لابد من الإسلام !


لقد جربت البشرية فى كل الانظمى المتاحة التي يمكن أن يخطر فى بال الإنسان.. الفردية والجماعية .. الرأسمالية والشيوعية .. الملكية واللاملكية 00

وجربت المتاع الحسى المنطلق بلا غاية .. فى المأكل والمشرب والمسكن والملبس .. والجنس0

وجربت الإيمان بكل ((إله)) من صنع الإنسان .. والإنسان المتأله .. والإلحاد بكل إله00

ثم 00 ؟

ثم ازدادت مع كل تجربة حيرتها وشقاؤها واضطرابها وخلخلة روابطها .. حتى جنت أو كادت تجن !

ومن ثم 00 فلم يعد هناك مجال للاختيار !

إما الله .. وإما الانهيار !

* * *

        ولسنا نتنبأ بما يحدث غداً للبشرية 00

        ((قل : لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله ))([1])0

        ((وما تدرى نفس ماذا تكسب غداً ))([2])0

        ولكننا فقط نستقرئ سنة الله : ((سنة الله فى الدين خلوا من قبل، ولن تجد لسنة الله تبديلاً))([3])0

وسنة الله توحى – بعد هذه التجارب المريرة التى مرت بها البشرية فى الجاهلية الحديثة – بأنه إما الهدى وإما الدمار 00

إن الجاهليات تظل تعيش، بمقدار ما فيها من خير متناثر، حتى يغلب ما فيها من شر طاغ، فيختنق الخير ولا يكاد يستطيع أن يتنفس 00

وحين تصل الأمور إلى هذا الحد من السوء، تتدخل إرادة الله، فتحدث التغيير. ولكنها تحدثه من خلال سعى البشر وحركتهم :

((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))([4])0

تتدخل تدخلا حاسماً فتخسف الأرض بالطغيان كله 00

أو .. تهتدى الناس إلى الله .. فيدخل الناس – أفواجاً – فى دين الله 0

ونحن على أبواب تدخل سافر من تدخلات الإرادة الإلهية الحاسمة .. لأن الطاغوت الحاكم فى الأرض وصل إلى حد حاسم. وانقلب الخير حسيرا لا يملك أمراً فى ظل الطاغوت0

والناس يختارون لأنفسهم 00

إما التدمير الشامل إن ظلوا فيما هم فيه من الشرود عن المنهج الحق 0

وإما الهدى إلى دين الله 00 والثبات والطمأنينة والاستقرار 0

ونحن أحسن ظنا بالبشرية، وبقدر الله، من أن نظن أن الله – سبحانه – قد كتب على البشرية الدمار !

وإذن فلابد من الإسلام0

((إن الدين عند الله الإسلام))([5])0

* * *

        لا مخلص للناس من جاهليتهم وضلالهم، وشقائهم وحيرتهم، وقلقهم واضطرابهم، وتمزق حياتهم وأفكارهم ومشاعرهم.. إلا بالإسلام !

        ولم يكن للناس مخلص من الجاهلية فى تاريخهم كله.. إلا بالإسلام بمعناه الواسع الشامل.. الإسلام الذى جاء به نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم0

        وقد اكتمل ((الإسلام)) فى دين الله الأخير 00

((اليوم  أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتى، ورضيت لكم الإسلام دينا))([6])0

وهذا الإسلام – فى صورته الأخيرة المكتملة – هو العلاج الوحيد لكل جاهليات الأرض، ولهذه الجاهلية الحديثة على وجه التخصيص0

إن الإسلام هو الذى يعطى الوضع الصحيح لكل ما انحرفت به الجاهلية: فى التصور والسلوك. فى السياسة والاجتماع والاقتصاد .. فى الأخلاق والفن وعلاقات الجنسين .. وكل شىء فى حياة الإنسان00

وسنتتبع فى هذا الفصل مفاهيم الإسلام فى هذه الأمور، لنرى – بعد أن شهدنا الجاهلية الحديثة تفسد كل كيان الإنسان وحياته، وتشيع الخلل والاضطراب فى جميع شئونه – كيف يرد الإسلام الأمور إلى مكانها الحق، الواضح، المستقيم .. فتستقيم حياة الإنسان فى مجموعها، حين تستقر الكليات والجزئيات فى مكانها الصحيح0

انحرفت الجاهلية فى تصورها لله ، والكون والحياة والإنسان 00

ومن انحرافها فى هذه التصورات انحرفت فى سلوكها كله: فى السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق والفن 00

وسنرى كيف تستقيم هذه الأمور كلها حين يستقيم التصور فى فكر الإنسان وضميره.. لأن التصور هو الأصل الذى ينشأ عنه السلوك، فينحرف  بانحرافه أو يستقيم 00

