حق المرأة في إجازة الولادة
إذا كانت التشريعات متفقة على تمتيع العاملة الحامل بإجازة الوضع أو إجازة الأمومة فإنها تختلف في الأسلوب الذي تنهجه لمنح و احتساب فترة هذه الإجازة 32.
فبعض التشريعات تحدد للعاملة مدة معينة بكيفية إجمالية دون أن تفرق بين الفترة التي تسبق الوضع و الفترة التي تليه، و بعض التشريعات الأخرى تعمد إلى تحديد مدة إجازة الأمومة، إلا أنها تميز بين المدة التي تسبق الوضع و بين مدة الإجازة البعدية التي تليه 33، بحيث تجعل فترة الإجازة التي تسبق الوضع اختيارية للأجيرة الحامل، و ليس للمشغل أن يرفض إعطائها إياها إذا طلبتها، كما أنه ليس أن يجبرها عليها إذا لم تطلبها مفضلة المضي في العمل إلى حين الوضع، أما الفترة التي تلي الوضع فهي تعتبر في نظر المشرع أدنى مدة معقولة للراحة من الوضع و رعاية المولود في مستهل حياته.
و بخصوص المشرع المغربي فإنه سلك مسلك التشريعات التي تميز في إجازة الولادة بين الفترة التي تسبق الوضع و تكون اختيارية بالنسبة للأجيرة الحامل و تلك التي تليه و تكون إلزامية 34، و يمنع فيها على المشغل تشغيلها، بحيث أن المشغل المخالف لهذا الحكم، يعاقب بغرامة من 10000 إلى 20000 درهم حسب مقتضيات المادة 165 من مدونة الشغل.
32/ عبد اللطيف خالفي مرجع سابق ص 557
33/ أحمد اذ الفقيه مرجع سابق ص 166
34/عبد اللطيف الخالفي مرجع سابق 557
و هكذا فقد حددت مدونة الشغل إجازة الوضع في 14 أسبوعا، ما لم تكن هناك مقتضيات
أفيد في عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي (المادة 152) 35، و إذا تسبب الحمل او الوضع في مرض و تعذر بذلك على الأجيرة إستئناف العمل فإنه يتم تمديد إجازة الأمومة لمدة استمرار حالتها المرضية شريطة أن لا تتعدى 8 أسابيع قبل تاريخ توقع الوضع و 14 أسبوعا بعد تاريخ الوضع (المادة 154) 36، و هكذا الحكم ينسحب على جميع الأجيرات، و بغض النظر عن القطاعات التي يشتغلن فيها.
و طبقا لمقتضيات المادة 156 من مدونة الشغل، يمكن للأم الأجيرة باتفاق مع المشغل الإستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة لتربية مولودها دون أن ينتج عن ذلك فقدانها لعملها.
إن المقتضيات السابق ذكرها شرعت من أجل توفير حماية تشريعية أكثر للأجيرات الحوامل ضد إجراءات الفصل التي قد يتخذها ضدهم المشغلون بسبب تغيبهم نتيجة الحمل و الوضع 37، مقارنة مع ما كان عليه الأمر وفقا لظهير 1947.
و تجدر الإشارة إلى أن العديد من التشريعات المقارنة سارت نفس المنحى الذي سار عليه المشرع المغربي، مع بعض الإختلافات، فنجد مثلا أن المشرع المصري من خلال قانون العمل الجديد رقم 12 لسنة
2003، قد حدد مدة إجازة الوضع في تسعين يوما، بعدما كانت خمسين فقط في القانون القديم 38، ثم القانون اليمني فقد ضمن للأم العاملة إجازة وضع مدتها 60 يوم بأجر كامل، ويمكنها أن تستفيد من 20 يوما إضافية في حالة الولادة المعسرة أو ولادة التوأمين ...39
35/ تنص المادة 152 : على تمتع الأجيرة التي تبث حملها بشهادة طبية بإجازة ولادة مدتها أربعة عشر أسبوعا،ما لم تكن هناك مقتضيات في عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي
36/ المادة 154:حق المرأة الأجيرة أن توقف سريان عقد الشغل فترة تبتدئ قبل توقع الوضع بسبعة أسابيع اذا ثبت بشهادة طبية نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس ،تجعل من الضروري إطالة فترة توقف العقد:زيدت فترة إجازة الولادة مدة استمرار تلك الحالة المرضية على ألا تتعدى فترة التوقيف 18 أسابيع قبل تاريخ توقع الوضع و14 أسبوعا بعد تاريخ الوضع
37/ مراد القادري :الحماية التشريعية للمرأة والطفل في مدونة الشغل الجديدة الملف / عدد 6 ماي 2009 ص 223
و على هامش ما سبق ذكره يحق لنا التساؤل حول قابلية تطبيق الأحكام المتعلقة بإجازة الوضع على الإجهاض من جهة، و على الحمل الكبيعي من جهة أخرى؟
إن ما يبرز طرح هذا التساؤل هو أوجه التشابه الموجود بين وضعية المرأة خلال فترة الأمومة، و بين حالات موضوع التساؤل، علما بأن المشرع المغربي، لم يتطرق سوى إلى الحالات العادية المتعلقة بالأمومة على اعتبار أن فلسفة القانون الإجتماعي، تمتد لتشمل مثل هذه الحالات المذكورة إضافة إلى أن هدف المشرع من وراء إقرار القواعد الحمائية فيه، هو الحفاظ على صحة الأم أولا ثم الطفل ثانيا، و عليه مادام المشرع لم يشترط على المرأة الحامل أن يكون حملها شرعيا كي تستفيد من إجازة الأمومة فإنه ليس من المنطق أن تحرم المرأة من هذه الإجازة لكون حملها غير شرعي.
أما بالنسبة للإجهاض فقد حصرت بعض التشريعات على حق الإستفادة من إجازة الأمومة بالنسبة للمعنية بالأمر في حالة الإجهاض العلاجي، و بالنظر إلى كون المرأة في هذه الحالة تصبح عاجزة عن أداء العمل الملزمة بأدائه بحكم المرض، و هذا ما جعل بعض الفقه يطالب بتمديد قواعد حماية الأمومة لتشمل الإجهاض أيضا40.
Post a Comment