تعريف الفلسفة مشروط بتقدم الفكر العلمي في المرحلة التي وضع فيها
إذ أن نشأة الفلسفة ذاتها كانت مرتبطة بالعلوم
فهذا فيتاغوراس يرجع الكون الى عدد وما
اعتبار الفلسفة كبحث عن الحقيقة لذاتها إلا
محاكاة لاستدلالات الرياضيات المجردة و
المتعالية عن المنفعة المادية والتطبيق
المحسوس.
وهذا أفلاطون يكتب على باب أكاديميته
«لا يدخل علينا من لم يكن رياضيا أو مهندسا »
وهذا روني ديكارت René Descartes
1596-1650يقول «الفلسفة شجرة جذورها
الميتافيزيقيا وجذعها العلوم الطبيعية وأغصانها
المتفرعة عن هذا الجذع هي كل العلوم الأخرى…
وترجع الى ثلاثة رئيسية هي: الطب والميكانيكا
والأخلاق… وتفترض معرفة كاملة بسائر العلوم»
فعلاقة الفلسفة بالعلم إذن علاقة جدلية إذ ان تطور
أحدهما يؤدي بالضرورة الى تطور الآخر والعكس
بالعكس.
وفي هذا السياق يقول هيجل HEGEL
1770-1831 « إن الفلسفة تظهر في مساء
اليوم الذي تظهر في فجره العلوم»
ويقول انجلز(1820-1895) « إن الفلسفة
حية دائما في العلوم ولا يمكن أن تنفصل عنها»
ومن هذا نستنتج بأن بين العلم والفلسفة إفادة
واستفادة متبادلتين.
وإذا كان الفلاسفة قد اختلفوا في تعريفهم
للفلسفة فهم كذلك اختلفوا في طرق تفكيرهم
فيها وإنتاجهم لها وتعبيرهم عنها:
فمثلا سقراط Socrate (حوالي 469-399ق.م)
يتخذ من الحوار التوليدي أسلوبا في التفكير
في حين أن ارسطو يعتمد على العرض المنطقي
الصارم أما نتشيه Nietzsch1844-1900
فيلجأ الى اللغة الشاعرية والبلاغة والرمز في
الوقت الذي يرتكز فيه سبينوزا Spinosa
1632-1677 على الاستدلال شبه الرياضي…
إلخ.
ولكن إذا كانت تعاريف الفلاسفة للفلسفة متباينة
وكذلك هو شأن طرق تفكيرهم وعرضهم لفلسفاتهم
أفلا توجد بعض الضوابط والخصائص الثابتة في
كل فلسفة؟ أليس هناك قاسم مشترك بين جل هذه
الفلسفات حتى لا نقول كلها ؟
إرسال تعليق