اعتبر قصة اصحاب الجنة
كان شيخ كانت له جنة و كان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه، فلما قبض الشيخ وورثه بنوه وكان له خمسة من البنين فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملته من قبل ذلك، فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر  فاشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم، فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا، و قال بعضهم لبعض ان أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله و خرف فهلموا نتعاهد و نتعاقد فيما بيننا ان لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئا حتى نستغني وتكثر اموالنا، ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة، فرضي بذلك منهم أربعة وسخط الخامس وهو الذي قال تعالى : قال أوسطهم ألم أقللكم لولا تسبحون، فقال لهم أوسطهم : اتقوا الله و كونوا على منهاج أبيكم تسلموا و تغنموا، فبطشوا به فضربوه ضربا مبرحا، فلما أيقن الأخ انهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لامرهم غير طائع، فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله ان يصرموه إذا أصبحوا و لم يقولوا ان شاء الله، فابتلاهم الله بذلك الذنب و حال بينهم و بين ذلك الرزق الذي كانوا اشرفوا عليه .
تسلسل القصة من الايات القرائية
إذا اقسموا ليصرمنهما مصبحين : اول نقطة في قصة أصحاب الجنة انهم أقسموا ليصرمونها مصبحين ولا يستثنون، اجتمعوا وتشاوروا وتحاوروا ثم قرروا واقسموا ليصرمنها مصبحين .
ولا يستثنون : قيل ولا يستثنون نصيب الفقراء وقيل ولا يستثنون حتى كلمة ان شاء الله فلم يقولوها .
فطاف عليها طائف من ربك : الطائف قيل ضريب وقيل صقيع موجة صقيع في دقائق وقيل نار احرقت الجنة لان النية السيئة بينها وبين السلوك علاقه فلما بيت اصحاب الجنة النية السيئة عاقبهم الله فنيتهم بعدم إطعام المسكين أتلف محصولهم كله، فالطائف موجود في كل عصر فطائف التجار قد يسلط الله عليهم حرائق، واما طائف المزارعين فهناك فيضانات ورياح تقتلع الزروع والاشجار وهناك افات كالذباب والعناكب والحشرات والضريب أو موجه صقيع .
فأصبحت كالصريم : يقول ابن عباس أي صارت محترقه مثل الليل بينما الثمرة كبيرة تصغر وتنكمش ويتلف داخلها وتذبل اوراقها وتسود كانها محترقه [3].
فتنادوا مصبحين إلى أن قال فانطلقوا وهم يتخافتون : أي يتسارون بالحديث الا يدخلنها اليوم عليكم مسكين، العقوبة حصلت لهم بالليل بعدما بيتوا النية السيئة ثم بين الله لنا هنا كيف خرجوا من بيوتهم وهم مصرين على منع الفقراء وكيف كانوا يتناجون ويتسارون بالحديث حتى لا يشعر بهم الفقراء .
وغدوا على حرد : أي غدوا على منع للفقراء قادرين .
فلما راوها قالوا انا لضالون : أي تائهون .
كذلك العذاب : هذه الكلمة كذلك العذاب يدور محور القصة عليها، لما كانت الخسارة كبيرة كانت سببا في عودتهم إلى الله وكانت سببا في توبتهم وندمهم ومحاسبتهم لانفسهم وفي اقبالهم وندمهم [4].


Previous Post Next Post