فتح قنسرين ([1])  15هـ/636م:-
         وبعث أبو عبيدة بعد فتح حمص خالد بن الوليد إلى قنسرين فلما نزل بالحاضر , زحف إليهم الروم وثار أهل الحاضر وأمروا عليهم ميناس وهو رأس الروم وأعظمهم فيهم بعد هرقل فالتقوا بالحاضر فقتل ميناس ومن معه مقتلة لم يقتلوا مثلها فأما الروم فماتوا على دمه ([2])  . 
وسار خالد حتى نزل على قنسرين فتحصنوا منه ، فقالوا : لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم أو لأنزلكم ألينا فنظروا في أمرهم ورأوا ما لقي أهل حمص فصالحوا على صلح حمص فأبى خالد إلا على أخراب المدينة فأخبرها المدينة فأخربها فعند ذلك دخل هرقل القسطنطينية وسببه إن خالدا وعياضا أدربا إلى هرقل من الشام وأدرب عمرو بن مالك من الكوفة فخرج من ناحية قرقيسيا وأدرب عبد الله بن المعتم من ناحية الموصل ثم رجعوا فعندها دخل هرقل القسطنطينية وكانت هذه أول مدربة في الإسلام سنة خمس عشرة وقيل ستة عشرة ، فلما بلغ عمر(t) صنيع خالد قال أمر خالد بنفسه يرحم الله أبو بكر هو كان اعلم بالرجال مني! وقد كان عزله والمثنى بن حارثة وقال : إني لم اعزلهما عن ريبة ولكن الناس عظموهما فخشيت ان يوكلوا إليهم فأما المثنى فانه رجع عن رأيه فيه لما قام بعد أبي عبيد ورجع عن خالد بعد قنسرين وإما هرقل فأنه خرج من الرهاء وكان أول من انبح كلابهم ونفر دجاجها من المسلمين زياد بن حنظلة وكان من الصحابة وسار هرقل فنزل بشمشاط ، ثم أدرب منها نحو القسطنطينية فلما أراد المسير على مكان مرتفع ثم التفت إلى الشام فقال : السلام عليك يا سورية سلام لا اجتماع بعده ، ولا يعود إليك رومي أبدا الا خائفاً حتى يولد المولود المشئوم ويا ليته لا يولد ! فما أحلى فعله وأمر فتنته على الروم ثم سار فدخل القسطنطينية واخذ أهل الحصون التي بين إسكندرية وطرطوس معه لئلا يسير المسلمون في عمارة ما بين إنطاكية
 وبلاد الروم وشعث الحصون فكان المسلمون لا يجدون بها احد , وربما كمن عندها الروم فأصابوا غرة المتخلفين ، فاحتاط المسلمون لذلك ([3])  .
([1]) قال بطليموس مدينة قنسرين طولها تسع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة وعرضها خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة في الإقليم الرابع ارتفاعه ثمان وسبعون درجة واقفها إحدى وتسعون درجة وخمس عشرة دقيقة طالعها العذراء بيت حياتها الذراع تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان وقال صاحب الزيج طول قنسرين ثلاثون درجة وعرضها أربعة وثلاثون درجة وثلث وفي جبلها مشهد يقال انه قبر صالح النبي عليه السلام وفيه اثأر إقدام الناقة ينظر ، الحموي معجم البلدان  4/404 .
([2]) ابن العديم ، عمر بن احمد بن هبة الله بن ابي جرادة العقلي ، بغية الطلب في تاريخ حلب  (بيروت -لا . ت) 1/172.
([3]) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ  2/458-459.
أحدث أقدم