التنوّع البيولوجي والمحافظة عليه 
تطوّر في السنوات الأخيرة مصطلح جديد وأوسع من سابقاته، يسمّى التنوّع البيولوجي. توجد لكلّ مخلوق حيّ صفات تميّزه ومصدرها من شحنته الجينية- الوراثية. جميع المخلوقات الحيّة التي تتبع لنفس النوع تكوّن تنوّعًا جينيًا- مجموعة من الصفات المختلفة الموجودة في الشحنة الوراثية الخاصّة بجميعها (على سبيل المثال، ألوان عينَي وحجم جسم جميع الفئران الشوكية الذهبية التي تعيش في منطقة العرابا).
يشمل التنوّع البيولوجي جميع أنواع التنوّعات التي عرضناها: تنوّع البيئات وتنوّع الأنواع والتنوّع الجيني.
للتنوّع البيولوجي أهمّية كبيرة في المحافظة على سلامة جميع البيئات الطبيعية على سطح الكرة الأرضية وعلى صحّتها. ويعتبر هامًّا للحياة السليمة للإنسان، لأنّ البيئة تزوّده بجميع الموارد الضرورية لعيشه: مساحات الأراضي لزراعة الغذاء، ماء للشرب وللريّ، وكذلك نباتات وحيوانات التي تعتبر مصدرًا غذائيًا ومصدرًا لموادّ كثيرة أخرى (الأدوية، الڤيتامينات). المسّ بالتنوّع البيولوجي يضرّ بالإنسان أيضًا. بل ويرى الكثيرون في وجود جميع الأنواع قيمة بحدّ ذاتها، لا يحقّ للإنسان المسّ بها.
الاعتراف بأهمّية المحافظة على التنوّع البيولوجي من أجل ضمان استمرار الحياة السليمة على سطح الكرة الأرضية، أدّى إلى صياغة اتّفاقيات دولية كثيرة. تهدف هذه الاتّفاقيات إلى خلق تعاون بين جميع الدول في العالم على أساس إدراكها بأنّ المحافظة على التنوّع البيولوجي هي مسألة تهمّ جميع بني البشر. جاءت هذه الاتّفاقيات أيضًا لخلق توازن بين احتياجات الإنسان وبين الحاجة للمحافظة على الموارد الطبيعية وعلى المخلوقات الحيّة، من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة.
وبالفعل تتّخذ الكثير من الدول خطوات مختلفة للمحافظة على التنوّع البيولوجي في مجالات حدودها:  
·       تنشئ هذه الدول محميات طبيعية في بيئات تتمتّع بمنظر طبيعي مميّز، أو في بيئات تعيش فيها نباتات وحيوانات خاصّة. في مجالات المحميات الطبيعية يُمنع أيّ مسّ بالمخلوقات الحيّة أو بالمنظر الطبيعي.
أُنشئت في البلاد حتّى اليوم أكثر من 200 محمية طبيعية في كلّ أنحاء البلاد.
·       تبني الدول ممرّات بيئية تتيح انتقال الحيوانات من منطقة إلى أخرى. أُنشئت مثل هذه الممرّات، على سبيل المثال، في رموت منشه، للربط بين المناطق التي يمرّ فيها شارع 6.
·       تعلن الدول عن أنواع مختارة بأنّها أنواع محمية يُمنع المسّ بها بأيّة طريقة كانت. نعرف في البلاد نباتات كثيرة يُمنع قطفها (مثلاً، نباتات السحلب وجميع سائر النباتات الأرضية)، وحيوانات يُمنع صيدها أو المسّ بها بأيّة طريقة كانت (مثلاً، جميع الزواحف).
·       تقوم الدول بجمع المادّة الوراثية- حدائق نباتية و"بنوك للحيوانات المنوية"، التي تُحفَظ فيها بذور النباتات؛ حدائق الحيوانات التي يحفظون فيها حيوانات مختلفة وحتّى أنّهم يطوّرون "نوى تكاثرية": يُكاثرون الحيوانات المهدّدة بالانقراض، لإطلاقها إلى الطبيعة.

Post a Comment

أحدث أقدم