ولقد استقام هذا التصور مرة فى حياة البشرية : على يد رسول الله r ، والأمة المسلمة التى رباها على عينه، والتى قال فيها خالقها : ((كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله))([7])..وعندئذ استقامت شئون الحياة كلها، فى جميع فروعها وميادينها.. وقامت أكبر حركة بعث فى التاريخ 00

وانطلقت الحركة المهتدية بمنهج الله، تنشر الهدى فى كل الأرض 00

وعلى الرغم مما أصاب المسلمين من انحراف تدريجى عن هذا المنهج، فقد ظلوا قبسا منيرا فى كل الأرض، يعلمون الناس ويهدونهم إلى سواء السبيل.. حتى انحسروا فى داخل أنفسهم، وكفوا عن الحركة والانطلاق.. وعندئذ انقضت عليهم الجاهلية الحديثة تغمرهم بظلامها البالغ فى الطغيان.. حتى خرجوا من دين الله واتبعوا خطوات الشيطان([8])00

ومهما يكن أمر ((المسلمين)) اليوم .. فالإسلام ليس مقيدا بهم ولا متوقفاً عليهم !

الإسلام نور الله لكل البشرية .. والباب المفتوح لكل بنى الإنسان00

((وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا([9]))) ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين))([10])0

* * *

        كل ما انحرفت به الجاهلية الحديثة يصححه الإسلام 00

        وقد كان الانحراف الأكبر الذى أنشأ الجاهلية كلها، وترتب عليه من فساد فى التصور والسلوك، وشقاء فى حياة الناس وقلق وحيرة واضطراب .. هو انحرافهم فى تصور حقيقة ((الإله))، ومن ثم انحرافهم عن عبادة الله، المتمثلة فى اتباع منهجه وحده فى الحياة0

        والإسلام يبدأ من هذه النقطة بالذات 000

        ولم يكن مصادفة ولا اعتباطاً، أن أنفق القرآن ثلاث عشرة سنة كاملة، فى تقرير قضية واحدة أصيلة : هى قضية الألوهية .. وقضية الاعتقاد 0

        لم يكن ذلك لأن العرب كانوا مغرقين فى الوثنية فحسب 00

        ولكن كان السبب – إلى جانب ذلك وقبل ذلك – أن هذه القضية هى محور ارتكاز الحياة البشرية كلها. لا يقوم لها بناء ولا تستقيم لها حياة إلا إذا استقامت هذه القضية فى نفوس الناس، ورسخت فى ضمائرهم، وصارت هى الأساس الذى يقوم عليه كل البناء 00

        ولقد رأينا من واقع الجاهلية الحديثة مصداق هذه الحقيقة. رأينا كيف انحرفت حياة الناس كلها لمجرد أن انحرفت فى نفوسهم قضية الألوهية، فتفرقت الألوهية، فتفرقت بهم السبل، وما عادوا يهتدون أو يستقرون أو يطمئنون0

        لذلك ظل القرآن المكى كله لا يقول للناس شيئاً سوى قضية الألوهية وقضية الاعتقاد0

        ثم لما نشأ المجتمع الإسلامى والدولة المسلمة فى المدينة، صار القرآن يتنزل بالتشريع والتوجيه، فى العبادات والمعاملات، والفروض المختلفة التى فرضت على الأمة المسلمة لتقوم برسالتها الكبرى للبشرية. ولكن قضية الألوهية وقضية الاعتقاد لم تتخل عن مكانها لتفسح الطريق لهذه التشريعات والتوجيهات، وإنما ظلت مصاحبة لها حتى آخر لحظة، بل ظلت هى الأساس الذى تقام عليه التشريعات والتوجيهات، فى الشعائر والمعاملات سواء([11])0

        وقد أعطى الإسلام الناس قضية واضحة فى شأن الألوهية والاعتقاد 00

        الله هو الخالق . والله هو المدبر. والله هو الرازق. والله هو المالك.. والله هو المسيطر . والله هو المبعود 00

        قضية غاية فى البساطة واليسر والوضوح 00

        لا تعقيدات فى طبيعة الألوهية ، ولا غبش فى قضية الاعتقاد 00

        إنه لا إله إلا الله .. لا إله فى الكون كله، فى السموات والأرض، إلا الله .. لا خالق غيره ولا مالك غيره ولا مدبر غيره .. ولا شريك له فى شىء من الملك أو الرزق أو الخلق أو التدبير 00

        ومن ثم فلا معبود غيره 00 ولا ينبغى لغيره أن يكون معبوداً فى كل الكون 00

        تلك القضية البسيطة اليسيرة الواضحة هى التى قام عليها الإسلام كله، وقامت عليها الأمة المسلمة، وقام عليها تاريخ الإسلام0

        وقد ترتب على الوهية الله – سبحانه – أن تكون له العبودية من كل الخلق : السموات والأرض ومن فيهن والإنسان0

        قضية أخرى بسيطة يسيرة واضحة .. فما دام هو الخالق وحده، والمالك وحده. والرازق وحده، والمسيطر وحده .. فمن ذا الذى يمكن أن يتجه له الخلق بالعبودية غيره . وكيف يتجهون بالعبودية إلى أحد غيره .. أو أحد معه ! ؟

