شروط صحة التهمة

يجب ان تتوفر في ورقة التهمه التي تحررها المحكمة و التي تعتبر عن اعتقادها الراجح بارتكاب المتهم فعلا يعاقب عليه  القانون شروط قانونيه لكي تنتج اثرها و هدفها في تحقيق مصلحة الدفاع و تحديد الوصف القانوني و المادة القانونيه و توجيه الدعوى الجزائيه . و تحقيق محاكمة عادلة و رغم ان ورقة التهمة تتميز ببساطة ظاهرية إلا انها تحظى بأهمية كبيرة و قدسية خاصة بحيث يؤدي الخطأ فيها في بعض الاحوال الى بطلان كل اجراءات المحاكمة التي اسسست عليها و بالتالي نقض الحكم الذي بني على تهمة غير اصولية و تنقسم شروط صحة التهمة الى شروط شكلية و اخرى موضوعيه سوف نتناولها تباعاً :
أولا : الشروط الشكلية
عالج قانون اصول المحاكمات الجزائيه رقم 23 لسنة 1971 موضوع التهمة في الفصل الثالث الباب الرابع منه في المواد ( 187 – 193 ) و قد حددت المادة
187 / أ(1) من القانون المذكور الشروط الشكليه لصحة التهمه و التي يجب ان تحتويه ورقة التهمه . فالتهمة ورقة تحررها المحكمة تتميز بشكلة خاصه حدوه القانون بصورة دقيقه و يترتب على عدم مراعاة هذه الشكلية عدم اصولية و قانونية اجراءات المحاكمه في بعض الاحوال و هذه الشروط الشروط هي :
1-   اسم القاضي و وظيفته
يجب ان يدون اسم القاضي في ورقة التهمة بصورة كاملة مع بيان منصبه ، كأن يذكر مثلا قاضي محكمة جنح كذا ، او رئيس محكمه احداث ، او رئيس محكمة جنايات ، لكي يكون الجميع و منهم  المتهم على علم بمنصب القاضي الذي يحاكم المتهم على علم بمنصب القاضي الذي يحاكم المتهم . فالقاضي طرف لابد منه و لا غنى عنه في الرابطه الاجرائيه لأنه هو الذي يتوقف عليه ففي الخصومه موضوع هذه الرابطه . و مع ذلك كونه طرف لابد منه ليس معنى ذلك انه خصما و انما هو فوق الخصوم و مهمته ان يحدد المدى الرجحان و مدى الوجهتان في مزاعمهم(1)
و السؤال الذي يمكن ان يطرح هل يدون اسم القاضي الاول و اللقب كما هو معتاد في معظم المحاكم ام يجب ان يتم تدوين الاسم الثلاثي و اللقب . و حيث ان فقرة الاسم الواردة في نص الماده 187 / أ الاصوليه جاءت مطلقة دون تخصيص . و لو رجعنا الى المادة 13 من قانون الاحوال المدنيه رقم 65 لسنة 1972 التي الزمت استعمال الاسم الكامل ( اسم الشخص و اسم ابيه وجده الصحيح و اللقب )(2) و بذلك يجب على القاضي ذكر اسمه الكامل و منصبه القضائي . وقفت محكمة التميز (( انه لا يشترط ان تحتوي ورقة التهمه على اسماء اعضاء المحكمة و تواقيعهم اذ يكفي ان يوقع عليها الرئيس وحده))(3)


