مكانة الشاعر في المجتمع الجاهلي
        وفي مجتمع بسيط ، في ذلك الزمن البعيد ، لم يكن هناك من أجهزة للدعاية، والإعلام ، تسمع ، أو تقرأ ، فأي وسيلة أبعد تأثيرا ، وأسهل ذيوعا بين الناس ، وأسرع انتشارا عبر الصحراء  الشاسعة ، ودورانا بين العامة والخاصة ، من شعر منغم سهل الحفظ والرواية .
        وفي ضوء هذا الفهم لأهمية الشعر ،اكتسب الشاعر في القبيلة مكانة أعلى وأهم من أي قائد ، أو زعيم . لقد كان الشاعر هو القائد المعنوي ( )  ، أو موجه الوجداني القبلي ، وهو وضع قضت به ظروف الحياة في ذلك العهد ، ودفعت إليه  حاجة القبيلة إلى قيادة وجدانية ، تبث في أبنائها روح المودة ، والنجدة ، وإباء الضيم ، وتغني لهم أناشيد في صراعهم من أجل الوجود والبقاء .
استجاب الشاعر الجاهلي لتحديات الظرف البيئي القاسي ،ونهض بمهمات كثيرة ، فكان محور الانتماء القبلي ، ومحور الانتماء القومي ، ومحور القيم الأخلاقية والعلاقات الإنسانية .
1- محور الانتماء القبلي :
        لا تنقل لنا الأخبار أن نبوغ شاعر إسلامي ،أو عباسي ، أو أندلسي ، كان يثير صدى جماعيا ، كالذي كان يثيره نبوغ شاعر جاهلي . ونحن إذ نقف بازاء نص ابن رشيق الذي يقول فيه ( ) : " كانت القبائل من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها ، وصنعت الأطعمة ، واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر ، كما يصنعون في الأعراس . ويتباشر الرجال ، والولدان ، لأنه حماية لأعراضهم ، وذبّ عن أحسابهم ، وتخليد لمآثرهم ، وإشادة بذكرهم … وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد ، أو شاعر ينبغ فيهم ، أو فرس تنتج " .
        وإذا ما دققنا في طبيعة بواعث التهنئة الثلاثة المذكورة فيه ، أدركنا حقيقة خفية ، وهي أنها جميعا تشترك في قدرتها على منح القبيلة عنصر القوة والمنعة ، فالغلام فارس المستقبل ، والفرس أداة النصر ، والشاعر لسان القبيلة المنافح عنها ، والسيف المسلط على أعدائها ، وهو صوتها الأبعد تأثيرا في حالتي السلم والحرب.  " ولم تكن منزلة الشاعر في قبيلته تقل عن منزلة الفارس فيها ، فقد كان كلاهما ضروريا لها ، فكلاهما جندي عامل في جيشها ، يشارك في الهجوم والدفاع … ومن هنا كان من أرفع ألقاب التمجيد ، وأسمى أوسمة الشرف التي يضفيها المجتمع الجاهلي على أحد أفراده أن ينعته بأنه شاعر فارس ( ) " .
        وليس من المجدي هنا إعادة القول في حقائق تاريخية معروفة ،فكتب التاريخ ، وتأريخ الأدب ، تكاد تجمع على تقرير حقيقة قيام الوحدات الاجتماعية في الحياة البدوية على أساس من رابطة الدم التي تبلرت في صيغة النظام القبلي الصارم الذي تلغى فيه شخصية الفرد ،فلا تتجسد فيه " الأنا " إلا من خلال النحن " ولا يكون لجهد الشاعر في إطاره إلا أن ينصب في مجرى الحدث القبلي ، وينغمر فيه انغمارا ، لا يتمخض إلا عن منطق سجله دريد بن الصمة ، بقوله ( ) :
        وما دام الأمر قائما على هذا النمط من الذوبان في القبيلة ، فحسبنا أن ندرك أن فعالية الشعر ظلت تصب في هذا الاتجاه القبلي بتلقائية مدهشة ، كان باعثها الأساسي هو القيم التربوية التي تلقاها الشعراء قانون حياة ، قبل أن يصبحوا شعراء ، فلما مارسوا الشعر لم يجدوا مسوغا للانفلات من قيدها الذي غدا بفعل طول الألفة سر وجودهم الإنساني .
        ويطول أمر استقصاء مئات النماذج الشعرية التي انبثقت في الاتجاه القبلي، ذلك أن طبيعة الحياة القبلية الصحراوية ظلت تستدعي فعل الكلمة في مواقف لا حصر لها ، يتمثل بعضها في سفارات الشعراء عن قبائلهم إلى بلاطات الملوك ، كما فعل المتلمس وطرفة في سفارتيهما عن قبيلتيهما إلى بلاط المناذرة ، وكما فعل علقمة التميمي في سفارته عن تميم إلى الغساسنة .
        وإذا كانت بعض الدراسات الأدبية قد اشارت إلى سفارات الشعراء بين الملوك ورؤساء القبائل تمثيلا لمصالح قبائلهم ،ودفاعا عنها ( )، فإن في النصوص الشعرية المبثوثة في دواوين الشعراء ، وكتب الاختيارات ما يصور هذا الجانب ، بخلاف ما ذهب إليه شوقي ضيف حين صور ظاهرة قدوم الشعراء على الملوك وسيلة للتكسب ( ) ، وهو تصوير لا يمت إلى الحقيقة بصلة ، لأن جل الشعراء جعلوا من مديحهم للملوك مدخلا للحديث عن قبائلهم وطلباتها ورأيها في بعض الأمور العامة أو الخاصة ( ) . هذا إلى جانب ما يرصده في بعض القصائد من طروحات سياسية واضحة تعبر تعبيرا واضح المعالم والدلالات عن نشاط الشعراء السياسي . وتمثل قصائد النابغة الذبياني في بلاطي المناذره والغساسنة دليلا واضحا على ذلك ( ).
        لقد عكس هذا الجانب من شعر الانتماء القبلي طموح الشاعر السياسي المتمثل في تجنيب قبيلته آثار سياسة الاحتواء التي مارسها ملوك الغساسنة وملوك المناذرة ، بدفع من الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية ، كما يبدو الأمر جليا في شعر النابغة ، فقد عمد هذا الشاعر إلى منع قبيلته من الانحياز لإحدى الدولتين ، لأنه كان يدرك ما سيجره هذا الانحياز من ويلات عليها ، فنراه ينهى قومه عن التعرض بملك الغساسنة لأنه كان يعي ما سيؤول إليه مصير، القوم إذا ما أقدموا على أمر كهذا ، فيقول ( ) :
لقد نهيت بني ذبيان عـن أقر         وعن تربعهم في كل أصفار
وقلت يا قوم إن الليث منقبض        على براثنه لوثبة  الضاري