        من 00 ؟

        الإنسان؟ ! وما الإنسان؟! أو ليس خلقا من خلق الله؟ الله هو الذى منحه القوة والتمكين، وسخر له ما فى السموات وما فى الأرض؟ هل هو – الإنسان – الذى خلق السموات والأرض وما فيهن؟ هل هو الذى وضع للكون قوانينه التى يسير عليها؟ وهل يملك أن يغير شيئاً من هذه النواميس لو أراد؟ هل يستطيع أن يمنح المادة خواص غير خواصها، أو ينشئها على غير قوانيها التى خلقها الله؟ فيكف إذن يكون معبوداً من دون الله، أو معبوداً مع الله؟!

        من 00؟

        الحتميات؟! وما تلك الحتميات؟! من الذى حتمها وأعطاها حتميتها على فرض أنها حقا حتميات؟! أو ليست هى قدر الله فى الكون والناس والأشياء؟ وهى حتمية بما فيها من قدر الله، وليست حتمية فى ذاتها إلا أن يشاء الله .. فكيف إذن تكون معبوداً من دون الله، أو معبوداً مع الله؟!

        من 00 ؟

        من ذا الذى يمكن أن يتوجه له الخلق بالعبودية إلا الله ؟

* * *

        ومن مقضتيات العبودية أن تكون الحاكمية لله وحده وأن يأخذ الناس تشريعهم عن الله 00


        ولقد جادلت فى هذا الأمر كل جاهلية فى تاريخ الناس !

        حتى الجاهليات التى كانت تقول: إنها ((تعرف)) الله .. حتى الجاهليات التى كانت تقول : إنها ((تعبد)) الله .. حتى الجاهليات التى كانت تظن أنها تؤدى العبادة الحقة لله .. كل الجاهليات كانت تجادل فى هذا الأمر، وتظن أن العبودية لله أمر يختلف عن الإقرار بالحاكمية لله وحده وأخذ التشريع عن الله دون سواه 00

        ((وما قدروا الله حق قدره))([12])0

        كيف يعبدون الله – فى زعمهم – ثم يأخذون نظام حياتهم عن غير الله ؟

        كان هذا يكون فرضاً معقولاً لو أن الله لم يشرع لهم. أو لو أنه قال لهم : شرعوا لأنفسكم من دونى !

        أما وقد شرع لهم، وقال لهم : أطيعوا شريعتى: ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون([13])))00 ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون))([14]) .. ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون))([15]) 00 ((وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك))([16]) فأنى يكون لهم أن يحكموا بغير ما أنزل الله؟

        لقد ركز القرآن على تقرير هذه القضية تركيزاً شديداً مكرراً واضحاً فى كل سور التشريع: أن قضية التشريع هى قضية الألوهية: الله – وحده – هو ((الإله)) ومن ثم فهو – وحده – صاحب التشريع. هذه من تلك. إفراد الله – سبحانه – بالألوهية، وهو كذلك – فى ذات الوقت – إفراده بالحاكمية. فما يكون لأحد أن يكون فى الأرض حاكما مع الله. وإلا فقد أشرك نفسه مع الله، وأصبح مشركا، ومن اتبعه مشركون([17])0

        ولقد ضلت الجاهلية ضلالتها الكبرى حين فصلت ((الشريعة)) عن ((العقيدة)) حين فصلت ((الحاكمية)) عن ((الألوهية))0

        ثم ترتب على ذلك كل ما ترتب من طغيان فى حياة الناس0

        وليس هناك نتيجة غير هذه النتيجة !

        إنه حين يشرع أحد للناس غير الله، فقد اتخذ من نفسه إذن ((إلها)) ، يحلل ويحرم، وقد اتخذ من نفسه إذن ((طاغوتا)) .. فالطاغوت هو كل حكم غير حكم الله. وهو ((هوى)) فى جميع حالاته. هولاى الفرد أو الطبقة أو الجماعة أو الأمة الحاكمة.. ولقد رأينا – من واقع الجاهلية الحديثة – كيف صار الطاغوت حين صار إليه حكم الناس، وحين رضى الناس بالعبودية له من دون الله.. أى حين سمحوا له أن يشرع لهم من دون الله .. كيف صارت الأمور إلى عبودية من الناس وذلة. وتجبر من الطاغوت وطغيان0

        وليس هناك نتيجة غير هذه النتيجة! فى ((الديمقراطية)) المزعومة، وفى الدكتاتورية سواء!([18])0

* * *

        وإذ يعطى الإسلام التصور الصحيح للألوهية وللحاكمية .. يبسط هذا التصور فيشمل الكون والحياة والإنسان0