يجب ذكر اسم المتهم الثلاثي الكامل و لقبه ان امكن و تحديد هويته كذكر عمره و مهنته و محل إقامته(1) و تظهر اهمية ذلك عندما تجري المحكمة محاكمة عدة متهمين في دعوى واحدة لتميز بعضهم عن البعض الاخر اذ قد يتشابه بعضهم مع البعض الاخر في الاسم الاول او الثاني او حتى الثالث . و يجوز توجيه تهمة واحدة الى المساهمين في الجريمه الواحدة و هذا ما نصت عليه الماده ( 188 / د ) الاصوليه ( يجوز توجيه تهمة واحدة الى المساهمين في جريمه واحده ) و عند توجيه التهمة في حالة المساهمة في الجريمه يجب ان يذكر في ورقة التهمة ان المتهمين ارتكبوا الجريمه بالاتفاق او الاشتراك وتذكر المادة العقابيه بدلالة مواد الاشتراك التي ينطبق عليها اشتراكهم و على ان يذكر نوع الاشتراك بالتحريض مثلا او السلاح او الاتفاق و المحكمه ملزمة في كل حال عند اصدارها قرار الادانه بان تحدد مركز كل مساهم فتبين من هو الفاعل و تدينه و من هو الشريك و نوع اشتراكه و تدينه ، و اذا كان جميع المساهمين في الجريمه فاعلين اصليين فتوجه لهم التمه و بصدر القرار الفاصل في الدعوى دون الاستدلال بمواد الاشتراك(2) و قد قضت محكمة التميز (( .. تبين ان كافة القرارات الصادره في الدعوى ادانة و اخراجا و سائر القرارات الاخرى لها من حكم القانون . إلا أنه لوحظ بان محكمة الجنايات كانت قد أفردت لكل متهم ورقة تهمة مستقله وفق المادة ( 406 ف 1 – أ ) عقوبات في حين ان تهمة واحدة تضم اسماء كافة المتهمين تغني عن تعدد التهم بتعدد اشخاص المتهمين على النحو الذي ذهبت اليه المحكمة لا سيما و ان الفعل الجرمي المسند الى المتهمين يكون جريمة واحدة ))(3) .
كما قضت محكمة التميز (( .. وجد ان المحكمة لم تدخل اسم المتهم في ورقة التهمة و
حاكمته على التهمة الموجهة للمتهمين الاخرين المسجونين عنها .
ثم اصدرت القرار ببرائته و ان ذلك خطأ غير موثر بحق المتهم لذا قرر تصديق القرار ))(1) . و قضت ايضا (( ان التهمة الموجهة كان ينقصها تاريخها و تدوين اسم رئيس الجنايات و اسم المتهم  مما يقتضي معه تلافي هذه البيانات الناقصه التي لم تجد محكمة التميز من خلالها نواقص جوهرية في التهمة تستدعي نقض كافة القرارات المتخذه فيها ))(2) حيث لم تجد محكمة التميز في القرار اعلاه في عدم ذكر اسم المتهم و اسم القاضي الذي وجه التهمة و تاريخ التهمة نواقص جوهرية توجب عدم صحتها و بالتالي نقض القرار الصادر في الدعوى . و في الحقيقه ان هذا الاتجاه منتقد من قبل قسم من الشراح و منهم الاستاذ المدعي العام ياسين خضير المشهداني(3) و نحن نتفق معه في ذلك خصوصا مع صراحة نص المادة 187 / أ التي اوجبت ذكر اسم القاضي و اسم المتهم و تاريخ التهمة . للاهمية الكبيره في ذلك و للإحاطة المتهم و اطراف الدعوى علما بتفاصيل الدعوى .
يجب ان يحدد في ورقة التهمة الموجهة الى المتهم المكان الذي وقعت فيه الجريمه بالضبط ان معلوما و الا فانه يعين بما يحيط به او يجاوره من الاماكن(1) و يتم ذكر المحلة و القريه و المدنيه(2) و ذكر مكان الجريمه مهم في تحديد اختصاص المحكمه المكاني و رفع الغموض عن ملابسات الجريمه(3) و قد يكون مكان الجريمه ظرفاا مشددا لبعض الجرائم مثلا ( 428 و 443 / رابعا و 44 / اولا ) من قانون العقوبات مثلا . و قد يبين تحديد مكان الجريمه صحة شهادة الشهود و اقوال المتهم حول الجريمه . و قد قضت محكمة استئناف ميسان الاتحاديه بصفتها التميزية (( يجب ان تتضمن ورقة التهمة اسم المتهم و هويته و مكان وقوع الجريمه و زمانها و وصفها القانوني و اسم المجني عليه و تفاصيل الوسيله التي ارتكبت بها الجريمه .. ))(4) كما قضت محكمة تميز العراق (( ان التهمة لم تحتوي على بيان محل الجريمه و الالات المستعمله فيها مع ان بيان هذه المعلومات كان ضروريا ليطلع المتهم على ماهية التهمة الموجبه اليه و يرتب دفاعه بشأنها و لهذا كان قرار المجرمية و الحكم غير قابل للتدقيق ))(5) كما قضت محكمة التمييز (( وجد ان التهمة لم تحتوي على بيان محل الجريمه مع ان بيان هذه المعلومات كان ضروريا حسب احكام الماده 187 / أ الاصوليه لكي يطلع المتهم على ماهية التهمة الموجهة اليه و لغرض اعداد دفاعه بشأنها . و لذا قرر نقض كافة القرارات ... ))(6)

اوجبت الماده 187 / أ الاصوليه ذكر زمان وقوع الجريمه في ورقة التهمة الموجههة للمتهم و يحدد زمان ارتكاب الجريمه باليوم و الشهر و السنة اما اذا لم تتمكن المحكمة من تعيين الوقت بالضبط فلا يمنع ذكره على وجه التقريب(1) . و ذكر زمان ارتكاب الجريمه على نحو واضح و بدقة له فائدة عملية حيث يساعد المحكمة من التثبت من صحة شهادات الشهود او وجودهم(2) . كما ان وقت الجريمه يعد ظرفا مشددا في بعض الجرائم مثل السرقة ليلا او اثناء خطر عام او كارثة مما يؤثر على تكييف الواقعه و تحديد النص القانوني المناسب بحسب زمان ارتكاب الجريمه . كذلك تظهر اهمية تحديد زمان ارتكاب الجريمه في تحديد القانون النافذ الواجب التطبيق و كذلك تحديد كون المتهم حدث ام بالغ وقت الجريمه . و من قضاء محكمة التميز (( ان عدم ذكر ملخص الجريمه المسندة الى المتهم و تاريخ و مكان وقوعها في ورقة الاتهام يعد نقصا اصوليا يستوجب النقض ))(3) و قضت محكمة التميز الاتحاديه ايضا ((.. وجد ان الحادث حصل بتاريخ 25 / 7 / 2004 أي في ظل نفاذ امر سلطة الائتلاف رقم 7 لسنة 2003 الذي تم بموجبه تعليق عقوبة الاعدام و احلال عقوبة السجن مدى الحياة .. ))(4) و اذا كانت الجريمه المنسوبه الى المتهم هي الاختلاس او خيانة الامانه ضمن المهم تحديد تاريخ ابتداء الجريمه و انقضاءهما حيث اعتبر القانون الافعال في جريمة خيانة الامانه و الاختلاس الواقعه خلال سنة تقويمة واحدة جريمة واحدة و توجه عنها تهمة واحده(5) و قضت محكمة التميز (( عند توجيه التهمة في جرائم الاختلاس يجب على المحكمة بيان المبالغ المختلسه و التواريخ المدعى وقوع الاختلاس في غضونها بشرط ان لا يزيد الوقت المدمج بين اول و آخر تلك التواريخ عن سنة واحده ))(6)
Previous Post Next Post