        والنابغة في موقفه هذا لا يعكس خوفه الشخصي على نفسه ، أو على قبيلته، بقدر يعكس حكمته السياسية الرامية إلى تجنيب قومه احتمالات الأذى من الصدام مع الغساسنة ، ولا أدل على ذلك من قصيدة أخرى يحذر فيها الملك الغساني ، ويذكره بشجاعة قومه ، بعد أن وجد هذا الملك مصرّا علىغزوهم ، فيقول( ) :

لقد قلت للنعمان يوم لقيته    تجنب بني حن فإن لقاءهم    عظام اللها أولاد عذرة إنهم     هم منعوا وادي القرى من عدوهم           .            يريد بني حن ببرقة صادر   كريه وإن لم تلق إلا بصابر  لهاميم يستلونها بالحراجر     بجمع مبير للعدو المكابر     .
دعوات السّلام :
        لقد مثلت دعوات السلام محورا مهما من محاور تعبير الشعراء عن انتمائهم القبلي ، فجاء شعرهم صوتا صادقا يدعو للحفاظ على أواصر العلاقة الإيجابية بين القبائل ، ويحدّ من آثار الغزو المتبادل ، والتناقضات الثانوية بين هذه القبائل والعلاقات القائمة بينها ( ) . ومن هؤلاء الشعراء القتال الكلابي ( ) ، وأبو قيس بن الأسلت ( ) ، والفند الزماني ( ) ، وعمرو بن الأهتم ( ) ، والحصين بن الحمام المرّي ( ) والنابغة الذبياني ( ) ، وزهير بن أبي سلمى الذي جعل شعره وقفا على هذه الدعوات النبيلة . ولعل الأبيات الآتية من معلقة زهير التي جعلها وثيقة تؤرخ الصلح بين عبس وذبيان ، وأثر هرم بن سنان ، والحارث بن عوف في إقرار هذا الصلح ، تعكس هذه الحقيقة ، وتؤكدها ، إذ يقول ( ) : 