        إن الكون ليس إلهاً : وليس كذلك مخلوقاً بلا غاية ولا تدبير 0


        إنه لا يعبد فى ذاته. ولا يستمد من ذاته حتمية حتى لنفسه.. وإنما يستمد وجوده وحتميات وجوده من الله 0

        الله هو الذى خلقه، ومن ثم فهو ذاته عابد لله .. يسير بمقتضى سنته، ويهتدى بهداه0

        ((ثم استوى إلى السماء وهى دخان، فقال لها وللأرض: أئتيا طوعا أو كرها، قالتا: أتينا طائعين([19]) )) 0

        ثم إن الكون لم يخلق عبثا، ولا باطلا .. وإنما خلق ((بالحق)) 0

        ((ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ([20])0

        ((وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ([21])0

        ((إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب. الذين يذكرون اله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم، ويتفكرون فى خلق السموات فى خلق السموات والأرض: ربنا ما خلقت هذا باطلا .. سبحانك([22])))0

        ولقد لا يدرك الإنسان – بعقله – مدى هذا ((الحق)) الذى خلقت به السموات والأرض، ولا أبعاده العميقة فى الكون.. ولكن ما يعجز العقل عن إدراكه تتكفل به الروح. الروح المهتدية إلى الله. فهى – فى تجاوبها مع الكون، وإحساسها بالمشاركة الحية له، المشاركة فى العبادة، والمشاركة فى التوجه إلى الله الخالق، والمشاركة فى الصدور عن الله الواحد – تدرك فى لمحة ما خلق به الكون من الحق، وعمق هذا الحق فى السموات والأرض، وأبعاده العميقة فى بنية الكون0

        وكلما اتسعت ((معلومات)) الإنسان زاد علمه بهذه الأبعاد والآماد .. ولكنها تظل قاصرة عن الإحاطة ((بالحق)) الأعظم فهى معلومات تتصل بظواهر الأشياء .. وستظل الروح هى الموكلة بذلك الحق الأعظم الذى خلق به الله الكون والحياة والإنسان0

* * *

        والحياة ليست عبثا 00


        (( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا؟ وأنكم إلينا لا ترجعون؟([23]) "

        إن الإسلام لا يقطع الصورة من اكتمالها، ويعرضها مجزأة مشطورة، فتبدو مشوهة عابثة هازلة 0

        إنه يرسمها مكتملة.. بشطريها .. فتتبدى فى الحال جديتها وغائيتها وتنزهها عن اللهو العبث والباطل0

        الحياة الدنيا – وحدها – ليست هى الحياة. وليس ما يقع فيها هو نهاية الصورة ولا نهاية حداث. وإلا فهى باطل وقبض الريح !

        وإنما الحياة الدنيا هى ((المقدمة)) التى تترتب عليها ((النتيجة)) . والدار الآخرة هى التكملة والنتيجة. وهى لذلك ((الحياة )) الحقة0

        ((وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون([24])))0

        الحياة الدنيا هى المكان والزمان المخصصان ((للابتلاء))والحياة الآخرة هى المكان والزمان المخصصان ((للجزاء))0

        ((إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً))([25])0

        ((ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون))([26])0

        ((الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً))([27])0

        ((وخلق الله السموات والأرض بالحق. ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون([28])))

        ((كل نفس ذائقة الموت. وإنما توفون أجوركم يوم القيامة))([29])0

        وبذلك تكتمل الصورة فى التصور. ويطمئن القلب البشرى كذلك ويستقر 0

        فحين يعرف الإنسان أن هذه الحياة ليست نهاية الصورة ولا نهاية الأحداث تعتدل حياته كلها فى آن :

        فمن ناحية لا يتلهف اللهفة المجنونة على متاع الأرض. اللهفة التى تتملك القلب البشرى – لا محالة – حين يستقر فى أعماقه أنها فرصة واحدة – ذاهبة – لا تتكرر . إما أن تهتبل وإما أن تضيع. ويترتب على ذلك صراع مجنون على ((تملك)) المتاع 0

        ومن ناحية أخرى لا يدركه اليأس القاتل والشقاء المميت الذى يتملك القلب البشرى حين يرى مظالم الأرض وانحرافاتها. واضطراباتها وعذاباتها، التى لا حيلة له فيها – مهما حاول وصارع واستيأس فى الصراع – ثم يحس أنها النهاية الأخيرة، وليس وراءها تصحيح للأوضاع الفاسدة. ولا رد للمظالم الجائرة، ولا تعويض عن الشقاء الذى لم يستطع دفعه ولا تقاءه، ورغم المحاولة والاستبسال، فى الفترة المعطاة له من الحياة.

