الرواية المغربية بين التعريف والتمحيص
في البدء لابد من القول أن الرواية تحتل موقعا مهما ضمن منظومة الأجناس الأدبية، والتي حمل روادها مشعل المغايرة والتجديد.فالرواية جنس في صيرورة تسير في طليعة التطور الأدبي كله في الأزمنة الحديثة .
هذا في مستوى الإبداع أما في مستوى النقد فلا نعتقد كذلك أن جنسا من الأجناس السردية،قد حظي بما حظيت به الرواية من عناية واهتمام،وهو أمر لا يختص به الغرب دون الشرق بل هو في كليهما على حد سواء.بيد أن للرواية العربية خصوصية تتمثل في كونها:"جنسا مستحدثا في الأدب العربي."عليه أن يختزل تاريخ الرواية الأوروبية الطويل، وأن يواكب في الوقت ذاته كل حركات التجديد التي مرت بها الرواية في أوربا.ولذلك سيبدو تاريخ الرواية العربية أشبه بسلسلة من الإنقطاعات والتجاوزات شأن كل انجازات الحداثة.
وقد أكد أحمد المديني من خلال حوار أجراه الصحفي الأديب لحسن العبسي لفائدة الملحق الثقافي لجريدة "الإتحاد ":
" إن الرواية عمل شاق وطويل، ولك أن تصرف فيه من الجهد والنفس والتخيل والبناء والإدراك الفكري والحسي الشيء الطويل.وهو ماحاولت أن أفعله في ما تيسر لي منها إلى الآن.وقد بث أعي جيدا بأننا في أدبنا العربي نحتاج إلى دعم صرح هذا الجنس الأدبي أكتر من جهد إقامته.وإعادة تقويمه بنصوص قادرة على الامتداد في الزمن لتجاوز العرضي، ورصد أعمق ما في حياة الإنسان والمجتمع وفق صيغ فنية تملك من الفخامة والإقناع ما يليق."
واللافت للنظر أن الرواية لا ترتاح إلى مضجع فتجدها تتقلب ذات اليمين وذات اليسار.وهذا يشي أنها تحرص على التقلب بين مختلف تيارات الإبداع حتى تحافظ على حضورها في حظيرة الأدب .وهذا مادفع الروائي العربي على حد سواء أن يسير على أرض متحركة محاولا اللحاق بركب الرواية الغربية،التي ما فتئت تجدد أشكالها وتنصرف عن سننها رغبة في التحديث وسعيا إلى تطوير آليات الخطاب وخلق إمكانات جديدة للكتابة.
وهذا ما تمثله الرواية المغربية أيضا وحرصت للوصول إليه من خلال خلق مناخ روائي جديد،يروم التغيير في مستوى طرائق اشتغال الرواية شكلا ومضمونا،كما أن الظروف التي تعتري طريق المبدع جعلته يقف وقفة متأنية بغية النظر في طرائق اشتغال الرواية ومستوايات الكتابة الفنية والإبداعية للرواية.وهذا ما يؤكده مبارك ربيع في كتاب حداثة الرواية :"إن واقعنا اليومي حاليا يمثل أزمة حادة ليس فيها أي اصطناع وعلى جميع المستويات،وهذا ما يبرر مواقفنا في التساؤل والنقاش والانتقاد وإعادة النظر والتقييم إزاء كل ما يعرض لنا ما فينا وما حولنا."
إرسال تعليق