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم    متى تبعثوها تبعثوها ذميمة      فتعرككم عرك الرحا بثقالها      .           وما هو عنها بالحديث المرجم     وتضر إذا ضريتموها فتضرم    وتلقح كشافا ثم تنتج فتتئم        .
وانظر إلى حال بكر وتغلب بعد أن انتهيا إلى الصلح ،فقد ساد بينهما الحب والصفاء حتى تغنى بذلك الشعراء ، ومما قاله أمية بن أبي الصلت ( )
ألا قل للقبائل إن بكـــراً              وتغلب بعد حربهم  سنينا
أطاعوا الله في صلة وعطف         وأضحوا إخوة متجاورينا

2- محور الانتماء القومي :
        يبدو أن الفرد الجاهلي ما كان يعرف ضمن حدود حياته اليومية المعتادة انتماء قوميا أوسع من انتمائه إلى قبيلته ، فإن دعا الظرف امتدت نظرته إلى القبائل والأرهاط التي تشترك مع قبيلته في الانتماء الأبعد ،أو تشاركها في حلف أو جوار، أما الشعور بالانتماء القومي العربي فلم يكن هجسا واضحا عند الجاهليين ، مثلما هو واضح في أيامنا ، لعلتين :
أولاهما : طغيان الحدث القبلي اليومي ، واستنفاده الجهد الفردي والجماعي .
ثانيهما : ندرة التحديات الخارجية التي تقتضي الموقف القومي الموحد ، فقد كانت الامبراطوريات الثلاث المجاورة حريصة على ألا تجاهر العرب كلهم بالعداء ، وإنما كانت تختار موقع ضربتها من القبائل بعد ضمان سكوت القبائل الأخرى ، إن لم تعمد إلى ضمان موالاتها في بعض الأحيان .
        على أن بعض التحديات ذات الطابع الشمولي اقتضت مواقف موحدة ، وجد أبناء الأمة فيها طريقهم إلى الوقوف على أرض قومية ،تتجاوز التزامهم القبلي الضيق ، ووجد الشعراء فيها منفذهم إلى استلهام صيغة جديدة من الجهد الجماعي المتجاوز لهموم الالتزام القبلي الطاحن ،الذي ظل يفصل بينهم وبين ارتيادها بشكل صريح .
        ومن هنا يكون لنا أن نتأمل بواعث هذا الزهو الغامر ، الذي يتدفق في القصائد التي انبثقت في أيام المواجهة القومية على مشارف الأرض العربية ، فحيث تواجه نزار تسلط الأحباش على جنوب الجزيرة تبذل جملة محاولات لعل أكثرها خلودا ما قام به الثائر العربي ، سيف بن ذي يزن ( ) ، وكان قد ضاق بالاحتلال الحبشي فثار بقومه في وجه الغاصب الأجنبي ، وفيه قال أمية بن ابي الصلت ( ) :
        أما الحدث الخالد فقد تمثل في يوم خزاز فقد كانت هذه الموقعة تمثل أقدم امتناع للعرب على الملوك الظالمين ، ورفضهم له ، وتمثل أيضا أضخم تجمع بشري في الجزيرة ضد العدوان ، فقد اجتمعت في هذا اليوم تغلب وبكر لمواجهة الأحباش على الرغم مما كان بينهما من تناحر ، حيث تواعدوا عند جبل خزاز ، وجعلوا إشعال النار على قممه علامة بينهم ، فلما توحدت الكلمة والسيف ، تحقق النصر ، وكان للشاعر عمرو بن كلثوم أن يسجل أقدم صيغة قومية في الشعر الجاهلي ضمن قوله ( ) :

ونحن غداة أوقد في خزاز   فكنا الأيمنين إذا التقينا        فصالوا صولة فيمن يليهم     فآبوا بالنهاب وبالسبابا        .               رفدنا فوق رفد الرافدينا       وكان الأيسرين بنو أبينا      وصلنا صولة فيمن يلينا      وأبنا بالمولك مصفدينا        .
        وقال السفاح التغلبي يفتخر بهذا النصر ، وباجتماع العرب تحت قيادة موحدة ( ):      
وليلة بتّ أوقد في خزازى     ضللن من السّهاد وقلن لولا   فغرن مع الصباح على جذام  .            هديت كتائبا متحيرات         سهاد القوم أحسب هاديات    ولخم بالسيوف مشهرات      .
        وزها بهذا النصر عمرو بن زيد ، وقال ( ) :