        ومن ناحية لا يفسد ضميره، ولا إيمانه بالحق والعدل الأزليين .. فلا ينحرف فى سلوكه وأخلاقه: يظلم ويتقبل الظلم؛ ويبرر الوسيلة بالغاية، ثم لا يتحرى نظافة الغاية ولا نظافة الوسيلة00

        ومن ناحية ((يخشى)) الله ويتقيه، ما دام لابد ملاقيه.. فيعمل حساب هذا اللقاء، بالتطهر والنظافة واتقاء الفساد 00

        من أجل ذلك يركز الإسلام تركيزاً شديداً على القلب البشرى بذكر الآخرة، وتصويرها، وتجسيم مشاهدها، وإبرازها، ووصلها بالحياة الدنيا، وتوحيد الطريق من الدنيا إلى الآخرة، وترتيب هذه على تلك.. لأن هذا هو ((المفتاح)) الذى يضبط الوتر على ضبطه الصحيح، فلا تصدر عنه النغمة النشاز 0

* * *

        ثم يجئ دور الإنسان 00


        والإسلام يقدمه فى أروع صورة وابدعها00

        إن الإنسان ليس إلهاً .. وما هو كذلك بالحيوان .. ولا بالشيطان ! 00 وإنما هو ((إنسان))!

        إنه خلق من خلق الله .. ولكنه فريد مميز، كريم رفيع القدر .. إنه خليفة الله!

        وبينهما تخبطت الجاهلية الحديثة تخبطات شتى، فجعلت من الإنسان إلهاً، ثم جعلت منه فى ذات الوقت حيواناً، ثم جعلته فى النهاية عبداً سلبياً خانعاً لا حول له ولا طول بإزاء آلهة المادة والاقتصاد 00 آلهة ((الحتميات))0

        (( وإذ قال ربك للملائكة : إنى جاعل فى الأرض خليفة ))([30])0

        ((إذ قال ربك للملائكة : إنى خالق بشراً من طين، فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين))([31])0

        ((ولقد كرمنا بنى آدم، وحملناهم فى البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً))([32])0

        ((وصوركم فأحسن صوركم))([33])000

* * *

        إن الإسلام لا يمرغ الإنسان فى الوحل كما مرغته الجاهلية الحديثة 00


        نعم ، لقد أشار إلى (حقارة) منشئه كما أشارت الداروينية :

        ((ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون))([34])0

        ((ألم نخلقكم من ماء مهين؟ ([35])0

        وليس بعد ذلك حقارة فى المنشأ .. الطين المتعفن بالماء المهين .. ولكن؟!

        ما الإيحاء الذى يعطيه التوجيه الإيمانى؟

        إنه لا يدلى بتلك الحقائق – وهى حقائق نهائية قاطعة لأنها من المصدر الأوحد الذى يعلم المور على اليقين – لا يدلى بتلك الحقائق ليوحى بحقارة الإنسان، أو ضآلة قدره، أو ضآلة دوره فى الحياة، مما أوحت به الداروينية إلى أتباعها الذين صاغوا كل التفسيرات الحيوانية للإنسان.. إنما يردف ذلك بالحقائق الأخرى المكملة لها، حقائق التفضيل وحسن التصوير والاختيار للأمانة الكبرى: أمانة الخلافة عن الله، فيتحقق بهذا التوجيه أمران فى وقت واحد : عظمة الخالق ورفعة الإنسان. وتعمل هاتان الحقيقتان معاً لربط الكائن الإنسان بالله، ورفعه إلى المستوى الكريم اللائق بخليفة الله، وصيانته فى ذات الوقت من الغرور المردى والتمرد الذميم0

        الإنسان فى تصوير الإسلام هو ذلك الكائن المزدوج الطبيعة، المكون من قبضة من طين الأرض ونفخة من روح الله، ممتزجتين مترابطتين غير منفصلتين. ومن ثم لا يكون قبضة طين خالصة فيهبط كالجماد أو الحيوان، ولا نفخة روح خالصة فيؤله أو يتأله! إنما هو مزاج من الطين ونفخة الروح، يكونان هذا الكيان المتفرد فى كل الخلق، المتميز عن كل الخلق .. كيان ((الإنسان))0

        وهذا الكيان المتفرد قادر على الارتفاع قدرته على الهبوط 0

        ((ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها))([36])0

        ((وهديناه النجدين))([37])0

        ((إنا هديناه السبيل، إما شاكراً وإما كفوراً))([38])0

        وفى هذه الخاصية يكمن الابتلاء والجزاء 00 فبمقتضى قدرته على الهبوط والرفعة، وإرادة الممنوحة له ليختار بها – فى كل لحظة وفى كل حالة – بين الهبوط والرفعة، بمقتضى ذلك يترك فى الأرض ليعمل، ثم يجازى على عمله يوم الجزاء0

* * *

        ثم إنه كيان موهوب 00


        فحين خلقه الله للخلافة وهب له أدواتها :

        ((وعلم آدم الأسماء كلها 00 )([39])0

        ((وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة))([40])0

        وبهذه المواهب يقوم بعمارة الأرض، ويكلف بالخلافة، ويتفرد بحمل الأمانة :

        ((إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان 000))([41])0

        ومن مقتضى ذلك كله أن يكون عنصراً فعالاً فى الأرض، لا كماً مهملاً تتحكم فيه ((الحتميات)) وهو أمامها خاضع ذليل. إنما يعمل قدر الله فى الأرض خلال حركة الإنسان وعمله:

        ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))([42])0

        ((ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض))([43])     

        ثم يجعل الله الكون كله مسخرا للإنسان، والإنسان هو القوة الموجبة بالنسبة إليه:

        ((وسخر لكم ما فى  السموات وما فى الأرض جمعياً منه))([44])

        وحين يرفع التصور الإسلامى الإنسان إلى هذا المدى الهائل الرفيع.. فإنه لا يجعله خصماً لله يصارعه ويبغضه .. وإنما يحبه ويخشاه !

