، كان للمؤجر الحق في توقيع الحجز التحفظي في مواجهة كل من المستأجر ، والمستأجر من الباطن - إن وجد - وكذلك في مواجهة حائز المنقولات التي نقلت إليه لما له من حق تتبع ، ولذا يكون الحجز هنا استحقاقياً .
إرسال تعليق