كانت لنا بخزازى وقعة عجب  ملنا على وائل في وسط بلدتها  قد فوضوه وساروا تحت رايته  .              لما التقينا وحادي الموت يحديها  وذو الفخار كليْب العز يحميها    سارت إليه معد من أقاصيها      .
        على أن الجدير بالملاحظه هنا أن اللقاء القومي ظل محدودا باطار وشيجة الدم ، التي استطاعت أن تتجاوز حدود الالتزام القبلي العنيف ، ولكنها لم تتسع ، لتشمل الانتماء القومي بمعناه الشامل .
ويقع يوم ذي قار في اطار المنظور الذي يقع فيه يوم خزاز ، فقد اجتمعت قبائل بكر كلها على نصرة بني شيبان ، الذين واجهوا الفرس دفاعا عن كرامتهم ، وامتناعا بوديعة الملك العربي ، النعمان بن المنذر ، بيد أننا قد نلمح في هذه المعركة طابعا قوميا أكثر شمولا ، ضمن هذا الذي سجله ابن عبد ربه من أخبار يوم ذي قار ، حين أشار إلى  أن مئتي أسير من تميم ، كانوا في بني شيبان ، فلما التقت قبائل بكر على مواجهة الفرس ، قال الأسرى التميميون لآسريهم الشيبانيين : أطلقونا نقاتل معكم ، فإنا نذبّ عن دمنا . فقالوا لهم : فإنا نخاف ألا تناصحونا . فقالوا : دعونا نعلم حتى تعرفوا مكاننا وغناءنا ( ) .
        ولعل هذا الموقف دون سواه هو الذي وضعه الأعشى نصب عينيه ، حين رسم أبعاد طموحه القومي الأوسع . فقال يصف هذه الانتفاضة القومية الكبيرة ( )

وجند كسرى غداة الحنو صبحهم جحاجح وبنو ملك غطارفة       إذا أمالوا إلى النشاب أيديهم       وخيل بكر فما تنفك تطحنهم      لو أن كل معد كان شاركنا       .               منا كتائب تزجي الموت فانصرفوا  من الأعاجم في آذانها النطف       ملنا ببيض فظل الهام يختطف       حتى تولوا وكاد اليوم ينتصف       في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف   .
وعلى الرغم من هذا الزهو الذي بعثه انتصار ذي قار في قصائد شعراء بكر ، وقصائد الأعشى بوجه خاص ، فإنها لم تخل من مرارة الاحساس بالخيانة ، التي تجسدت في انسلاخ نفر ممن تربطهم بهم أواصر الدم ، وانحيازهم إلى صفوف الأعداء ، ولم تخل في الوقت نفسه من عمق الاحساس بصلابة أرض الانتماء ، التي ظلت توفر الشعور بالاقتدار والكرامة . وذلك هو منطلق الأعشى  في أبياته التي خاطب بها صنيعة كسرى ،قيس بن مسعود الشيباني ( ):

أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد  أطورين في عام غزاة ورحلة      كأنك لم تشهد قرابين جمة          تركتهم صرعى لدى كل منهل       .               وأنت امرؤ ترجو شبابك وائل  آلا ليت قيسا غرقته القوابل    تعيت ضباع فيهم وعواسل      وأقبلت تبغي الصلح أمك هابل .
ولا ينفرد الأعشى بالاحساس بهذه المرارة ، فثمة شاعر كان بعيدا عن ميدان المعركة بعيدا عن الانتماء إلى بكر ، دفعه إحساسه القومي الغامر إلى أن يقف موقفا مماثلا قبل معركة ذي قار ، وهو زهير بن أبي سلمى المزني ، الذي نما إليه أن كسرى يطلب الملك العربي ،ا لنعمان بن المنذر ، وأن قبائل عربية قوية تخلت عن إجارته إلا حيا من بني عبس عرضوا عليه أن يجيروه ، فأدرك أن لا طاقة لهم بكسرى ، وأثنى عليهم وصرفهم . فما كان من الشاعر إلا أن أودع أبياتا له تفاصيل الحدث مشوبة بهذه المرارة التي تكشف عن إحساس قومي ، غير محكوم بآصرة الدم ، فقال ( ) :