        إن موهبة الله للإنسان لا تستدعى- بداهة- إلا الشكر والعرفان! فالإنسان لم يمنح نفسه هذه المزايا، ولا جعل نفسه خليفة الله، ولا خلق نفسه ابتداء! وكان فى استطاعة الله – لو أراد – سبحانه – ألا يخلقه أصلا. ولا يعطيه هذه المواهب أصلاً . ومن ثم فالرد على هذه العطايا هو الشكر، والتعبد، وليس البغضاء والصراع كما صورت الجاهلية اليونانية العلاقة بين البشر والآلهة، وألقت ظلالها طويلة عميقة على جاهلية القرن العشرين، فى تصورها للعلاقة بين الإنسان والله0

* * *

        والإنسان فى نظر الإسلام – كما هو فى حقيقة فطرته – كائن مترابط . فلا انفصال بين عنصر الطين وعنصر الروح فيه.  ليس جسداً خالصاً ولا روحاً خالصة. ولا انفصال بين شعوره وسلوكه. ولا عمله وأخلاقه. ولا مثله وواقعه. ولا عقيدته وشريعته. ولا دنياه وآخرته00

        كلها مزاج واحد، وحسبة واحدة !

        جسمه وروحه وحدة: جسمية روحية فى آن 0

        وشعوره وسلوكه وحدة : شعورية سلوكية معاً فى ذات الوقت0

        وعمله وأخلاقه وحدة: عملية خلقية بلا انفصال 0

        وعقيدته وشريعته شىء واحد هو ((الدين)) 0

        ودنياه وآخرته جزآن متكاملان من حياة واحدة متصلة ليس فى داخلها انقطاع0

وهو كائن متوازن – أو ينبغى أن يتوازن 0

لا الجسد يغلب فيه على الروح 0   

لا الواقع على الخيال 00

لا نزعته الفردية على نزعته الجماعية 00

لا نزعته السلبية على نزعته الإيجابية 00

لا ثقلته نحو الأرض ولا رفرفته للسماء00

ومن هذا الكيان المتوازن يتوازن الفرد والمجتمع، والتصور والسلوك 00

* * *

        حين يستقيم هذا التصور الواضح المضئ فى ضمير الإنسان.. تستقيم حياته كلها على الأرض0

        ولقد استقام هذا التصور فى نفس محمد بن عبد اللهr ، والأمة المسلمة التى رباها على عينه، فحدثت معجزات فى الأرض لا مثيل لها فى التاريخ:

        تجمعت القبائل الجاهلية فصارت أمة مسلمة 00

        وتركت النفوس الجاهلية إلفها وعاداتها، وعرفها وسلوكها، ولذائذها المنحرفة وشهواتها، وأساطيرها وخرافاتها.. واستوت على الصراط.. نفوساً جديدة أنشأها الإسلام إنشاء كأنما ولدت اللحظة.. على المولد الجديد ((للإنسان)) كله .. المولد الحقيقى فى ظل الله0

        وقامت هذه النفوس المسلمة تنشئ واقعها إنشاء على نمط غير مسبوق .. ولا ملحوق. نمط ليس من وحى هذه البيئة، ولا من عاداتها ولا من عرفها ولا من سلوكها الجاهلى. وليس من وحى ((ضرورة)) من كل ضرورات الأرض 00

        قامت تحرر ((الإنسان)) من الطاغوت .. لغير سبب بيئ ولا دنيوى يدفعها إلى هذا التحرير!

        فما الذى تغير فى غضون هذه السنوات؟

        هل جد جديد فى حياة الناس .. غير الإسلام؟

        هل جد جديد يمنح الناس صفاء التصور للألوهية .. وهذه البشرية – فى غير الإسلام – ما تزال تتخبط فى تصور الألوهية حتى القرن العشرين ؟!

        هل جد جديد يمنح الناس التحرر من العبودية للناس .. وهذه البشرية – فى غير الإسلام – ما تزال يعبد بعضها بعضاً ، بالخضوع لبشر من البشر يشرع لهم حسب هواه، ويلزمهم بما يرتئيه هواه .. فيخرون سجداً منفذين ، بسطوة ((الدولة)) وإرهاب ((القانون))ن فى دكتاتورية رأس المال ودكتاتورية البروليتاريا على السواء ؟!

