مبررات الحجز التحفظي و طبيعته : 
* لما كانت جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه ، فإن من مصلحة الدائن الحفاظ على هذا الضمان العام . إذ قد يعمد المدين إلى الإضرار بهذا الضمان بالتصرف المادي أو القانوني في أمواله مما يضيع على الدائن حقه ، ولذلك عمد المشرع _ سواء في القانون المدني أو في قانون المرافعات _ إلى إيجاد وسائل الهدف منها المحافظة على الضمان العام للدائنين . و من اهم هذه الوسائل _ في قانون المرافعات _ هو نظام الحجز التحفظي ، أي ضبط أموال المدين لمنعه من الإضرار بحق الدائن ، حتى يستطيع أن يستوفى حقه منها بأي طريق . وليس بالضرورة عن طريق بيعها جبراً .
ولذلك و استجابة لهذه الاعتبارات يعتبر الحجز التحفظي اجراء وقتياً يمثل صورة من صور الحماية الوقتية للحق . وهذا النوع من الحماية القضائية يواجه عائقاً متميزاً من عوائق النظام القانوني هو " الاستعجال " .
و يلاحظ أن الاستعجال الذي يبرر الالتجاء إلى القضاء المستعجل بالدعوى المستعجلة ، إذا المطلوب في الحالتين اتخاذ اجراء وقتي لا يمس أصل الحق ، لا يكسبه و لا يهدره .
و المشرع عند تصميمه لنظام الحجز التحفظي قد راعى هذه الاعتبارات حيث لم يشترط أن يكون بيد الدائن سند تنفيذي ، لأن الغرض ليس التنفيذ على أموال المدين ، وإنما الغرض هو مجرد ضبط المال خشية تهريبه من قبل المدين ، ولذلك أيضاً راعى المشرع عنصر المباغتة في توقيع الحجز التحفظي و أعفى الدائن من اتخاذ مقدمات التنفيذ التي الهدف منها التنبيه على المدين بضرورة الوفاء بالدين قبل البدء في إجراءات التنفيذ وذلك كله عكس الحجز التنفيذي الذي يستهدف أساساً استيفاء لحقه جبراً .
واعتقاد من المشرع بأن المنقول وحده هو الذي يمكن تهريبه دون العقار ، فقد قصر نظام الحجز التحفظي على المنقولات دون العقارات . وطبقاً للرأي الراجح هذا الاعتقاد خاطئ . فربما تهريب العقار أسهل و أسرع من تهريب المنقول في بعض الاحيان ذلك أن التهريب المقصود هنا ليس هو الاختفاء المادي للشيء بطبيعة الحال ، وإنما المقصود هو إخراج المال من ذمة المدين حتى إذا أتى الدائن ليستوفي حقه وحد المدين خرب الذمة . فإذا كان التهريب المنقول يقتضي التصرف القانوني فيه بعوض او بغير عوض ، أو التصرف المادي فيه بإهلاكه أو بإتلافه او بإخفائه ، فما أسهل على المدين من أن يهرع إلى أقرب مكتب للشهر العقاري و يسجل العقار باسم شخص آخر سواء كان التصرف حقيقياً أو صورياً . ولذلك نهيب بالمشرع أن يتدخل _ مثلما فعلت بعض التشريعات و منها التشريع اللبناني و الإيطالي _ ويبسط نظام الحجز التحفظي على العقارات كذلك . وخاصة انه قد يتعذر على الدائن أحياناً الحفاظ على ضمانة العام باستخدام وسائل القانون المدني بسبب عدم توافر شروطها .
ومن ناحية أخرى فإن الحجز التحفظي _ كما يبدو من اسمه _ إجراء تحفظي بحت يهدف إلى اخضاع المال لنظام الحجز من حيث المحافظة عليه عن طريق عدم نفاذ التصرفات التي يجريها المدين عليه و تقييد سلطته في الانتفاع به فضلاً عن الحماية الجنائية المرتبطة بفكرة الحراسة _ كما سوف يأتي البيان _ و هو يستنفذ وظيفته عند هذا الحد . فإذا استوفى الدائن حقه لم يعد للحجز محل . عكس الحجز التنفيذي الذي يرمي إلى أبعد من ذلك بأن يستوفي الدائن حقه من ثمن الأموال المحجوزة بعد بيعها . ولذلك قضت محكمة النقض بأنه :
( لما كان المقرر أن الغاية من توقيع الحجز التحفظي هو التنفيذ على الموال المحجوز عليها بغية اقتضاء الدين المطالب به . وإذا كانت محكمة الموضوع عند نظر الدعوى الموضوعية بالمطالبة بمبلغ الدين الذي توقع الحجز التحفظي من أجله قد تبين لها قيام المدين بسداد الدين بأكمله على دفعات بعضها سابق على تاريخ الحجز التحفظي و البعض الآخر لاحق عليه و خلصت إلى القضاء برفض دعوى المطالبة بالدين فإن لازم ذلك و أثره هو القضاء بإلغاء أمر الحجز التحفظي المتظلم منه ) . 

Post a Comment

Previous Post Next Post