فلم أر مسلوباً له مثل قرضه  فأين الذين كان يعطي جياده     وأين الذين كان يعطيهم القرى  رأيتهم لم يشركوا بنفوسهم     سوى أن حيا من رواحه أقبلوا  يسيرون حتى حبسوا عند بابه   فقال لهم خيرا وأثنى عليهم      وأجمع أمرا كان ما بعده له      .           أقل صديقا معطيا أو مواسيا   بأرسانهن والحسان الحواليا   بغلاتهن والمئين الغواليا      منيته لما رأوا أنها هيا        وكانوا قديما يتقون المخازيا    ثقال الروايا والهجان المثاليا   وودعهم وداع أن لا تلاقيا    وكان إذا ما اخلولج الأمر ماضيا  . 

من هذا كله نستطيع أن نقول : إن الهاجس القومي ظل طموحا لا يتيح ظرف الالتزام القبلي العنيف فرصة التعبير عنه ، إلا في بعض المواقف التي تواجه الأمة فيها تحديا أجنبيا بشيء من الشمول .
        وقد ظل الشعر العربي يحمل لواء المقاومة والمجابهة وبقيت أعمال الشعراء وقصائدهم وممارساتهم صورة من صور الرفض ، وصوتا من أصوات التجمع والتوحيد لتحويل الطاقات المتناثرة قوة واحدة ، لدفعها في اتجاه الاحساس القومي الذي حملته تلك الأصوات ، وقد هيأ ذلك تهيئة كاملة للدعوة الإسلامية التي حملت لواءها قوافل القادة المؤمنين ، فانطلقت في رحاب الأرض تصنع القدر الجديد لهذه الأمة العظيمة .

3- محور القيم الأخلاقية :
        لم تخضع الحياة العربية قبل الإسلام لقانون مدون ، ولا لسلطة مركزية تمتلك قدرة تقرير نمط العلاقات الانسانية ، أو إقامة حدود العقاب والثواب . وهكذا كان مجرى الحياة اليومية حريا بأن يتحول فوضى ، لا نهاية لها ، لولا قيم العرف الأخلاقي التي التزم بها المجتمع العربي التزاما ، لا نكاد نعرف له وازعا إلا هذه الصيغ التربوية التي توارثتها الأمة ، حتى غدت مفرداتها جزءا من التكوين النفسي لأبنائها الذين وضعوها موضع التطبيق اليومي ( ) ، وجعلوا الالتزام بها سبيلا وحيدا إلى الكرامة الاجتماعية المتمثلة في حسن الثناء ، وعدّوا التخلي عنها جريمة أخلاقية ( ) ، تؤدي إلى السقوط الأبدي .
        أما نظر الشاعر الجاهلي في العلاقات الاجتماعية فإنه يبقى منبثقا من المنطلقات التربوية ، التي كانت تمثل قيم العرف الأخلاقي الموروث ، فقد " كان كبار الشعراء الجاهليين بتجوالهم في أرجاء الجزيرة العربية يسهمون في تأصيل كثير من القيم الأخلاقية والاجتماعية اللازمة لنشأة أي شعب متماسك متحضر ( ) ".
        وتتجلى هذه القيم الاجتماعية والأخلاقية التي كان للشعراء دور كبير في تحديدها فيما نصادفه من قراءة الشعر الجاهلي من قيم وصور للفروسية ، والبطولة، تكاد تكون ثابتة لدى جميع الشعراء ، وإنما تختلف مهاراتهم الشخصية في التصوير الفني لهذه القيم الأخلاقية والاجتماعية .

منزلة الشعر و الشعراء عند العرب
أهمية الشعر في العصر الجاهلي
مكانة الشعر عند العرب في العصر الجاهلي -
مكانة الشعر عن عند العرب, جاهلية واسلام,
عمليات بحث متعلقة بـ مكانة الشاعر في المجتمع الجاهلي
اهمية الشعر في العصر الجاهلي
مكانة الشعر عند العرب
أهمية الشعر عند العرب
اهمية الشعراء في المجتمع
بيت شعر عن اهمية الشعر
الشعر في العصر الجاهلي
خصائص الشعر في العصر الجاهلي
اهم الشعراء في العصر الجاهلي

Previous Post Next Post