        هل جد جديد يمنح التحرر من العبودية لشهواتهم.. وهذه البشرية – فى غير الإسلام- ما تزال تستعبد لشهواتها، بل تزيد استعباداً لهذه الشهوات كلما انحرفت عن منهج الله وهداه؟!

        هل جد جديد يصحح وضع ((الإنسان)) من الكون.. وهذه البشرية – فى غير الإسلام – ما تزال تتخبط فى وضع الإنسان .. فتارة تمنحه ألوهية زائفة لا رصيد لها من الواقع إلا الغرور الأجوف، وتارة تضعه فى موضع العبودية الذليلة من هذا الكون : تتناوشه الحتميات الآلهة فتمرغ وجهه فى الوحل، وهو صابر ذليل مستخذ للسلطان الباطل، لا يملك نفسه من هذا السلطان؟!

        هل جد جديد يصحح أخلاق الإنسان .. وهذه البشرية – فى غير الإسلام – ما تزال تتخبط فى أخلاقها، فتجعلها أخلاقاً ((خصوصية)) تارة – للبيض فقط !! – وأخلاقاً نفعية تارة.. ثم تظل تتدهور على الدوام ؟!

        هل جد جديد يصحح وضع الفرد من المجتمع، والمجتمع من الفرد.. وهذه البشرية – فى غير الإسلام – ما تزال تتخبط من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فتفتت المجتمع لحساب الفرد مرة، وتسحق الفرد لحساب المجتمع مرات؟!

        هل جد جديد يصحح علاقات الجنسين .. وهذه البشرية – فى غير الإسلام – ما تزال تجعل علاقات الجنسين متاعاً حيوانياً مسعوراً لا يسكن أو يهدأ .. وتبدد فى هذا طاقات الإنسان؟!

        هل جد جديد يمنع الحاكم – فرداً أو طبقة أو شعباً – من أن يحكم بهواه ويحكم بالطغيان .. وهذه البشرية  - فى غير الإسلام – ما تزال يحكمها الطاغوت بأهوائه فى ظل ((الديمقراطيات)) الزائفة أو الدكتاتوريات سواء ؟!

        ماذا جد فى غضون تلك السنوات؟

        لا شىء.. سوى استقامة التصور، ينشأ عنها استقامة السلوك واستقامة الحياة!

* * *

         قامت الأمة المسلمة التى رباها على عينه محمد بن عبد الله r تنشئ واقعها إنشاء .. وحى الإسلام 00

        قامت تنشئ استقامة عجيبة فى سلوك الناس 0

        فيها ضعف البشر الفطرى. نعم. ما زال الناس على بشريتهم! ولكنهم يستقيمون إلى أقصى ما تتيحه الطاقة البشرية .. وهى تقدر – فى ظل الإسلام الحق – على كثير 0

        قامت تنشئ ترابطاً عجيباً بين الناس 00

        فيه ضعف البشر الفطرى . نعم. كل إنسان يحب لنفسه الخير : ((وإنه لحب الخير لشديد))([45]) ولكن هؤلاء الناس استطاعوا أن تصفوا نفوسهم بعضهم لبعض بدرجة لا مثيل لها فى التاريخ: ((يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة))([46]) ((إنما المؤمنون أخوة))([47]) ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض))([48])

        قامت تنشئ شعوراً ((إنسانياً)) نحو الناس كافة. ((ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا . اعدلوا هو أقرب للتقوى))([49]). ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم))([50]). ((ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا 000))([51])0

        قامت تنشئ مجتمعاً يتوازن فيه الفرد والمجتمع.. الفرد له كيانه البارز، المتحرر من الطغيان، الإيجابى المحسوس الوزن، المكلف – بفرديته – بالرقابة على الحاكم والمجتمع، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. والمجتمع – المترابط – له كيانه فى توجيه الأفراد، وصوغ نفوسهم وأفكارهم على الحق، وصيانة حرمات الله 0

        قامت تنشئ اقتصاداً تتوازن فيه المغارم والمغانم، ويقوم على التكافل بين المالكين وغير المالكين، أمة واحدة بعضها مسئول عن بعض، والكل شركاء فى الخير، لا تستبد فئة قليلة بالمال: ((كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم))([52]) ولا يبقى فى المجتمع محروم، فالدولة – بيت الدولة – مسئول عن الجميع0

        قامت تنشئ ((أخلاقا)) عجيبة فى تاريخ الأرض .. فى كل أمر من الأمور 0

        السياسة تقوم على الأخلاق .. بين الحاكم والمحكومين فى داخل الأمة المسلمة. وبين الأمة المسلمة ومن عداها، فى الوفاء بالعهد وحفظ المواثيق.. وعلاقات المجتمع تقوم على الأخلاق. والاقتصاد يقوم على الأخلاق، فى التعامل الفردى والجماعى. وعلاقات الجنسين تقوم على الأخلاق، بدرجة من النظافة لم يشهدها التاريخ0

        .. ومن ثم انطلقت هذه الأمة تنشئ بناء راسخاً، يكفى من رسوخه أنه لم يتهدم فى أكثر من ألف عام، عملت فيها كل وسائل الهدم، من الداخل والخارج، وبيد جميع الأعداء !

* * *

ولم يكن واقع المجتمع الإسلامى – فى داخل الجزيرة العربية – هو العجيبة الوحيدة فى هذا الدين 00

فقد انساحت الأمة المسلمة فى الأرض، تبشر بدين الله وتقيم قواعد عدله فى كل مكان حلت فيه .. فوصلت فى نصف قرن من المحيط إلى المحيط، بسرعة ما تزال تذهل الباحثين حتى اليوم، بالمقارنة إلى أية حركة أخرى فى التاريخ !

وأنشأت من ذلك المدى الواسع من الأرض والأمم والشعوب .. أمة واحدة!

لقد قامت ((امبراطوريات)) كثيرة فى التاريخ .. الإمبراطورية الرومانية، والإمبراطورية الفارسية. والامبراطورية الهندية. والامبراطورية الصينية.. وفى العصر الحديث قامت الإمبراطورية البريطانية والروسية 000إلخ 0

ولكن الأمر فى الإسلام لم يكن أمر ((إمبراطورية))!

فكل هذه الامبراطوريات قامت ثم انهدمت وهى عاجزة عن أن تجعل من الأمم والشعوب أمة واحدة على الرغم من كل المحاولات التى تبذلها. أما ((العالم)) الإسلامى فقد صار أمة واحدة بغير ضغط ولا محاولة من الحاكمين!!

والسبب بسيط 0

هذه الإمبراطوريات تحاول أن تخضع الشعوب لنفسها .. ومن ثم تحس الشعوب الأخرى أنها مغلوبة على أمرها، وأنها تفقد صبغتها الخاصة لحساب الدولة الأم، أو الدولة المسيطرة على قطيع الشعوب 0

والأمة المسلمة فى مجموعها كانت خاضعة لله! ومن ثم أحست أنه لا غالب ولا مغلوب! واحتفظت – كما شاءت – بصبغاتها الخاصة، طالما لم تتعارض مع الإسلام .. وارتبطت كلها فى شعور واحد : ارتبطت فى عقيدتها لله. ومن أجل ذلك ما زال يربطها شعور الأمة الواحدة رغم كل المحاولات الجبارة التى بذلت وتبذل لتفتيت هذه الأمة بكل سبيل وكل شعار 00


[1] سورة النمل (65)0

[2] سورة لقمان (34)0

[3] سورة الأحزاب (62)0

[4] سورة الرعد (11)0

[5] سورة آل عمران (19)0

[6] سورة المائدة (3) 0

[7] سورة آل عمران (110) 0

[8] أنظر كتاب ((هل نحن مسلمون؟))0

[9] سورة سبأ (28) 0

[10] سورة الأنبياء (107) 0

[11] راجع ((فى ظلال القرآن)) تفسير سورة : ((المائدة))و ((الأنعام)) و ((الأعراف)) ج6،7،8 0

[12] سورة الأنعام (91) 0

[13] سورة المائدة (44) 0

[14] سورة المائدة (45)

[15] سورة المائدة (47)

[16] سورة المائدة (49)

[17] راجع ظلال القرآن ج6 -8

[18] راجع الفصل السابق ، باب (فى السياسة)0

[19] سورة فصلت (11)0

[20] سورة الروم (8)0

[21] سورة ص (27)0

[22] سورة آل عمران (190 – 191)

[23] سورة المؤمنون (115) 0

[24] سورة العنكبوت (64)0

[25] سورة الكهف (7) 0

[26] سورة الأنبياء (35)

[27] سورة الملك (2) 0

[28] سورة الجاثية (22)

[29] سورة آل عمران (185)

[30] سورة البقرة (30) 0

[31] سورة ص (71 – 72)

[32] سورة الإسراء (70) 0

[33] سورة التغابن (3) 0

[34] سورة الحجر (26)

[35] سورة المرسلات (20)0

[36] سورة الشمس (7-10) 0

[37] سورة البلد (10) 0

[38] سورة الإنسان (3)0

[39] سورة البقرة (31) 0

[40] سورة النحل (78)

[41] سورة الأحزاب (72) 0

[42] سورة الرعد (11) 0

[43] سورة البقرة (251)0

[44] سورة الجاثية (13)0

[45] سورة العاديات (8)

[46] سورة الحشر (9) 0

[47] سورة الحجرات (10)0

[48] سورة التوبة (71)0

[49] سورة المائدة (8)

[50] سورة لممتحنة (8)

[51] سورة المائدة (2)

[52] سورة الحشر (7) 0


Previous Post Next Post